يخوض اليمنيون حرباً أخرى بالإضافة إلى الحرب التي تكتوي بنارها بلادهم منذ أكثر من عامين؛ حيث يواجهون سيلاً جارفاً من البضائع والسلع المنتهية الصلاحية، التي تخالف معايير الجودة والسلامة وقانون حماية المستهلك الصادر سنة 2008.
تحت سلطة مليشيا الحوثيين في أسواق صنعاء وشوارعها تنتشر بضائع بعضها من ماركات بارزة، بأسعار زهيدة، لإغراء المواطن المنهك مالياً ومعيشياً، الذي يبحث عن أقل الأسعار، خاصة أن فحص تاريخ الصلاحية يُظهر متسعاً كبيراً من الزمن لانتهائها.
عمليات منظمة
وليد الصنعاني، الذي يعمل مديراً لأحد المجمعات التجارية في صنعاء، كشف لـ “الخليج أونلاين” عن عمليات منظمة ورائجة لبعض التجار في تزوير تواريخ الإنتاج والانتهاء؛ لامتلاكهم مكائن خاصة تساعدهم في الغش وخداع الزبائن.
وأضاف: “بعض التجار لا يقبلون في أن يتخلّصوا من البضائع المنتهية الصلاحية، وتحمّل قيمتها المالية، بل يمارسون غشاً على مرأى ومسمع من الجهات المعنية لتمرير بضاعتهم الفاسدة”.
وتابع: “للأسف ينجحون في غش الزبائن الذين لا يتوقعون هذه الآلية في الغش، بالرغم من أن فساد بعض البضائع سببه سوء التخزين أو عدم بيع الأقدم فالأحدث”.
غياب لافت
في السنوات الماضية، قبل سيطرة الانقلابيين على بعض مفاصل الدولة، كانت الجمعية اليمنية لحماية المستهلك، وهي منظمة غير حكومية، تؤدي دوراً بارزاً في الكشف عن البضائع والمنتجات المخالفة التي تضر بالمستهلك اليمني، لكن السنوات الأخيرة سجلت تراجعاً لافتاً للمنظمة، التي تأسست عام 1997، حيث إن موقعها الإلكتروني لم يسجل خلال العام 2017 سوى بلاغين للرأي العام ووسائل الإعلام، أحدهما بشأن سفينة محمّلة بقمح فاسد.
وما يؤكد أن وضع المستهلك اليمني “كارثي” بامتياز، الحالة التي سُجلت خلال شهر أبريل الماضي، التي كان الجاني فيها برنامج الغذاء العالمي، الذي استورد على متن الباخرة أمبيرال 32 ألف طن متري من القمح الأمريكي منتهي الصلاحية.
وكُشفت عملية الفساد في أثناء تفريغ جزء من حمولة الباخرة بميناء عدن، وكان مقرراً توزيعها بين محافظتي عدن والحديدة، بكمية تبلغ 20 ألف طن لعدن، و12 ألف طن للحديدة.
وأظهرت صور متداولة تعفن كمية القمح على ظهر الباخرة، وأنها غير صالحة للاستهلاك، ولم يتضح بعد؛ هل كان برنامج الغذاء على علم بذلك أم أن الشركة المتعاقد معها هي من أفرغت القمح وعبأته مع علمها أن القمح منتهي الصلاحية ومتعفن؟
حماية المستهلك
وبرغم ذلك، أكد مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الصناعة والتجارة بصنعاء، حسن عصيوران، أن الوزارة تؤدي دوراً في حماية المستهلك اليمني من البضائع والسلع الفاسدة والمنتهية الصلاحية، موضحاً لـ “الخليج أونلاين” أن الوزارة تصادر هذه البضائع، وتحيلها للنيابة العامة، والنيابة بدورها، من خلال مشرفها، تعمد إلى حرقها وإتلافها.
وأوضح أنهم في إدارة حماية المستهلك يتحركون في حال وصل إليهم أي بلاغ عن أي جهة متورطة، حيث يعملون على تدقيق البضائع ومصادرتها وإحالة الموضوع للنيابة.
وأشار عصيوران إلى أن هناك لجنة خاصة بحماية المستهلك في كل محافظة، برئاسة وزارة الصناعة والتجارة وعضوية الجهات المعنية.
وعن عدد الحالات التي جرى ضبطها من قبلهم، ذكر مدير إدارة حماية المستهلك أنه لا توجد أرقام دقيقة حول المخالفات المرصودة، لكنهم حالياً يتابعون حالة انتحال إحدى الماركات من قبل مقلد تجاه الوكيل المعتمد لهذه الماركة، لافتاً الانتباه إلى أن القضية في مكتب أمانة العاصمة.
إجراءات ومسؤولية
وفيما يخص الإجراءات المتخذة بحق التجار المخالفين قال عصيوران، إنه تجري مصادرة البضائع ثم تتلف إذا كانت منتهية أو مخالفة للمواصفات، وتفرض غرامة مالية تختلف باختلاف كمية ونوعية المخالفة، مشيراً إلى أن هناك مخالفات تصل عقوبتها إلى السجن، وفقاً لما تحدده اللجنة المعنية.
وبشأن المكائن الموجودة في المعامل والمتاجر، حمّل عصيوران هيئة المواصفات والمقاييس المسؤولية؛ “كون المعامل والمتاجر منشآت صناعية فهي مخولة بدخولها للتأكد من جودة المنتجات التي تباع في الأسواق، ومن ثم ينبغي عليها أن تتخذ الإجراءات القانونية حال وجدت مخالفات”.
واستدرك بالقول: “هناك تنسيق مع هيئة المواصفات والمقاييس اليمنية، التي يشغل وزير التجارة والصناعة منصب رئيس مجلس إدارتها”.
ويعاني اليمنيون أوضاعاً معيشية صعبة من جراء الحرب؛ حيث تشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن نحو 81% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فضلاً عن تزايد معدلات سوء التغذية لدى الأطفال، وانتشار الأوبئة، في ظل عدم كفاية المساعدات الإنسانية الدولية.
*الخليج اون لاين