كشف تقرير صادر عن فريق الخبراء الدوليين المعيّن من لجنة العقوبات الدولية التابعة لمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن عن الأعمال التي تنتهك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في اليمن.
وأوضح التقرير الانتهاكات التي تقوم بها مليشيا الحوثي ضد معارضيها في العاصمة صنعاء فضلاً عن الاستخدام العشوائي للذخائر المتفجرة ضد المدنيين.. مشيرا إلى الإنتهاكات المتعلقة بارتكاب جرائم جنسية ضد معارضيها وإصدار أحكام بالإعدام على المخالفين لها.
وذكر التقرير أن “الفريق الأممي تلقى معلومات عن 14 حادثا تعلقت باستخدام الذخائر المتفجرة ضد المدنيين ونسبت إلى الحوثيين.
وتمكن الفريق من الانتهاء من إجراء التحقيقات في حادثين من هذه الحوادث ووجد أن الحادثين أديا إلى مقتل ثلاثة مدنيين، من بينهم طفلان، وإصابة 16 آخرين، من بينهم أطفال.
وأثار استخدام الذخائر المتفجرة غير الموجَّهة في المناطق المأهولة بالسكان مشاكل فيما يتعلق بالامتثال لقواعد القانون الدولي الإنساني الواجبة التطبيق.
وتنطوي قذائف الهاون وقذائف المدفعية على مستوى عال من عدم الدقة، ويزيد احتمال وقوع آثار عشوائية عند استخدامها في مدى طويل ضد أهداف قريبة من المدنيين والأعيان المدنية”.
وأشار إلى أن الفريق الأممي “وثق أيضا ثلاث هجمات على مطار أبها الدولي بالمملكة العربية السعودية، أعلن الحوثيون المسؤولية عنها”.
وحول الانتهاكات الحوثية المتصلة بسلب الحرية قال التقرير إن “فريق الخبراء يحقق في 53 حالة متصلة بالاحتجاز تنطوي على انتهاكات للقانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان بما يشمل الاعتقال والاحتجاز التعسفيين، وسوء المعاملة، والتعذيب، وعدم مراعاة الأصول القانونية، ارتكبتها قوات الحوثيين.
وفي غالبية هذه الحالات، أبقي المحتجزون في أماكن مجهولة لذويهم لفترات تتراوح بين 40 يوما وأربع سنوات. وفي إحدى الحالات، لا يزال مصير المحتجز مجهولا”.
ولفت إلى أنه “من بين هذه الحالات، حقق الفريق في حالة 10 أفراد ألقي القبض عليهم في الفترة من أيلول/سبتمبر إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2018 ولم تكن أسرهم تعلم مكان وجودهم حتى ظهروا على شاشة التلفزيون في صنعاء في 17 نيسان/أبريل 2019.
وقد اتهموا، إلى جانب 52 يمنيين آخرين وقيادات أجنبية، باشتراكهم في مؤامرة لقتل صالح علي محمد صالح الصماد في نيسان/أبريل 2018، وقد كان رئيسا للمجلس السياسي الأعلى في ذلك الوقت. وفي 7 آب/أغسطس 2019، توفي أحد الأفراد المحتجزين. ولا يسمح لمحاميهم وأسرهم بالاتصال بهم أو زيارتهم، ومكان احتجازهم غير معروف”.
وأضاف: “حقق الفريق أيضا في حالة 36 شخصا ألقي القبض عليهم في تواريخ مختلفة في عامي 2015 و 2016 واحتجزوا في سجن الأمن السياسي في صنعاء.
وفي 9 تموز/يوليه 2019، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء على 30 منهم بالإعدام؛ وقرار المحكمة قيد الطعن.
وتلقى الفريق معلومات تفيد أن ستة آخرين أطلق سراحهم، لكنه لم يتمكن من التحقق إلا من الإفراج عن شخص واحد.
واستنادا إلى الأدلة المستندية والشهادات التي تلقاها الفريق، تعرض بعض الأفراد للتعذيب أثناء احتجازهم، وحرموا من الرعاية الطبية، وتلقى محاموهم تهديدات ولم يسمح لهم بزيارتهم في السجن”.
وأكد التقرير الأممي، “أن الأدلة التي تلقاها الفريق، بما في ذلك الوثائق القضائية، تبيّن عدم احترام الضمانات القضائية من جانب المحاكم الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وإضافة إلى ذلك، تكشف الحالات التي جرى التحقيق فيها وجود نمط لإبقاء المحتجزين في أماكن غير معلنة، وإخضاعهم للتعذيب، وعدم السماح لهم بالاتصال بأسرهم، بما يتنافى مع قواعد القانون الدولي الإنساني الواجب التطبيق ومعايير حقوق الإنسان السارية()”.
وأشار الفريق إلى أن عدد ضحايا الذخائر المتفجرة، بما في ذلك الألغام الأرضية، في تزايد مستمر.. مستعرضا أدلة على أن قوات الحوثيين تستورد مكونات لصنع الألغام الأرضية.
ووثق الفريق 23 حالة محددة لضحايا ألغام من المدنيين، من بينها حالات 7 أطفال أصيبوا وحالات رجل واحد و 7 أطفال لاقوا مصرعهم. ووقعت الحوادث في البيضاء، والحديدة، وشبوة، وتعز.. مشيراً إلى معظم الضحايا، أي 11 حالة، سقطوا في الحديدة، لا سيما في مديرية الدريهمي، وفي حيس والتحيتا، بالإضافة إلي سقوط 5 ضحايا آخرين في تعز.
ووفق التقرير فإن الفريق تلقى أيضا أدلة على أن قوات الحوثيين نشرت عددا كبيرا من الألغام الأرضية على طول الساحل الغربي، لا سيما بين ذباب وشمال خوخة، في محافظة تعز.
التقرير ذكر أيضاً جرائم الحوثيين الجنسية.. موضحاً أن الفريق تلقى أدلة على أنه يجري، لا سيما منذ نهاية عام 2017، أي بعد وفاة علي عبد الله صالح، استهداف الحوثيين للنساء اللائي يحاولن الاضطلاع بدور نشط في الحياة العامة إما بالمشاركة في حركة سياسية أو بالمشاركة في مظاهرات أو بالعمل لصالح منظمات غير حكومية بشأن مشاريع تتصل بتمكين المرأة.
ووثق الفريق حالات اعتقال واحتجاز وسوء معاملة و/أو تعذيب لـ 11 امرأة، تعرضت 3 منهن للاغتصاب بصورة متكررة أثناء الاحتجاز لدى الحوثيين.
لافتاً إلى أن الفريق يحقق أيضا في دور الزينبيات في انتهاكات القانون الدولي الإنساني وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد النساء وكذلك في دور مدير إدارة البحث الجنائي في صنعاء، سلطان زابن.
وتلقى الفريق أيضا شهادات من عدة جهات فاعلة في المجال الإنساني بخصوص ما تعمد إليه سلطات الحوثيين عموما من رفض الموافقة على مشاريع المنظمات غير الحكومية المتعلقة بالمرأة والسلام والأمن أو تمكين المرأة.
وقال التقرير إن “الفريق حقق في حالات نساء تم توقيفهم واعتقالهم لأسباب تتصل بعملهن في المجال الإنساني.
وتبين هذه الحالات وجود نمط من الانتهاكات المرتكبة ضد المرأة، التي تشمل التمييز، والاعتقال والاحتجاز التعسفيين، وأعمال العنف البدني، بما فيها التعذيب والاغتصاب، وعدم مراعاة الأصول القانونية”.
وكشف المحققون في التقرير الذي رفع مجلس الأمن الدولي السرية عنه عن شبكة استخباراتية نسائية للحوثيين تشارك في قمع النساء اللائي يعارضن الجماعة بوسائل مختلفة، منها العنف الجنسي.
ويقول التقرير إن “تشكيل الزينبيات، اللائي يتم اختيار معظمهن من أسر هاشمية جهازاً استخباراتياً موجها نحو النساء”.
وتشمل مسؤوليات “تشكيل الزينبيات”، وفق التقرير، “تفتيش النساء والمنازل، وتلقين النساء أفكار الجماعة وحفظ النظام في سجون النساء”.
وأكد فريق الخبراء، أنه وثق “انتهاكات ارتكبتها الزينبيات، تشمل الاعتقال والاحتجاز التعسفي للنساء، والنهب والاعتداء الجنسي، والضرب والتعذيب، وتيسير الاغتصاب في مراكز الاحتجاز السرية”.
ميسرات الاغتصاب:
ويسرد المرفق 5 في التقرير وقائع وشهادات عن قيام عناصر نسائية “زينبيات” بدور محوري في عمليات الاغتصاب التي تعرضت لها مختطفات ومعتقلات من النساء، أغلبهن احتجزن في منازل خاصة، ووجهت لبعضهن تهم الدعارة والتعاون مع “العدوان” في إشارة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
وأشار تقرير الخبراء، إلى مرفقات ما زالت سرية، تتضمن الوثائق والتقارير التي تؤكد تورط الجهاز النسائي للحوثيين، في المهمات القذرة، والمتعلقة بالاعتداء على النساء واقتحام المنازل.
ويشير المرفق الخامس، إلى مكانة النساء وحصانتها التقليدية في المجتمع اليمني “كانت النساء محصنات إلى حد كبير من التفتيش والاعتقال والاحتجاز”.
وينوه بالدور الذي قامت به المرأة اليمنية بعد الحرب، حيث “كانت النساء في كل من المحافظات الشمالية والجنوبية في طليعة المدافعات عن حقوق الإنسان، كأمهات وأقارب للمحتجزين والمخفيين”.
وقال التقرير إن النساء في اليمن، كان لهن دور رئيسي في الاحتجاجات التي شهدتها مناطق سيطرة الحوثيين، حيث خرجت النساء للتظاهر وطالبن بالحقوق.
ووفق التقرير فإن إنشاء الجماعة لـ”تشكيل الزينبيات”، للحد من دورهن في قيادة الاحتجاج، “مع تزايد استهداف الرجال لمنعهن من النشاط في القضايا السياسية والمتعلقة بحقوق الإنسان حيث كانت النساء قد بدأن في سد الفجوة”.
ولم يشر تقرير خبراء لجنة العقوبات، إلى حجم وعدد العناصر النسائية المنخرطة في “تشكيل الزينبيات”، وقد يعود ذلك إلى الشكل الهلامي، الذي يجعل من الصعب تتبع قياداته، أو معرفة هيكله، وغيرها من التفاصيل، لكن تقرير سابق لمنظمة سام للحقوق والحريات، كانت قد سلطت الضوء لأول مرة على هذا الجهاز ذي المهام القذرة.
ويعود الظهور البارز والكبير لتشكيل “الزينبيات” إلى ما بعد المواجهات التي شهدتها صنعاء أواخر 2017 بين الحوثيين والرئيس السابق صالح انتهت بمقتل الأخير، وما عرف بـ”ثورة الجياع”، حيث كانت جامعة صنعاء، شاهدة على مداهمة عناصر نسائية يستقلين أطقم عسكرية للجامعة، وقيامهن بالاعتداء على الطالبات بالعصي وأعقاب البنادق وصواعق كهربائية.
وفي سبتمبر العام الماضي، اتهم تقرير لفريق الخبراء البارزين التابعين لمجلس حقوق الإنسان، جماعة الحوثيين باستخدام العناصر النسائية في الانتهاكات والاختطافات وعمليات الاعتقال التعسفي، والإخفاء والتعذيب في السجون وأماكن خاصة، إضافة إلى مشاركتهن في الاعتداءات الجنسية على المختطفات، خاصة من ناشطات حزب المؤتمر.