تاريخ الإمارات الأسود في اليمن.. حملة اليكترونية تستذكر سياسات 5 أعوام لمشاركة أبوظبي في عاصفة الحزم (الحلقة 2)

Editor11 مارس 2019
تاريخ الإمارات الأسود في اليمن.. حملة اليكترونية تستذكر سياسات 5 أعوام لمشاركة أبوظبي في عاصفة الحزم (الحلقة 2)

تناولنا في الحلقة الأولى من هذا التقرير الموسع بداية الأطماع الإماراتية في اليمن ودوافعها ومسبباتها، كما عرجنا على جملة من الأحداث السياسية التي حدثت في الأعوام الأخيرة والتي سهلت من تدخل الأمارات في الشأن اليمني.

وفي هذه الحلقة نحاول تسليط الضوء على العلاقة السياسية المتوترة بين الشرعية والنظام الإماراتي عقب تحرير مدينة عدن، وكيف وصلنا الى الوضع الراهن.

• الإمارات في اليمن.. أربع سنوات عجاف

لم تحقق الإمارات ما كان منتظراً منها خلال فترة مشاركتها في التحالف العربي وحتى يومنا هذا، وظل الوضع ينحدر كل يوم من سيء إلى أسوأ في المدن اليمنية التي نجحت في التحرر من متمردي الحوثي، بداية بالعاصمة المؤقتة عدن أواخر العام 2015م وما تلاها من مدن ومحافظات.

ويجمع اليمنيون على أن التدهور الكبير الذي طرأ في تلك المدن والمحافظات على كافة المستويات سواء أكانت أمنية أو خدماتية أو حتى اقتصادية كان وراءه سياسات تدميرية ممنهجة اعتمدتها الإمارات بغرض تقويض السلطات الشرعية الناشئة بعد التحرير، كي يتسنى لها رسم الملامح الجيوسياسية في تلك المدن على ما يشتهيه ويرضاه حكام أبوظبي.

وتعددت أساليب تقويض السلطة وتطبيع الأوضاع في المناطق المحررة وإعاد عجلة التنمية فيها للدوران عبر عدد من المنهجيات والسياسات، أدت في المجمل الى تخريب المشهد بشكل كبير في المدن المحررة وسقوطها في دوامة من العنف والدمار حتى اللحظة، نجملها كالآتي:

أ‌- استهداف قيادة الشرعية ( الرئاسة والحكومة )

منذ اليوم الأول لتحرير مدينة عدن جنوب اليمن في 17 يوليو عام 2015م من مليشيات الحوثي على يد قوات المقاومة الشعبية، مدعومة بمقاتلات التحالف العربي، بدأت إرهاصات المساعي الإماراتية للسيطرة على مجريات الأمور في المدينة بالظهور، عبر الإيعاز لبعض الفصائل المسلحة التي كانت موالية لها بالسيطرة على مطار عدن الدولي وأهم المرافق الحيوية في المدينة، وعدم إيكال تلك المهمة الى قوات الجيش الوطني أو الجهاز الأمني فيها.

وكانت قيادة الشرعية ممثلة برئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وعدد من أفراد الحكومة قد وضعت أقدامها في مدينة عدن لأول مرة منذ تحريرها في شهر سبتمبر من ذات العام وسط وعود بتطبيع الأوضاع في المدينة وإعادة الإعمار وتشغيل القطاعات المختلفة.

وكان التفاؤل هو السائد في تلك اللحظات، حيث كانت تسعى القيادة السياسية لجعل عدن “رمزاً” للتنمية والانتعاش والسلام، ومثالاً على الفرق الشاسع بين الخراب والخوف في صنعاء الواقعة ضمن سلطة الحوثيين، وبين الأمن والأمان والرخاء في عدن.

لكن سرعان ما تبددت آمال النهوض بعدن بعد أن شرعت الإمارات في السيطرة على كافة المرافق في الحيوية في المدينة، قبل أن تضطر لاحقاً الرئيس والحكومة الى مغادرة المدينة كي لا ينفجر الوضع.

واغتالت أدوات الإمارات الآثمة محافظ عدن حينها اللواء جعفر محمد سعد، وتحديداً في ديسمبر من نفس العام، بعد أن رفض التماهي مع رغبة الإمارات في السيطرة عليها.

الإمارات واصلت استهداف قيادات الشرعية، وبعد ضغوط مورست على الرئيس هادي تم تعيين عيدروس الزبيدي محافظاً للمدينة، وتم تعيين هاني بن بريك وزيراً للدولة، وهما شخصيتان تربطهما علاقة العمالة لأبوظبي، فشرعا في إعادة صياغة المشهد العدني على مقاسات وأهواء أولاد زايد.

الرئيس هادي كان غير راضٍ عن سياسة شراء الولاءات لقيادة الشرعية والتي تورط فيها أيضاً رئيس الوزراء الأسبق خالد بحاح، فأقاله من منصبه في شهر ابريل 2016م،وعين الدكتور أحمد عبيد بن دغر خلفاً له. كما قام الرئيس بعدها بعام بإقالة الزبيدي وبن بريك وإحالة الأخير للتحقيق، في محاولة جادة لإعادة دفة المسار الى وضعها الطبيعي.

وكان بن دغر على مستوى الرهان والتحدي، وفرض منطق المواجهة المباشرة مع الإمارات، وأحرج قيادتها في أكثر من مشهد، لتفجر بعد ذلك المشهد عسكرياً عبر تمويل انقلاب عسكري فاشل تم إخماده مطلع العام 2018م.

واشتعلت الأجواء السياسية مجدداً بين قيادة الشرعية وأبوظبي عقب وصول بن دغر الى جزيرة سقطرى نهاية شهر ابريل 2018م، الأمر الذي أثار حفيظة أولاد زايد وأشعل أزمة سقطرى التي انتهت حينها بإجلاء القوات الإماراتية من الجزيرة.

وفي خضم هذه الفترة كانت الإمارات قد مارست ضغوطاً هائلة وحالت دون عودة الحكومة الشرعية أو الرئيس الى عدن.

• عادل الحسني يكشف عن استهداف الإمارات للشيخ أحمد العيسي:

وفي خضم المواجهة العاصفة بين الإمارات وقيادة الشرعية فجر القيادي في المقاومة والمعتقل السابق في سجون الإمارات عادل الحسني قنبلة مدوية، بكشفه عن مخطط خطير أوكلته القيادة الإماراتية لضابطها في عدن، المدعو أبو خليفة المهيري، لاغتيال نائب مدير مكتب رئيس الجمهورية، رئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم الشيخ أحمد صالح العيسي، عبر عبوة ناسفة حاولت زراعتها في مقر عمله.

وحاول المهيري تجنيد الحسني للقيام بالمهمة، لكنه رفض ذلك.

وباستهداف الشيخ العيسي كانت تسعى الإمارات لضرب منظومة الشرعية في مقتل، إذ يعتبر العيسي أحد أهم رموزها، وأحد أهم نقاط قوتها في مواجهة أطماع أبوظبي، غير أن المخطط تعرض للفشل الذريع.

وبنظرة خاطفة على سيرة حياة الرجل وتاريخه المهيب، يدرك المرء أسباب ذلك الاستهداف وخفاياه؛ فالعيسي كان الرافد الأهم والداعم الأبرز للسلطة الشرعية، ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، طوال هذه السنوات العصيبة التي تشهدها اليمن.

لقد ساهم في إعادة بناء الدولة التي دمرها الانقلاب الكهنوتي الحوثي، وكان دعمه اللامحدود للمقاومة في عدن ولحج والضالع وأبين وشبوة وتعز عاملاً رئيسياً في حسم المعركة ضد مليشيات الكهف.

وبعد النصر المؤزر هب الشيخ العيسي لبناء مداميك الدولة، بدءاً بمؤسستها العسكرية، لإدراكه أن هناك من ينسج في الخفاء مؤامرة خبيثة للانقلاب مرة ثانية على أصوات اليمنيين، فكان هو مهندس ألوية الحماية الرئاسية، حائط الصد الأقوى للشرعية أمام الخصوم والمتربصين.

ولولا تلك الخطوة الجبارة من الشيخ العيسي لكانت الإمارات قد نجحت عبر جناحها العميل المسلح “المجلس الانتقالي” في إسقاط الشرعية عبر انقلاب عسكري نفذ مطلع العام 2017م، لكنه باء بالفشل الكبير.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق