هكذا اخترق “اللوبي الحوثي” المنظمات الدولية وخدم المليشيات من الخارج!

محرر 25 يوليو 2019
هكذا اخترق “اللوبي الحوثي” المنظمات الدولية وخدم المليشيات من الخارج!

اشتعلت وسائل الإعلام البريطانية الأسبوع الماضي، بانتقادات حادة وجهت لحزب العمال البريطاني، على إثر دعوة وجهها النائب عنه لويد راسل، للقيادي الحوثي أحمد الشامي، للحديث في مجلس العموم البريطاني عن الحرب التي يشنها التحالف العربي باليمن.

وكان لويد راسل عضو “حزب العمال” البريطاني، المعروف بمواقفه الحادة ضد السعودية، قد وجّه دعوة لعضو وفد الحوثيين المشارك في “محادثات السويد” للحديث إلى مجلس العموم، كمتحدث رئيسي، عن الحرب الدائرة في اليمن، ضمن فعالية “أوقفوا حرب التحالف”.

إزاء تلك الدعوة وجهت الحكومة اليمنية انتقادات رسمية، عن طريق السفارة اليمنية في لندن، للبرلماني البريطاني، حيث بعث سفير اليمن في بريطانيا ياسين سعيد نعمان رسالة إلى مكتب النائب راسل يعترض على الدعوة التي وجهت للشامي للحديث عن الحرب في اليمن.

وأكد نعمان أن الحكومة الشرعية هي الحكومة الوحيدة المعترف بها دوليا والمخول لها الحديث، وأن لا صفة معترف بها للحوثيين ولا لقادتهم في اليمن أو أوروبا وأمريكا، مشيرا إلى أن “الجماعة، إلى جانب كونها غير معترف بها، هي جماعة متطرفة، تحمل شعارا يعادي الأديان الأخرى، بشكل واضح، إضافة إلى ممارساتها القمعية على الأرض”.

تلقفت وسائل الإعلام البريطانية هذا الخبر، وتناولت صحيفة ذا صن الخبر، تحت عنوان” النائب العمالي يخاطر بإثارة عاصفة معادية للسامية من خلال دعوة شخصية بارزة من حركة الحوثي إلى البرلمان”، وصار الحدث مادة دسمة للحديث عن حزب العمال الذي يستضيف متطرفين في مجلس العموم البريطاني، ما شكل إحراجا بالغا للحزب، وللنائب البريطاني على وجه الخصوص، الذي اضطر لاحقا لإلغاء الدعوة .

لوبي حوثي

تعتمد جماعة الحوثي، في تحسين صورتها لدى المجتمع الدولي، على لوبي يجري تحركات على مستوى واسع، متنقلا بين دول أوروبية وأمريكية، وتنشط في هذه المهمة عناصر تنتمي للجماعة، ولاسيما المنتمين للسلالة الهاشمية ويؤمنون بفكرة التميز السلالي والحق الحصري الحوثي بحكم اليمن، بناء على أيديولوجيا دينية تؤمن بفكرة حصر الحكم في البطنين (أبناء الحسن والحسين) إلى جانب الاعتقاد بأن الثورة اليمنية عام 1962 سلبت حقا لهم، و لابد أن يرجع.

وقال الكاتب والإعلامي عبد الله الحرازي، في حديث لـ”الاستقلال”: إن “تحركات القيادي الحوثي أحمد الشامي، تأتي ضمن تحركات وجهود واسعة يقوم بها لوبي هاشمي لخدمة الحركة الحوثية على أكثر من مستوى، فهو يقوم بتلميع صورة الميلشيا الحوثية في أروقة المجتمع الغربي ويظهرهم كأقلية مضطهدة”.

وأضاف: “من ناحية أخرى يقوم بتحركات لحشد دعم دولي لمنع توريد السلاح للسعودية وإيقاف الحرب، وهي دعوة، وإن كان يظهر من خلالها أنها تأتي من أجل الأزمة الإنسانية في اليمن، إلا أن الباعث لها هو خدمة جماعة الحوثي في المقام الأول”.

وأردف الحرازي: “بالطبع لسنا ضد إيقاف الحرب، لكن هذا اللوبي الذي ينادي بمنع توريد السلاح، لم يتحدث ولا لمرة واحدة عن انتهاكات الحوثيين، وهي بالآلاف، على سبيل المثال: لم يتحدث عن مليون ونصف مليون لغم فخّخ بها الحوثي أرض اليمن، وذهب ضحيتها آلاف القتلى والجرحى، ولم يتحدث عن آلاف القتلى والمعذبين في السجون الحوثية، بل على العكس من ذلك ذهب اللوبي الحوثي، وعبر منظمات حقوقية تابعة لهم، لتضليل الرأي العام عن جرائم الحوثي الذي يرتكبها كل يوم منذ سيطرته على المدن اليمنية”.

حاضنة اجتماعية

يمثل الهاشميون الذين يرون أن الحركة الحوثية استردت حقا اغتُصب منذ 1962، الحاضنة الاجتماعية للحركة الحوثية وقد تفرقوا في دول أوروبا وأمريكا، إثر ثورة 1962 التي أنهت حكم السلالة الهاشمية على اليمن، وأسدلت الستار على ألف سنة من حكمهم في اليمن، واستطاعوا منذ تلك الفترة إنشاء علاقات وتأسيس منظمات تعمل لخدمة السلالة منذ ذلك الحين.

من جهته، أكد الباحث والناشط الحقوقي موسى النمراني، أن أبناء بعض الأسر الهاشمية يتمتع بشبكة علاقات واسعة مع الوسط الاجتماعي العامل في المنظمات الأممية وما في مستواها في دول أوربا، ويعود ذلك إلى استيطان أكثر من ثلاثة أجيال من هذه الأسر في دول أوربا وأمريكا مستفيدين من وضع سياسي مرموق كلاجئين سياسيين من أسرة مالكة “أمراء” يحضون ببعض الامتيازات”.

وأشار إلى أنه “على الرغم من ولادة بعضهم في بلدان علمانية متقدمة، إلا أنهم ظلوا يدينون بالولاء لأفكار عنصرية رجعية، ويشعرون بالغبن تجاه الثورة التي سلبت الحكم من أيديهم مطلع ستينات القرن الماضي”.

إنشاء المنظمات الحقوقية

كانت المنظمات الدولية والحقوقية إحدى الوسائل التي استطاع “اللوبي الحوثي” من خلالها خدمة الحركة الحوثية في اليمن، سواء بتصويرها كأقلية تعرضت للظلم والاضطهاد، وتطالب بحقها في رفع هذا الظلم، أو بتوجيه المساعدات الإنسانية لخدمة الحركة، أو بتضليل الرأي العام العالمي وصرفه عن جرائم وانتهاكات الحوثي، والتقليل من حجم انتهاكاته.

وكانت رئيسة “منظمة مواطنة”، رضية المتوكل، وهي من السلالة الهاشمية التي تنتمي لأسرة الإمام يحيى حميد الدين المتوكل، مؤسس الدولة المتوكلية في اليمن، قد قدمت تقريرا للكونجرس الأمريكي في أبريل/نيسان 2017، بمعية سماء الهمداني، وهي كذلك ناشطة من ذات السلالة، ينص على أن الحوثيين هم السكان الأصليون لليمن.

وهو الأمر الذي عدّه مراقبون تضليلا، ومحاولة لتأسيس جهود لانتزاع منطقة حكم ذاتي، ما يعني اعترافا بسلطة الحوثيين، وهو ذات المقترح الذي طرحه بعد ذلك وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس عن تصوره للحل في اليمن، بضرورة إقامة منطقة حكم ذاتي للحوثيين.

كذلك الحال بالنسبة للقيادي الحوثي أحمد الشامي، الذي تم إلغاء دعوته للحديث في مجلس العموم البريطاني، فهو عضو في المكتب التنفيذي للحوثيين، ويعمل في ذات الوقت مديرا تنفيذيا لمنظمة أوروبية اسمها “جمعية مراقبة الحقوق العربية” المختصرة بالإنجليزية باسم” أروا”، ومؤسسها ومديرها المسؤول عن الشؤون القانونية محمد الوزير، الذي ينتمي لإحدى الأسر الهاشمية.

ويعمل محمد الوزير أيضا لخدمة الحركة الحوثية، ويجري تحركات في العواصم الأوروبية، ومن خلال وسائل إعلام أوروبية، حيث كانت وكالة روسية، قد أجرت معه لقاء وعرف نفسه بالمسؤول على العلاقات الخارجية للدبلوماسية الشعبية اليمنية وأسهب في مديح الحركة الحوثية والحديث عنها كسلطة شرعية.

توجيه المساعدات الإنسانية

إلى جانب جهود “اللوبي الحوثي” في تضليل الرأي العام وتوجيهه، فإنه يعمل من خلال المنظمات الدولية العامل بها على توجيه المساعدات الإنسانية المقدمة لليمن.

وكانت “رابطة الإعلام التنموي”، وهي منظمة يمنية مستقلة تعمل في مجال الرصد وتتبع التمويلات، قالت في تقرير لها: إن “اللوبي العميق التابع لجماعة الحوثي يمتلك موظفين محليين يعملون في منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ويمتلكون مؤسسات ومنظمات محلية ومهمتهم إرساء عقود المشاريع والأعمال الإغاثية والإنسانية على هذه المنظمات واستخدامها في إصدار التقارير وإثارة قضايا تخدم الانقلاب والاستيلاء على مخصصات الأعمال الإنسانية والتنموية”.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسكو” قد قدمت في أبريل/نيسان 2017 تمويلا لجماعة الحوثي، لطباعة الكتاب المدرسي، رغم اعتراض الحكومة الشرعية المسبق على تمويل الحوثيين لـ”طباعة كتب طائفية تحمل صورة مؤسس الجماعة حسين الحوثي، وتحمل أفكارا طائفية تخدم الجماعة الانقلابية وتبث الكراهية والطائفية بين الطلاب اليمنيين”. وهو الأمر الذي عده حقوقيون اختراقا لمنظمة الأمم المتحدة من “اللوبي الحوثي” العامل في تلك المنظمات.

اختراق المنظمات الحقوقية

كشفت وكالة “الأسوشيتد برس” في أبريل/نيسان 2019 في تقرير لها، أن الحوثيين منعوا في صيف 2017 طائرة للأمم المتحدة من إدخال نصف مليون جرعة من لقاح الكوليرا لليمن، وكان قد مضى على هذا الحدث نحو عامين، قبل أن تكشفه الوكالة الأمريكية”.

وعدّ مراقبون هذا الحدث مؤشرا خطيرا، ليس لأن الحوثيين منعوا دخول اللقاحات فحسب، بل لأن الحدث على خطورته تم التستر عليه تماما، فلم تصرح الأمم المتحدة بتلك العراقيل التي تسببت بها جماعة الحوثي، في وقت يموت فيه آلاف اليمنيين من وباء الكوليرا.

ولم تكشف عنه إلى وكالة “أسوشيتد برس” إلا بعد مضي عامين، وهو الأمر الذي تم عزوه إلى جهود “اللوبي الحوثي” العامل ضمن المنظمات الحقوقية في التستر على مثل هذه الانتهاكات الحوثية.

يجري هذا في وقت تتحدث فيه منظمة “العفو الدولية” عن اغتصاب للأطفال على يد “جماعة الإصلاح” في تعز، وكانت المنظمة، قد أصدرت تقريرا في مارس/آذار 2019، قالت فيه: إن أطفالا صغارا بعضهم في عمر الثامنة تعرضوا للاغتصاب في مدينة تعز، من ميلشيا موالية لـ”حزب الإصلاح”، حسب التقرير.

يقول الناشط الحقوقي محمد الأحمدي: “يثبت هذا التقرير أن هناك من يعمل على تضليل الرأي العام وصرفه عن الانتهاكات الحقيقية التي ترتكبها جماعة الحوثي، ففي حين يتم التكتم على منع الحوثيين لطائرة الأمم المتحدة في إيصال اللقاحات لأطفال يموتون من الأوبئة، يتم الحديث عن تورط حزب الإصلاح في اغتصاب أطفال في تعز، ومن منظمات حقوقية محترمة”.

جهود التصدي
غابت الجهود الحكومية في التصدي للتحركات التي يقوم بها “اللوبي الحوثي” في ظل ضعف عام تعيشه الحكومة اليمنية، وغياب أي جهود حقوقية تقابل تلك الجهود التي يقوم بها “اللوبي” في الأروقة الأوروبية والأمريكية.

وكان وزير حقوق الإنسان محمد عسكر، قد قال في مقابلة صحفية: إن “الحكومة اليمنية تعتزم مواجهة دور جماعة الحوثيين في مراكز القرار في الخارج، وخصوصا التصدي للتقارير المغلوطة التي تسوقها الجماعة الحوثية عن أوضاع حقوق الإنسان في اليمن، في عدد من مراكز صناعة القرار بدول الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية”.

وقال عسكر، إن الحكومة تعمل بخطى متسارعة لمواجهة ما سماه “اللوبي الإيراني” ولوبي ما يعرف بـ”أنصار الله” (الحوثيون)، في عدد من مراكز القرار داخل دول الاتحاد الأوروبي، ودول أمريكا اللاتينية، إضافة إلى مواجهة وجودهم في مراكز الدراسات التي تقوم بنشر المعلومات المغلوطة حول الملف اليمني.

وأضاف، أن الغياب الكبير خلال السنوات الثلاث الماضية للجهات الحكومية اليمنية القادرة على مواجهة الأكاذيب وتزييف الحقائق التي تسوقها الجماعات الموالية لإيران، أسهم في استفادة الانقلابيين بشكل كبير، نظرا لسيطرتهم على مؤسسات الدولة في صنعاء.

في السياق ذاته، أتت رسالة السفير اليمني في بريطانيا، التي استنكر من خلالها استضافة القيادي الحوثي أحمد الشامي في مجلس العموم البريطاني، في مسعى لتفعيل دور الحكومة لكشف التضليل الذي يقوم به “اللوبي الحوثي” وهو الأمر الذي كشف، وإن على نحو محدود، حقيقة تلك الجماعة.

فقد انتقدت النائبة مارغريت هوج، النائب البرلماني وطالبته بإلغاء الفعالية، ووصفت أفعال الحوثيين بالمقززة، وقالت: “لا ينبغي أن يعطى المتطرفون نافذة في البرلمان البريطاني”، وكذلك الحال بالنسبة للنائب جراهام جونز، الذي قال: إن الحوثيين جماعة إرهابية، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، حيث تواصل بتنكيلها للشعب اليمني.

وأضاف أنه “يشعر بالعار أن هناك حوثيا سيتحدث في البرلمان البريطاني”، ومثله النائب المستقيل عن حزب العمال، جون وودكوك، الذي قال: إن “دعوة القيادي الحوثي أحمد الشامي للحديث في البرلمان إهانة للبرلمان البريطاني ومعاداة للسامية”.

*صحيفة الاستقلال

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق