يملك جهاز أمن الدولة الإماراتي واحدا من أسوأ سجلات أجهزة الأمن العربية وأكثر مؤسسات الدولة كرها في صفوف الإماراتيين والوافدين إليها.
ولأهمية جهاز أمن الدولة والدور القذر الذي يلعبه فإن ولي عهد أبوظبي الحاكم الفعلي للدولة محمد بن زايد وضع على رأس الجهاز نجله البكر خالد ليكرس سطوته الأمنية في الحكم.
وفي مقر جهاز أمن الدولة الإماراتي يمارس التعذيب بأبشع أنواعه على المواطن والمقيم بتهمة أو بشبهة مهما كانت المهم أنها تتعلق بنشاط سياسي مزعوم مهما صغر شأنه، أو تهمة ناجمة عن خلاف مع المسؤولين وعلى وجه الخصوص الأمراء.
من خلال تحليل مئات من الشكاوى التي وصلت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا ومنظمات محلية ودولية تبين أن الإنسان في هذه الدولة لا حرمة له، جسده مستباح إذا تجرأ وتدخل في شأن سياسي بطريقة سلمية ترى أجهزة الأمن أن هذا الشان لا يجوز التعاطي معه على أراضي الدولة.
بعيدا عن رقابة القضاء يتم خطف الضحية من بيته أو مكان عمله أو من الشارع في أي إمارة من قبل أشخاص مجهولين لا يفصحون عن هويتهم أو الجهة التابعين لها وبدون مذكرة إلقاء قبض قضائية تبين التهم التي بموجبها يستحق التوقيف.
يتم اقتياد الضحية مكبلا ومعصوب العينين إلى مكان مجهول بعضهم يعلم عن مكان توقيفة عندما يخبره المحقق أنه في مقر أمن الدولة في أبو ظبي ومنهم من يمكث شهورا في سجون سرية لا يعلم أين هو.
يخضع الضحية لتحقيق رهيب يمارس فيه المحققون كل ما لا يخطر على بال بشر من سب وشتم وتهديد إلى الضرب وتخليع الأظافر والجلد والتعليق عاريا والصعق بالكهرباء والعزل في
ثلاجات باردة ومن أجل السيطرة على الضحية يتم حقنة بماده تفقده التوازن وتحدث هلوسه يسهل معها أخذ الإعترافات من خلال التلقين ودفع الضحية للتوقيع.
لقد شاهد العديد من الأهالي مشاهد مروعه لأبنائهم في المحاكم الصورية التي تعقد لهم صراخ وعدم اتزان وآثار تورم على الأيدي والجسد ومنهم من قارب على فقدان بصره ومن شدة الأذى الذي ألحقه التعذيب بالضحايا لم يستطيع بعضهم التعرف على زوجته أو أبنائه..ألخ
إن هذه الأساليب التي تستخدم بشكل منهجي من قبل جهاز أمن الدولة الإماراتي باتت معروفة للقاصي والداني وهي بالدرجة الأولى تلحق أفدح الأضرار بسمعة الإمارات التي لم يعتد المواطنين والمقيمين فيها على مثل هذا النهج البوليسي.
وعلى الرغم من شيوع التعذيب في دولة الإمارات واستخدامه على نطاق واسع لم يحرك المجتمع الدولي ساكنا وهناك تغاضي واضح من قبل وسائل الإعلام عموما والإعلام العربي خصوصا عن هذه الإنتهاكات.
وطالبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قضاة المحكمة الاتحادية العليا في دولة الإمارات عند النظر في قضايا هؤلاء الضحايا أن تعمل على التحقيق بشكل معمق في شكاوى التعذيب وعدم الأخذ بالاعترافات التي انتزعت تحت التعذيب كونها معدومة لا يترتب عليها أي أثر.
ويمارس جهاز أمن الدولة في الإمارات بحسب ما أكد مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” الإرهاب ويدفع نحو التطرف ضمن استراتيجية النظام الحاكم القائمة على الحكم بالقمع والتعسف.
ويعرف الإرهاب بأنه استخدام القوة للإكراه من خلال التخويف والترهيب، وأي استخدامات أخرى للعنف بما فيه الاعتقال التعسفي والتعذيب والأحكام السياسية والإعدامات. وهذا ما يميزه عن الأشكال الأخرى من أشكال الإكراه. إذ يركز الإرهاب على الضرر الفعلي الذي تلحقه تلك الإجراءات (أي العقاب) وليس على الخوف من العقاب.
لذلك فجهاز أمن الدولة في الإمارات يمارس إرهاباً إذ يُجبر المواطنين على عدم ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير، عبر “الترهيب العظيم” الذي تمارسه من خلال الاعتقالات والتعذيب والسجون السرية والأحكام السياسية القاسية على النشطاء والمدونين والمثقفين الذين جرى اعتقالهم منذ 2011 وحتى اليوم.
وهذا النهج الذي يقوم به جهاز أمن الدولة منذ ذلك الوقت يكتسب “دعاية عن طريق الفعل”، فيحذر الإماراتيين من الانتقاد خوفاً من المصير الذي ذهب بالمدونين السابقين إلى السجون والانتهاكات العظيمة التي تمارس بحقهم وحق عائلاتهم.
ليس ذلك فقط بل إن تصرفات جهاز الأمن وجرائم التعذيب والانتهاكات وتمديد فترة الاعتقال بعد انقضاء الأحكام السياسية للمعتقلين السياسيين، يمثل مؤشر خطير لتحضير إرهابيين جُدد من أجل الانتقام.
وتشير معظم الدراسات الحديثة إلى أن “الاعتقال التعسفي والتعذيب والجرائم في السجون ضد المعتقلين” يزيد من التطرف وقد يدفع إلى “الإرهاب”، ولعل درس الولايات المتحدة في العراق والمواقع السوداء وتحوّل المعتقلين فيها إلى متطرفين إلى هذا النوع من التطرف الذي تتبناه الأجهزة الأمنية.
إن جهاز أمن الدولة في الإمارات لا يعبث فقط بملف الأمن ويدفع نحو التطرف ويثير الخوف عبر ترهيب المواطنين من الانتقاد وممارسة حرية التعبير والرأي، لكنه يعبث بالدولة ككيان وكتلاحم بين السلطة والمجتمع لم تكن قوة قادرة على صناعة الفجوة بينهما في الماضي، أما اليوم فالجميع يعاني من فجوة واسعة تزداد كلما استمر جهاز الأمن في صناعة الإرهاب وإشاعة الخوف في مجتمع غاضب على سياسته.
وسبق أن أبرزت مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية، القبضة الحديدة لجهاز أمن الدولة في دولة الإمارات وما يمثله من إرهاب وتعسف بالمواطنين والوافدين على حداء سواء.
وذكرت المجلة أن أجهزة الأمن الإماراتية تضطلع بدورٍ بارز متزايد منذ انتفاضات الربيع العربي عام 2011، وهي موضوعٌ يتجنب المواطنون الإماراتيون الحديث عنه. ولهذه الأجهزة دورٌ محوري في عمليات التطهير بحق الإسلاميين والنشطاء السياسيين على مر السنوت الماضية، وهي مسؤولةٌ عن طرد وترحيل الآلاف من الأكاديميين والمهنيين من الإمارات.
وأوضحت أنه في مناسبات قليلة يتحدث مواطنون إماراتيون عن السلطة الغاشمة التي تتمتع بها أجهزة الأمن وجميعهم يناقشون الأمر بجمل عامة وغامضة، وأحيانًا باستخدام الإيماءات وليس الكلمات، وفي أماكن آمنة وسط أصدقاء موثوقين.
وبحسب المجلة، فالإماراتيين خائفون من أجهزة الأمن، ويعتقدون عن حق أنَ قراراتها السيادية لا يمكن الطعن فيها، حتى لو كان ذلك الطعن من جهة حكام الدولة أنفسهم.
وتشير إلى أنه عادةً ما يخوض الصحافيون والباحثون في الإمارات مواجهاتٍ عصيبة مع أجهزة الأمن. إذ تستمر الاستجوابات للأبد، وتكون مصممةً بحيث تؤدي إلى اعترافٍ في النهاية؛ إذ يبدو الاعتراف بعد عدة ساعاتٍ من الاستجواب البديل الأفضل للتعذيب أو الترحيل.