تناولنا في الحلقة الأولى من هذا السلسلة الكثير من الشواهد التي رافقت انفجار مطار عدن، ووضعت معها الإمارات في خانة المشتبه به الأول في تنفيذ هذا الهجوم الإرهابي. وتغوص الحلقة الثانية في كواليس استهداف قائمة عريضة من القيادات العسكرية والمدنية المنتمية جغرافياً إلى جنوب اليمن، واعتبرتها الإمارات في فترة زمنية “حجر عثرة” أمام مخطط الهيمنة والتمكين في عدن وجنوب البلاد عموماً.
قائمة طويلة من الضحايا:
باستعراض مختلف الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها الإمارات أو وكلاؤها على الأرض وعلى رأسهم المجلس الانتقالي الإنفصالي على الأرض اليمنية، تتبلور صورة شديدة القتامة عن طبيعة النظام الحاكم في أبوظبي؛ إذ أنه وبخلاف كل النظم الديكتاتورية المماثلة، يتفوق هذا النظام في مدى “الخسة الإجرامية” إذ تصنّف انتهاكاتها على الأرض اليمنية تحت بند “جرائم حرب”.
كما أن عدد الضحايا الذين أسقطتهم الإمارات في اليمن من مدنيين أو عسكرين او من مختلف الشرائح المجتمعية عدد كبير للغاية ولا يمكن حصرهم في ثنايا تقرير صحفي، لكننا سنسرد أبرز الأسماء المنتمية لمحافظات جنوبية.
ونود الإشارة هنا إلى أن أبوظبي حينما تقرر اغتيال شخصية ما فإنها لا تتردد عن تنفيذ عملية الاغتيال مهما كانت التكاليف الإنسانية باهظة، وهو سبب تنوع أساليبها في القتل، سواء أكان فردياً او جماعياً.
وتعتبر الإمارات من تغتالهم بأنهم “عراقيل” يتوجب إزالتها من طريق إكمال مشروع الهيمنة على اليمن.
1- محافظ عدن الأسبق (جعفر محمد سعد): تولى منصب محافظ عدن بعد انقلاب الحوثيين. حاولت الإمارات استمالته في بداية الأمر لكنه كان مخلصاً للوطن والقيادة الشرعية، فقررت التخلص منه، وأوعزت لأدواتها في مليشيات الانتقالي. وفي نهار 15 ديسمبر 2015م تعرض جعفر للاغتيال بهجوم انتحاري. وتبرز هنا تصريحات زوجته كوثر الشاذلي، والتي تعد إحدى القيادات البارزة في الحراك الجنوبي، حيث وجهت مؤخراً اتهامات صريحة للإمارات والإنتقالي بالوقوف خلف مقتل زوجها.
وأضافت أن مدير عدن السابق شلال شائع، أعلن في أبريل 2016 القبض على قتلة الشهيد جعفر، وأضافت “أنا رحت إلى منزل شلال شائع في عدن وطالبته بمعرفة الأشخاص الذين قتلوا زوجي ما أسماءهم ولأي تنظيم ينتمون، فقال إنه لا يستطيع أن يجيب أو يقول من هم، وأنه قد سلمهم للتحالف العربي”.
وأوضحت “الشاذلي” أنها طرقت أبواب العديد من القيادات المعروفة وسألت عن القتلة، لكنها لم تجد أي اجابة كافية “تبخروا في الجو فين ذهبوا قتلة سياسي وقائد بهذا الحجم”.
2- اللواء احمد سيف اليافعي (نائب رئيس هيئة الأركان): يعد أكبر قائد عسكري جنوبي تعرض للاغتيال على يد الإمارات. وما يزيد من حساسية الحادثة انتماؤه لمنطقة يافع في محافظة لحج جنوبي البلاد، وهي المنطقة التي فقدت الكثير من خيرة قياداتها بعمليات اغتيال، بسبب تفضيل أبوظبي جناح الضالع وسعيها لتقوية شوكتهم في عدن وجنوب الوطن عموماً. قتل في 22 فبراير 2017م، بصاروخ حراري موجه في المخا، أطلق من الخلف عليه، بعد ضوء أخضر إماراتي.
3- اللواء محمد طماح (رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية): استشهد بقصف طائرة مسيرة في يناير 2019م. وعلى الرغم من إعلان الحوثيين مسئوليتهم عن العملية إلا أن مراقبين وجهوا أصابع الاتهام صوب الإمارات بإعطاء إحداثيات الجنرال الكبير الموالي للشرعية للحوثيين والتنسيق مع مليشيات صنعاء لتصفيته.
4- مختار اليافعي “أبو اليمامة” (قائد ألوية الدعم والإسناد): لقي مصرعه في مطلع أغسطس 2019م بصاروخ حوثي خلال احتفال أقيم في معسكر الجلاء بعدن. شكلت حادثة مقتله لغزاً لكن القيادي الإنفصالي رائد الصبيحي اعترف بتفاصيل خطيرة عن العملية فقال: لم يٌقتل بصاروخ حوثي ولكنه قتل بتفجير عبوة ناسفة زرعت داخل اللواء الذي يقوده. واتخذت الإمارات من مقتل أبي اليمامة ذريعة لتنفيذ انقلاب عسكري على الشرعية في عدن، وهو ما دفع كثيرين لاتهام الإمارات بأنها أزهقت روح قائد موال لها كي تنفرد بحكم عدن.
5- في يناير 2019م أصيب نائب رئيس هيئة الأركان، اللواء صالح الزنداني، ضمن من أصيب في هجوم العند الذي تم بطائرة حوثية مسيرة. تم نقل الزنداني إلى أحد مستشفيات عدن وظل فيها 3 أيام، قبل أن يتم نقله بطائرة خاصة إلى أبوظبي، بذريعة تلقيه العلاج اللازم، وبعد شهر من نقله أعلنت الإمارات وفاته.
وفي أعقاب الهجوم اتهم سياسيون الإمارات بتصفيتها نائب رئيس هيئة الأركان، وأشار مصدر سياسي لـ”عدن نيوز”، أن الإمارات قامت بخطف الزنداني من مطار عدن بينما كان متوجّه للعلاج في الرياض، عقب حادث الاستهداف بثلاثة أيام، حينما أرسلت طائرة مروحية إلى مطار عدن واشترطت حينها نقل الزنداني من بين الجرحى الذي كان من ضمنهم رئيس الاستخبارات في “الشرعية” محمد طمّاح، الذي توفي متأثرا بجراحه في نفس ليلة اختطاف الزنداني.
من جانبه قال القيادي الجنوبي في حزب المؤتمر ياسر اليماني، “الامارات وبعد اللواء (الشهيد) محمد طماح تتخلّص من اللواء الزنداني لإخفاء جريمتها في العند” مضيفا أن الإمارات تستمر في “تصفية قيادات الرئيس هادي ورجال الدولة والشرعية من قبل الامارات ومليشياتها”.
وأضاف اليماني، عبر صفحته في “فيسبوك”، “ابحثوا عن أيادي الامارات داخل الشرعيه من الذي خطط وعدّ للأحتفال بالعام التدريبي لـ 2019 في معسكر.العند الذي تقع داخله اكبر قاعده عسكريه اماراتية فهو شريك مع الامارات بإعداد مخطط التصفيه لـ القيادات العسكريه للرئيس هادي”
وسخر ناشطون من إعلان الإمارات لسبب وفاة الزنداني، الذي قالت أنه متأثرا بجراحه إثر هجوم العند، قائلين: “أن وفاة الزنداني بعد شهر من إصابته دليل أنه تعرّض لتصفية متعمّدة، وإذا كانت الإصابة هي السبب أنه توفي بعد الحادث بأيام قليلة”
تغير قواعد الاشتباك: الإمارات تقصف الجيش في “العلم”
في 29 أغسطس 2019م نفذت الإمارات واحدة من أكثر عملياتها العسكرية في اليمن “جرأة” باستهداف وحدات من الجيش الوطني في نقطة العلم على مشارف عدن. شكل الهجوم نقطة محورية في الصراع بين الحكومة الشرعية ومليشيات الإنتقالي على عدن، حيث نجم عنه وقف معركة استعادة عدن.
ويقول مراقبون إن هذا الهجوم غير قواعد الاشتباك على الأرض بين الشرعية والإمارات، حيث يعد أول هجوم صريح تعترف الإمارات بشنه ضد قوات الجيش الوطني الموالي للشرعية، عقب سلسلة من الهجمات عليه والتي عادة ما كان يتم إحالتها إلى خطأ غير مقصود.
ويومها أعلنت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة اليمنيتان، مقتل وجرح أكثر من 300 مجند وضابط.