فجّر ما يسمى بالمجلس الإنتقالي الجنوبي المسيّر إماراتياً، قنبلة من العيار الثقيل، معلناً التفرد بحكم المحافظات اليمنية الجنوبية، وإكمال الانقلاب العسكري الذي كان قد نفذه في أغسطس من العام الماضي، وأفضى إلى إخراج الحكومة اليمنية المعترف بعها دولياً من العاصمة المؤقتة عدن.
وكان الإنقلاب العسكري الذي نفذه المجلس بإيعاز من الإمارات قد تم تعليق إتمامه بشكل كامل بعد أن تدخلت السعودية ومنعت معركة لحسم القتال بين الحكومة اليمنية ومجلس الإنفصال على تخوم عدن في أواخر أغسطس الماضي، تلاه رعاية السعودية لاتفاق شراكة وقع عليه الطرفان في 5 نوفمبر الماضي، لكنه لم يطبق على الأرض.
وعقد المجلس الانتقالي منتصف ليلة السبت الأحد اجتماعاً لهيئة رئاسته وبحضور قيادات جيش الإنفصال، وخرج بجملة من القرارات التصعيدية، كان أهمها “إعلان الإدارة الذاتية للجنوب، وإعلان حالة الطوارئ في عدن”، بحسب بيان نشر على الموقع الإلكتروني للمجلس.
وشملت الخطوات التصعيدية الأخرى بحسب البيان “تشكيل لجان رقابة على أداء المؤسسات والمرافق العامة ومكافحة الفساد بالهيئات المركزية والمحلية، وتكليف لجان المجلس الانتقالي الاقتصادية والقانونية والعسكرية والأمنية، بتوجيه عمل الهيئات والمؤسسات والمرافق العامة لتنفيذ الإدارة الذاتية للجنوب”.
واختتم البيان بدعوة التحالف العربي لمخرجات الاجتماع ومساندة اجراءات الإدارة الذاتية التي تم إقرارها.
وقال مراقبون إن الخطوة تشكل “التصعيد الأخطر” للمجلس الانتقالي منذ انقلاب اغسطس، وتفتح من جديد باب الصراع الدموي على مصراعيه بين الإنتقالي والشرعية بعد أشهر من الهدوء النسبي في وتيرة العمليات القتالية.
* الحكومة تندد وتحذر
أولى ردود الأفعال على التصعيد الجديد جاءت من الحكومة اليمنية التي نددت بما جاء في البيان، مؤكدة أن إعلان الحكم الذاتي “استمرار للتمرد المسلح في أغسطس الماضي وانسحاب تام من اتفاق الرياض”.
وقالت وزارة الخارجية في تغريدات على تويتر: ” يأبى ما سمي بالمجلس الانتقالي تحكيم العقل وتنفيذ ما عليه وفقا لاتفاق الرياض ومراعاة الحالة الكارثية التي تمر بها العاصمة المؤقتة عدن.
#الحضرمي: يأبى ما سمي بالمجلس الانتقالي تحكيم العقل وتنفيذ ما عليه وفقا لاتفاق الرياض ومراعاة الحالة الكارثية التي تمر بها العاصمة المؤقتة عدن، ويصر على الهروب وتغطية فشله بإعلان استمرار تمرده المسلح على الدولة.
— وزارة خارجية الجمهورية اليمنية (@yemen_mofa) April 25, 2020
وحملت الانتقالي ما وصفتها بـ “التبعات الخطيرة لإعلان التمرد”.
#الحضرمي: إن اعلان ما يسمى بالمجلس الانتقالي عزمه القيام بما اسماه إدارة الجنوب ما هو الا استمرار للتمرد المسلح في اغسطس الماضي وإعلان رفض وانسحاب تام من اتفاق الرياض. ويتحمل ما يسمى بالمجلس الانتقالي وحده التبعات الخطيرة والكارثية لهكذا إعلان.
— وزارة خارجية الجمهورية اليمنية (@yemen_mofa) April 25, 2020
* محاولة للقفز من غضب شعبي
ويرى محللون سياسيون وناشطون على منصات التواصل الاجتماعي أن المجلس الانتقالي يحاول – عبر التمرد الجديد – القفز على المأساة العميقة التي تعيشها عدن منذ سيطرته عليها، والتي أفضت في اليومين الأخيرين إلى خروج احتجاجات شعبية واسعة في عدن، ورفعت شعارات تطالب برحيل الانتقالي بعد أن وصلت معه عدن وسكانها إلى وضع كارثي غير مسبوق.
وأكدت الحكومة اليمنية على هذا الطرح بالقول أن الانتقالي “يصر على الهروب وتغطية فشله بإعلان استمرار تمرده المسلح على الدولة”.
وفي ذات السياق قال الصحفي أحمد ماهر إن المجلس الإنتقالي خرج بهذا الإعلان في محاولة فاشلة لقمع الثورة التي تتسع ضده في عدن ومدن الجنوب اليمني.
وأشار إلى أن الانتقالي سيتحرك لقمع الاحتجاجات عبر أجهزته الأمنية والعسكرية، مؤكداً بأن كل محاولاته لن تفلح في وقف طوفان الاجتجاجات.
أبناء عدن خرجوا بمظاهرات حاشدة ضد الانتقالي المتحكم بالعاصمة عدن وتردي الخدمات.
ولكي يستطيع الانتقالي إيقاف الشعب أعلن حالة الطوارئ وخرجت مليشياته المسلحة لقمع احتجاجات أبناء عدن بقوة السلاح.
أبناء عدن اخرجوا الحوثيين ويستطيعون الوقوف ضد مليشيات الانتقالي ولن نخاف منكم أبدا.— أحمد ماهر (@Ahmed_maher_MM) April 25, 2020
-
انقلاب على اتفاق الرياض
من جهته قال المحامي والقيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي العام، محمد المسوري، إن إعلان التمرد الجديد يمثل انقلاباً مكتمل الأركان على اتفاق الرياض وعلى التحالف والشرعية.
وأوضح بأن التمرد الجديد قد كشف الوجه الحقيقي للانتقالي وأكد بأنه هو المعرقل الحقيقي للسلام ولتطبيق اتفاق الرياض خلال الفترة السابقة.
https://twitter.com/MohAlmaswari/status/1254161383433830402
ووصف الإعلامي اليمني عمر عبدالعزيز الخطوات التصعيدية للانفصاليين في عدن بأنها “انقلاب سخيف”. كما طالب التحالف العربي بإيقاف هذه المهازل.
الإعلان رسميا عن إنقلاب سخيف من قبل مليشيا الإنتقالي وإعلان حالة طوارئ لقمع المحتجين الساخطين على عبثهم و بلطجتهم !
إيقاف مثل هذه المهازل مسؤولية التحالف .#عدن_تثور_على_الانتقالي
— عمر عبدالعزيز المرشد (@OmarAlmurshed) April 25, 2020
-
ضرورة الرد بحزم
ويرى محافظ المحويت، الدكتور صالح سميع، إنه لا بد من عملية جراحية في عدن، في إشارة إلى ضرورة تحرك الجيش الوطني وحسم الأمور عسكرياً مع الانتقالي.
لابد من عملية جراحية ( لابد لابد لابد)
— د صالح حسن سميع (@SSumie56) April 25, 2020
ويتفق معه في الرأي الناشط الصحفي إبراهيم عبدالقادر، والذي طالب الجيش بالتحرك الفوري لقمع التمرد في مهده والحفاظ على الوحدة اليمنية.
كما طالب التحالف العربي والحكومة اليمنية باتخاذ خطوات جدية لمواجهة التمرد.
على دول التحالف أن تعلن موقفا، وعلى الحكومة أن تخاطب سفارات العالم وكذلك مجلس الأمن الدولي لإعلان موقفا صريحا وصارما تجاه هذه البلطجة الإماراتية.
وعلى الجيش الوطني أن يتحرك وعلى الفور لقمع الإنقلاب ودحره،للحفاظ على وحدة وسلم البلاد، وأمن وسلامة الجنوب من احتلال #الإمارات الغاشم!
— إبراهيم عبد القادر (@Ebrahe2m) April 25, 2020
-
إعلان انتحار
وفي تعليق على الخطوة التصعيدية للانتقالي قلل الصحفي عبدالرقيب الهدياني من خطورة التمرد، مؤكداً أنه ليس إعلان تمرد بل إعلان انتحار الانتقالي في عدن.
وقال إن إعلان التمرد هو رسالة لميليشيات الانتقالي لقمع المحتجين من ابناء عدن وتوجيهها لنهب البنك المركزي والمؤسسات الايرادية الاخرى وحتى الرأسمال الخاص في مناطق سيطرة هذه الميليشيات.
من جهته قال الناشط الصحفي عبدالرقيب أحمد أن اعلان الانتقالي ادارته الذاتية لعدن “يذكرنا باعلانات حفتر قرب سيطرته على طرابلس”.
وأضاف: من عشقهم للاعلانات.. تشعر ان محمد بن زايد بكالوريوس تسويق”.