أعادت التقارير الفرنسية بشأن سجن إماراتي في منشأة نفطية يمنية، الأضواء إلى مصير أكبر مشروع اقتصادي في اليمن، سيطرت عليه الإمارات، وحولته ثكنة عسكرية، في ظل التحولات التي شهدتها البلاد في الأشهر الأخيرة، وصولاً إلى “اتفاق الرياض”، والمفترض أن يفضي إلى مرحلة جديدة، وأن تعود الحكومة اليمنية، على إثره للعمل من داخل البلاد، وتستفيد من مختلف الإيرادات، بما في ذلك، تلك التي عملت أبوظبي على تعطيلها لسنوات.
وذكرت صحيفة “العربي الجديد” الصادرة في لندن نقلا عن مصادر قريبة من الحكومة اليمنية، عن استمرار الوجود الإماراتي، في منشأة بلحاف الاستراتيجية في محافظة شبوة، على الرغم من الأحداث التي شهدتها في أغسطس/آب الماضي، وانتهت بسيطرة القوات الحكومية على مختلف مناطق المحافظة، بعد المعارك التي خاضتها مع قوات ما يعرف بـ”النخبة الشبوانية”، الذراع الإماراتية في المحافظة.
ووفقاً للمصادر، فقد وصلت قوات الجيش اليمني، إلى بوابة منشأة بلحاف، بعد سيطرتها على مختلف “معسكرات النخبة”، إلا أنها امتنعت عن الدخول بمواجهة مباشرة مع القوة الإماراتية، الموجودة في بلحاف، قبل أن تنضم إليها قوات سعودية.
ووصفت المصادر الوجود الإماراتي المستمر بأنه “محدود”، خلافاً للمرحلة السابقة، إذ كانت بلحاف، بمثابة المنطقة التي يدير من خلالها الإماراتيون، أذرعهم المحلية في شبوة، ويمنعون الحكومة اليمنية، من تشغيل المنشأة، التي تعد المشروع الاقتصادي الأكبر في البلاد.
ويأتي الحديث عن مصير بلحاف، في أعقاب تقرير لصحيفة “لوموند” الفرنسية، كشف عن تحويل الإمارات منشأة مرتبطة بشركة “توتال”، إلى سجنٍ سري، مُورست فيه أعمال تعذيب ضد المعتقلين.
وتقول مصادر يمنية إنّ السجن كان بمثابة محطة مؤقتة أحياناً، لنقل المحتجزين إلى سجون أخرى تديرها أبوظبي خارج البلاد.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أكّد محافظ شبوة محمد صالح بن عديو، خلال تصريح له، أنّ الإمارات، حولت منشأة بلحاف إلى “ثكنة عسكرية”، بما منع تشغيل مشروع إنتاج الغاز المسال الذي بدأ الإنتاج في العام 2009، والذي يرتبط أيضاً مع محافظة مأرب، ويخسر اليمن مليارات الدولارات، بسبب توقفه، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
وفي فبراير/شباط 2018، وقف وزير النقل اليمني صالح الجبواني أمام وسائل الإعلام ليطلق تصريحات كانت الأولى من نوعها، سلطت الأضواء على الممارسات الإماراتية في شبوة، حيث كشف عن أن قيادة القوات الإماراتية في بلحاف، منعته من الوصول، لوضع حجر الأساس لمشروع ميناء في المحافظة. وتلقت أبوظبي ضربة قوية، بخسارة السيطرة على المحافظة، في أعقاب المواجهات التي شهدتها المحافظة في أغسطس/آب الماضي.
وفي الوقت الذي يترقب فيه اليمنيون، انتقال “اتفاق الرياض”، بين الحكومة وما يعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، إلى مرحلة التنفيذ، وما سبق الاتفاق، من ترتيبات شملت انسحاب الإماراتيين من عدن وتسليمها للقوات السعودية، باتت الرياض بوصفها المشرف والضامن لتنفيذ الاتفاق، أمام امتحان، على أكثر من صعيد، بما في ذلك، ما يتصل بميناء بلحاف النفطي، إذ إن بقاء القوات الإماراتية، أو أي قوات أخرى، يحول دون إعادة تشغيل المنشأة، ومن شأنه أن ينعكس على آمال اليمنيين ببدء مرحلة جديدة.