في 2 أغسطس/آب الجاري، مددت الأطراف المتحاربة في اليمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ أول مرة عشية رمضان في أوائل أبريل/نيسان. وقوبل ذلك بارتياح، حيث كان مصير الاتفاق موضع شك بعد أن أعلن الحوثيون في أعقاب زيارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” للمنطقة أنهم لن يوقعوا على تمديد آخر.
وبالرغم من بعض الملاحظات، فإن الهدوء النسبي في اليمن خلال الأشهر الأخيرة وفر فترة راحة تشتد حاجة اليمنيين إليها بعد 7 سنوات من الحرب الأهلية. ومن الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة ذكرت أن هناك انخفاضًا بنسبة 60% في الخسائر المدنية وانخفاضًا بنسبة 50% في عمليات النزوح.
ومع ذلك، فإن الاتفاق المؤقت لوقف إطلاق النار لا يضمن خروجا مستداما من الصراع الذي تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب الأمم المتحدة.
تمديد قصير يثير الشكوك
أولًا، حث المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن “هانز جروندبرغ” الأطراف المتحاربة على الموافقة على تمديد الهدنة لمدة 6 أشهر، باعتبار أن ذلك سيوفر فرصة أكبر لمتابعة المبادرات الدبلوماسية لإنهاء القتال.
وقبلت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا برئاسة “رشاد العليمي” اقتراح الأمم المتحدة، لكن الحوثيين وافقوا فقط على تمديد آخر لمدة شهرين، وذلك بعد ممارسة الوسطاء العمانيين بضغوط كبيرة، مما يثير تساؤلات مهمة حول ما إذا كانوا مستعدين لعملية سياسية جدية لإنهاء الحرب.
ثانياً، بينما صرح “جروندبرغ” بأنه يعمل على مقترحات لـ”صفقة موسعة” مع الأطراف، يبدو أن المفاوضات تدور حول نفس المجموعة من القضايا التي كانت على الطاولة منذ الإعلان المشترك في عام 2020 والذي اقترحه المبعوث الخاص السابق “مارتن غريفيث”.
وقد حصل الحوثيون على تنازلات من الحكومة اليمنية والسعودية بإعادة فتح مطار صنعاء والسماح بتسليم إمدادات النفط الموسعة عبر ميناء الحديدة، بينما تراجعوا عن التزامات قدموها بالفعل بفتح الطرق وتخفيف الحصار حول تعز، ثالث أكبر مدينة يمنية.
بالإضافة إلى ذلك، أوردت التقارير أن “جروندبرغ” قدم مقترحات جديدة لتوفير “آلية للدفع المنتظم لرواتب موظفي الخدمة المدنية”. ومع ذلك، يبدو أن مبادرته تتجنب التعهدات التي قدمها الحوثيون في اتفاقية ستوكهولم عام 2018 ولم ينفذوها: أي استخدام إيرادات ميناء الحديدة لهذا الغرض في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
استعدادات لمواصلة الصراع
ومع ذلك، فإن أكثر ما يثير القلق هو أن الحوثيين يستعدون بوضوح لاستمرار الصراع، فمن بين 1700 خرق للهدنة رصدته لجنة مراقبة هدنة اليمن، كان الحوثيون السبب في 93% منها، بما في ذلك الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات المسيرة على الأهداف المدنية في تعز ومناطق أخرى.
ويزيد الحوثيون أيضًا من جهود التجنيد، حتى باستخدام “المعسكرات الصيفية” لتجنيد الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. ونقلت صحيفة “الجارديان” عن محقق حقوقي محلي قوله: “الحوثيون يستغلون وقف إطلاق النار لتعزيز تسليحهم وينشطون في التجنيد بكثافة. هناك أعداد متزايدة من شحنات الأسلحة القادمة من إيران إلى ميناء الحديدةء”.
ويجب الترحيب بأي تدابير تحمي الأرواح وتعزز إمكانية السلام في اليمن، وينطبق ذلك على اتفاق وقف إطلاق النار الحالي. لكن كما هو الحال منذ بداية الصراع، لن يكون هناك نهاية للأعمال القتالية حتى يتم ممارسة ضغوط ذات مغزى على الحوثيين لحرمانهم من النصر العسكري وإجبارهم على قبول حل سياسي للحرب.