كشفت شبكة “بي بي سي”، في تحقيق لها، تفاصيل تُروى لأول مرة، عن عملية إنزال سابقة لجنود أمريكيين في قرية يكلا بمحافظة البيضاء اليمنية.
ويخلص الوثائقي إلى مقتل عدد كبير من المدنيين اليمنيين، ووجود تناقضات في سياسات الولايات المتحدة باليمن، تُخالف أهدافها الاستراتيجية المعلنة هناك.
وقال موقع “بي بي سي”، أمس الثلاثاء: “في يوم 23 مايو من عام 2017، شنّت القوات الخاصة الأمريكية أكبر مداهمة برية ضد أهداف للقاعدة جنوبي اليمن.
وبيّن الموقع أن مراسِلته صفاء الأحمد، سافرت إلى اليمن، للتحقيق في تصاعد وتيرة الهجمات الأمريكية على أهداف تابعة لتنظيم القاعدة في البلاد.
وتابع: “شُنت معظم هذه الضربات سراً، لكنها تصدرت عناوين الأخبار بعد هجوم استهدف قرية يَكلا اليمنية، وقد وافق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على استهداف القرية خلال أيامه الأولى بالبيت الأبيض، وكان الأول في سلسلة من الهجمات واسعة النطاق، كما كان أيضاً أول عملية أمريكية لمكافحة الإرهاب في اليمن منذ سنوات.
ويصل عدد القتلى، وفق ما قاله مواطنون من القرية، إلى 30 شخصاً، في هجوم اعتُبر بداية تصعيد ملحوظ في الحرب على “القاعدة” باليمن.
ولقي أحد العسكريين الأمريكيين مصرعه في أثناء الهجوم، ليصبح أول قتيل بصفوف الجيش الأمريكي خلال حكم ترامب، في حين جُرح ثلاثة آخرون.
وكان ترامب قد نقل عن وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، وصفه الغارة بـ”الناجحة للغاية”، مضيفاً: إن “كماً كبيراً من المعلومات الأساسية قد نتج عنها”.
“بي بي سي” حققت فيما حدث بالفعل في يكلا، وسمعت مراسِلة الموقع، من ذاكرة من نجو من حادثة الإنزال القصة كاملة، ووجدت ما يشير إلى عملية لاحقت فيها القوات الأمريكية أهدافاً خاطئة؛ وهو ما تسبب في مقتل مدنيين وبث الرعب بالمنطقة.
ثم ذهبت الأحمد لقرية شبوة في أعقاب هجوم أمريكي آخر، حيث التقت عائلة فقدت سبعة من أفرادها، وكان الأب خرج محاولاً إنقاذ واستعادة ابنه الذي انضم إلى تنظيم القاعدة، وقبل وصوله إليه انفجرت السيارة التي تقلّ الجميع نتيجة ضربة جوية.
وفي قرية ثالثة، هي العذلان، تحقق “بي بي سي” في أكبر غارة شنتها الولايات المتحدة باليمن، إذ شارك فيها خمسون جندياً أمريكياً، لكنهم اضطروا إلى الانسحاب بسرعة كما يبدو، وتركوا وراءهم بعض الأدلة التي كشفت هوية المشاركين في الغارة.
ولاحظت الأحمد أن تجنيد مقاتلين جدد للانضمام إلى تنظيم القاعدة في هذه المنطقة لا يعتمد بالضرورة على الرغبة في المشاركة بالقتال، بل يعتمد في كثير من الأحيان على عوامل وصراعات محلية، فالانضمام يحدث في إطار الصراع من أجل البقاء.
وتقع يكلا، وفق ما وصفته الأحمد، “في منطقة خطيرة جداً وتقع بمنتصف خطوط صراع مختلفة بين القوات الموالية للحكومة اليمنية ومليشيات الحوثيين، ومع القبائل أيضاً، فضلاً عن وجود قوات تنظيم القاعدة”.
وكانت منظمة “سام” للحقوق والحريات نشرت تفاصيل العملية التي نُفذت بـ”يكلا”، وقالت إنها أسفرت عن مقتل عبد الرؤوف الذهب، الذي قيل إنه أحد قيادات تنظيم القاعدة باليمن.
وقالت المنظمة الدولية، في بيان، إن مجموع قتلى العملية 30، بينهم 6 نساء و3 أطفال، مشيرة إلى وجود جثث متفحمة لم يتم التعرف عليها.
وأشار البيان إلى أنه إثر انتهاء العملية العسكرية، هبطت “الأباتشي” على بُعد 15 إلى 20 متراً من الأرض، وتم رفع الجنود والجرحى الأمريكيين.
وأكدت المنظمة الحقوقية في البيان، أنه لا يوجد سبب معروف لهذه العملية، معرّجة بالقول إن وقائع مشابهة قد حدثت في محافظة البيضاء.
وبينت “سام” أن “الذهب” لم يكن منتمياً إلى تنظيم القاعدة، مؤكدة أن إخوته الذين كانوا ينتمون إلى “القاعدة” قُتلوا سابقاً.
وقُتل في العملية العسكرية عبد الرؤوف الذهب وأخوه سلطان الذهب وابنا أخيه عبد الإله وعبد الله أحمد الذهب، ةعمرهما بين 16 و17 عاماً، في حين تضررت ثلاثة منازل بأضرار كبيرة نتيجة القصف كما أُحرقت خيام للبدو بالمنطقة.
هذا وطالبت المنظمة الحقوقية الحكومة اليمنية ضرورة الكشف للرأي العام عن ملابسات العملية التي وصفتها بـ”الجريمة”.