جمعة الكرامة.. المذبحة التي مرت بلا عقاب!!

محرر 219 مارس 2018
جمعة الكرامة.. المذبحة التي مرت بلا عقاب!!

مرت الذكرى السابعة لمجزرة جمعة الكرامة، 18 مارس 2011، وهي الذكرى الأولى لهذه الجريمة الأليمة، التي تمر بعد رحيل علي عبد الله صالح، والذي قضى نحبه في الــ 4 من ديسمبر على يد شريكه وحليفه في الانقلاب مليشيا الحوثي.

فرغم الحرب، لا يزال اليمنيون يتذكرون جيدًا تلك المذبحة التي راح ضحيتها 53 شابا من خيرة شباب اليمن، والتي شكلت منعطفًا حاسمًا، وعجّلت برحيل نظام علي عبدالله صالح، الذي جثم على صدورهم أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.

ولا ينسى اليمنيون، وهم يفجرون ثورتهم ضد نظام عاث فسادًا وطغى وتجبر في الأرض، ذلك اليوم المشهود، والحديث هنا عن تاريخ 18 مارس 2011، والذي مثل يومًا مفصليًا في مسار الانتفاضة الشعبية اليمنية، والتي أفضت في نهاية المطاف إلى الإطاحة بنظام على عبد الله صالح بعد 33 عامًا قضاها في السلطة.

ورغم مأساوية المشهد وكثرة أعداد الضحايا، ما زال الكثيرون يستحضرون تفاصيل تلك الظهيرة، التي تعرض فيها المعتصمون في ساحة التغيير بصنعاء عقب أدائهم شعائر صلاة الجمعة، للقنص على مدار ثلاث ساعات، ما أسفر عن مقتل 53 شابًا وإصابة العشرات بالرصاص بينهم طفل فقد عينيه، في ذكريات أليمة لم تندمل جراحها بعد.

“مذبحة بلا عقاب”

ورغم تداعي نظام صالح بعد تلك المجزرة، إلا أنه حاول إبعاد التهم عنه، عندما خرج مقربون منه حينها إلى العلن، متهمين ساكني الأحياء المجاورة لمكان الاعتصام بارتكاب المجزرة، وهي تهمة نفاها السكان تمامًا جملة وتفصيلًا، ولاحقًا كشفت خيوط الجريمة، أن أثرها ينتهي بالدائرة المقربة من المخلوع صالح.

وفي تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، تحت عنوان “مذبحة بلا عقاب” صدر في  12 فبراير 2013، أكد صدور أمر قضائي من إحدى المحاكم اليمنية بالتحقيق مع  “علي عبد الله صالح” و 11 من أركان نظامه بينهم ابن أخيه يحيى صالح، قائد قوات الأمن المركزي في ذلك الوقت، ولكن تلك التحركات القضائية أجهضها المخلوع، حيث كانت أجهزة الأمن والقضاء تدار من أركان نظامه.

وعلى مدى السنوات الماضية، حاولت جماعات حقوقية يمنية ودولية الدفع بملف مجزرة “جمعة الكرامة” إلى مجلس الأمن الدولي، عن طريق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ولكن الوضع السياسي والعسكري المتأزم واحتدام الصراع الداخلي وحدوث قضايا حقوقية أخرى، أفشل أي تحرك لهذا الملف.

الدماء أسقطت صالح

ويتذكر الناشط الشبابي والصحفي عمار علي أحمد، ذلك اليوم جيدًا، حيث قال  “مساء ذلك اليوم تصدع نظام صالح من الداخل، وأعلن المئات من المسؤولين الحكوميين الموالين لصالح انشقاقهم لتسير الثورة الوليدة بطريقة دراماتيكية متتالية بدأت بالانشقاق والتأييد للثورة، وحل الحكومة وحماية الاعتصام، إلى استعداد صالح للقتال بنشر الدبابات في شوارع صنعاء”.

وأضاف في تصريحات لـ”العاصمة أونلاين”: “الثورة ضد صالح كانت فعلًا شبابيًا، ومجزرة الكرامة جعلتها فعلًا شعبيًا عارمًا لا يمكن أن يتوقف، وبات زخم الثورة وصداه يصل إلى آذان العالم”.

وأكد عمار، وهو أحد شباب حركة 15 يناير التي انطلقت من جامعة صنعاء، والتي تعد أول حركة شبابية تؤسس للاعتصام بصنعاء، أن “الكرامة شكلت واحدة من أقوى الضربات التي هزت نظام صالح، فالدماء التي سفكت هي من عجّل بسقوط صالح ونظامه”.

تخليد الذكرى

وقد حاولت مجموعة من اليمنيين تخليد ذكرى هذه المجزرة، ليبقى ضحاياها حاضرين في الوجدان اليمني، وكان لافتًا أن الذكرى الثالثة لمجزرة “جمعة الكرامة”، صادفت انطلاق أعمال مؤتمر الحوار الوطني بين كل الأطراف والمكونات اليمنية عام 2013، قبل أن تنقلب جماعة الحوثي على مخرجات المؤتمر وتجتاح صنعاء بقوة السلاح، لتفرض نظامها بالقوة ليرتبط هذا التاريخ بمؤتمر الحوار الوطني.

وقال مراقبون يمنيون: إن انطلاق مؤتمر الحوار، بالتزامن مع تاريخ المجزرة، يعد خطوة تعكس ما يمثله قادة الانتفاضة الشعبية ضد المخلوع صالح، ويراد منها تثبيت هذا التاريخ في وعي اليمنيين.

وبحسب ياسر الرعيني، وهو أحد قادة ثورة 11 فبراير، ويشغل حاليًا وزير الدولة لشؤون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، فإن “اختيار موعد انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل في الـ 18 مارس يعتبر انتصارًا لدماء شهداء جمعة الكرامة وعملية التغيير”.

وتابع في تصريحات لموقع “إرم نيوز”، أن “هذا التزامن، هو تقدير مهم  لتضحيات أبناء الوطن في ثورته المجيدة، ولتضحيات الشهداء الذين قدموا أنفسهم فداء لشعبهم ووطنهم بحثًا عن الدولة التي تحقق العدالة والمساواة”.

حدث هزّ كيان اليمن

من جهته، أوضح الكاتب الصحفي، محمد الجماعي أن “جمعة الكرامة” كانت أول حادث يهز وجدان اليمنيين، وكانت بمثابة جمعة كشف القناع عن صالح الذي قال إن الشعب خرج سلميا للمطالبة بحقه، وقال إن الناس داخل ساحة التغيير تفاجؤوا وقتها بإطلاق النار عليهم، مؤكدا سقوط  53  قتيلا ونحو ستمئة مصاب بغازات سامة وأحجار.

وردا على سؤال بشأن أن صالح نفى مسؤوليته، وقال إن من ارتكبوا المجزرة هم من سكان الحارات أي الأحياء المجاورة لساحة التغيير نفى الجماعي هذا الأمر، ووصف ذلك بالتهمة الكاذبة، مشيرا إلى أن سكان تلك الأحياء شكلوا “لجنة جيران ساحة التغيير” وأعلنوا براءتهم من الدماء التي سقطت، كما قدموا مساعدات وخدمات طبية للضحايا.

وبشأن مدى تأثير “جمعة الكرامة” على مسار الثورة اليمينة، أكد الكاتب الصحفي أن اليمنيين بمختلف مكوناتهم تعاطفوا مع شباب الثورة، ووصف تلك المجزرة بأنها كانت مفصلية، والناس ما زالوا يتذكرونها رغم حدوث مجازر لاحقة بحقهم في مختلف المحافظات اليمنية.

ولم تكن المجزرة التي شهدها اليمن في “جمعة الكرامة” الوحيدة بالتأكيد لكنها كانت الأولى وربما الأخطر والأهم في مسار الثورة اليمنية السلمية.

مجلس الأمن الدولي

وكان محمد ناجي علاو محامي ضحايا مجزرة “جمعة الكرامة” في اليمن، قد اتهم في وقت سابق، علي عبد الله صالح بالمسؤولية عن المجزرة بحكم مسؤوليته السياسية والعسكرية حينها، وكذلك نجله أحمد علي عبد الله صالح، لأن القناصة كانوا من الحرس الجمهوري، إضافة إلى وزارة الداخلية والقادة الأمنيين.

وكشف المحامي، في مقابلة له على قناة الجزيرة،  أنه وبعض الزملاء بادروا بالتحقيقات فور المجزرة، لكن النيابة العامة أجهضت هذه التحقيقات لأنها تطال المسؤولين العسكريين والأمنيين.

ولم يستبعد أن يتم نقل القضية إلى مجلس الأمن الدولي عن طريق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث تتولى لجنة وطنية شكلت مؤخرا من مجلس حقوق الإنسان التحقيق في قتل المتظاهرين اليمنيين، ومنها “جمعة الكرامة” التي اعتبرها ناجي علاو لا تموت بالتقادم.

*العاصمة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق