على غير عادتها وبخلاف سياساتها الهجومية الدائمة تجاه إيران، تراجعت الإمارات عن تحميل طهران المسؤولية عن الهجوم الذي استهدف ناقلات النفط بميناء الفجيرة في 12 مايو الماضي، وهو ما يعدُّ تحوُّلاً في لغة الخطاب الإماراتية التحريضي ضد الإيرانيين.
اللغة الإماراتية الجديدة تجاه إيران جاءت بالتزامن مع تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن توجيه ضربة عسكرية إلى طهران بعد أن أسقطت طائرة بلا طيار تابعة للبحرية الأمريكية، في 20 يونيو الجاري.
التراجع عن اتهام إيران جاء من أعلى هرم الدبلوماسية الإماراتية، على لسان وزير خارجيتها عبد الله بن زايد، الذي أكد في تصريح له، الأربعاء (26 يونيو الجاري)، أن بلاده لا يمكن أن تُحمِّل أي دولةٍ مسؤولية الهجمات الأخيرة على ناقلات النفط، لعدم كفاية المعلومات.
تصريح بن زايد جاء متناقضاً مع تصريح سابق له، اتهم فيه إيران بتدبير الهجوم، مؤكداً أن “بصماتها واضحة على الهجمات التي استهدفت ناقلات نفط في الفجيرة”.
وسبق التراجعَ الإماراتيَّ المفاجئ، تصعيدٌ إيرانيٌّ في التصريحات الصحفية لمسؤوليها، وخطوات دبلوماسية صارمة، أبرزها استدعاء وزارة الخارجية الإيرانية القائم بأعمال أبوظبي في طهران؛ احتجاجاً على انطلاق الطائرة الأمريكية التي أسقطتها إيران من الأراضي الإماراتية.
كذلك، أعلن المستشار الدولي لرئيس مجلس الشورى الإسلامي، ومساعد وزير الخارجية الإيراني السابق، حسين شيخ الإسلام، في تصريحات صحفية عزم بلاده مقاضاة دولة الإمارات العربية المتحدة دولياً.
وأكد “شيخ الإسلام” أن بلاده ستتجه إلى المحاكم الدولية لمقاضاة الإمارات، بسبب تسيير الولايات المتحدة الأمريكية طائرات تجسس من دون طيار، من أراضيها تجاه الأجواء الإيرانية.
وكان تصريح المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران، حسين أمير عبد اللهيان، الذي حذَّر السعودية والإمارات والبحرين من “التلاعب” بالأمن الإقليمي، مشدداً بالقول: إن “النار التي يلعبون بها ستحرقهم”، من أشد التهديدات الإيرانية لأبوظبي.
ويبدو أن لغة إيران الجديدة، وقوتها العسكرية التي أظهرتها خلال إسقاطها طائرة أمريكية استراتيجية من سلاح محلي الصنع، والموقف السياسي الجديد للولايات المتحدة، جعلت جميعها الإمارات تتخذ موقفاً جديداً منها.
ومن الممكن أن تكون أبوظبي تنبهت إلى الضرر الاقتصادي الكبير الذي سيلحق بها في حال واصلت اتهام إيران دون دليل، ومهاجمتها، فحجم التبادل التجاري بين البلدين كبير جداً، حيث وصل خلال 2017 إلى 13 مليار دولار.
مراقبون أكدوا أن موقف الإمارات من اتهام إيران -منذ بداية الهجوم على ناقلات النفط بميناء الفجيرة- لم يكن متماسكاً، وكان الإجماع على أن ما حصل من عمل دولة، لم تسمِّها في حينها.
ويقول المراقبون أن “تراجُع الإمارات مجدداً عن اتهام إيران يعود إلى عدم رغبة أبوظبي في الدخول بمواجهة مع طهران، والمحافظة على خط رجعة معها بشكل أساسي”.
ويضيف: “حتى في اليمن تحاول الإمارات تجنُّب الاحتكاك المباشر مع الحوثي المدعوم إيرانياً، وتكتفي بتنفيذ أعمالها بعيداً عن الحوثيين، وتبني حساباتها على عدم الاصطدام مع إيران”.
ويوضح المراقبون أن الإمارات لديها قلق سياسي بشكل أساسي من تبعات المواجهة مع إيران، خاصة أن لديها جالية إيرانية يصل عددها إلى قرابة نصف مليون، وهُم ثقل سكاني بالإمارات، ومؤثرون في مختلف القطاعات.
ويرى المراقبون، أن الإمارات تسعى دائماً إلى عدم تصدُّر المشهد، وتعمل على دفع المملكة العربية السعودية إلى تبني المواقف العدائية ضد إيران، وذلك واضح في الحرب على اليمن.
ويوضح أن أبوظبي تفضّل أن تكون في الصف الخلفي بشكل أساسي، ولديها طريقة مختلفة في التعامل مع إيران، بحيث تعمل على تصدير السعودية للمشهد.
ويلفت المراقبون إلى أن الامارات تتعمد الدفع بالمملكة الى المواجهة المباشرة مع إيران لعدة اسباب اهمها الإضرار بالمملكة وعلاقاتها بالدول الاخرى فيما تبقى هي متوارية ومحافظة على علاقاتها بتلك الدول وربما تقدم لتلك الدول دعماً خفياً كما هو حاصل في اليمن فهي تواجه مليشيا الحوثي المدعومة من ايران بالعلن فيما تقدم لهم الدعم اللوجستي خفية عبر تهريب الاسلحة والاموال بالإضافة إلى اضعاف الحكومة الشرعية عبر منعها من العودة الى العاصمة المؤقتة عدن ودعمها لتشكيلات مسلحة أنشأتها خارج اطار الدولة في المناطق المحررة فضلاً عن ضغطها لإيقاف جبهات المواجهة مع الحوثيين كما هو حاصل في الحديدة الان.
*الخليج أونلاين+عدن نيوز