لا يزال الغموض يكتنف المشهد السياسي والعسكري في اليمن، بعد أحداث عدن، وما ستؤول إليه الأمور الآن، في ظل تهدئة لا تزال معالمها غير واضحة النتائج، وضبابية في المواقف للأطراف التي فجرت الصراع.
على مستوى فريق «الشرعية»، تفيد مصادر سياسية في الرياض، بأن الرئيس عبد ربه منصور هادي يبدو «منزعجاً كثيراً»، وهو يشعر بأن ما جرى في عدن «ليس سهلاً ولا يمكن احتواؤه عبر الفريق الذي شكل من التحالف وكلف بالزيارة إلى عدن لوضع حد للخلافات بشكل أو بآخر».
ومنذ ثلاثة أيام، تناقش «الشرعية» الخيارات التي ستتخذها، وعلى ضوء الإمكانات المتاحة أمامها الآن، وتقول المصادر إن «النقاشات خلصت إلى اعتبار ما حصل في عدن هدفه هو القضاء على الحكومة الشرعية، وأن التحالف يريد مخلوقاً حكومياً جديداً يقوده هو ولا يقود نفسه».
وعن ما إذا كانت تشعر «الشرعية» بالهزيمة أو الانتصار في عدن، تقول المصادر إن «الشرعية تشعر بالانتصار، فلا الانقلاب عليها اكتمل ولا حكومة بن دغر غادرت عدن، ومن هذا المنطلق ترى الشرعية بأن ذلك يعتبر فرصة أخيرة في الدفاع عن وجودها»، معتبرة أن «بقاء السلاح بيد المجلس الانتقالي يمثل خطراً عليها، وتتوقع بأن يتكرر الانقلاب عليها في حال بقي السلاح بيد الانتقالي».
ومن هذا المنطلق، وبحسب المصادر، فإن «الشرعية» قررت التصعيد سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً هذه المرة: عسكرياً، ستسعى «الشرعية» الآن إلى ترتيب كل ما تبقى معها من أوراق، وهي ترى أنها الآن بحاجة لحشد قوة جديدة في هذا الاتجاه، وفي حساباتها أن صداماً ثانياً بينها وبين المجلس الانتقالي ستشهده عدن لا محالة.
ومن جهة أخرى، تطرح «الشرعية» على «التحالف» وفريق الوساطة، بحسب معلومات «العربي»، شرط دمج جميع القوة في عدن في إطار الجيش والأمن، ما لم… فإن هذه القوة «ستظل تشكل قلقاً أمنياً كبيراً وستدخل عدن في مواجهات مستمرة وعنف مستمر». .
سياسياً، وطبقاً لمصادر في الرياض، قررت «الشرعية» الصمود أمام الضغوط المتعلقة بتغيير الحكومة، على عكس ما قبل أحداث عدن، فـ«الشرعية» ترى بأن استجابتها الآن، بعد ما حصل، لتغييرات في الحكومة، سيسقطها من أعين الناس، وسيجعلها محل ضعف، ومستهدفة بشكل أكبر. وفي حال استمرت الضغوط على الرئيس هادي من قبل السعودية، تفيد المصادر بأنه سيلجأ إلى تعديل في الحكومة وليس تغييراً.
دبلوماسياً، قررت «الشرعية» التصعيد أيضاً وتغيير لغتها ولغة حديثها. وكشفت مصادر إعلامية في الرياض، إن «الشرعية صاغت بياناً حاداً، وقبل زمن قصير من إعلانه جاءت توجيهات من قبل الرئيس هادي في التوقف عن إذاعته ونشره».
تضمن البيان، بحسب المصادر، توجيه اتهامات لدولة الإمارات بـ«الوقوف وراء أحداث عدن وسعيها لضرب الوحدة اليمنية ودعمها للانفصال»، وأنها «تعمل ضد قرارات مجلس الأمن الدولي والسلطة الشرعية»، إضافة إلى أن البيان تضمن تهديدات باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي ودوائر صناعة القرار الدولية للتدخل ووضع حد للمحاولات التي تسعى للقضاء على «الشرعية»، واتخاذ سياسات خارجة عن أهداف «التحالف»، وما تم الاتفاق عليه.
وبشأن تراجع الرئيس هادي عن إذاعة البيان، قالت المصادر إن «البيان أوقفه الرئيس بعد تدخل كويتي، وربما هذا التدخل ظهر واضحاً بعد اندلاع أحداث عدن، حيث تشير المصادر إلى أن الرئيس هادي لجأ إلى الكويت لطرح ما تقوم به دولة الإمارات والرياض، موضحاً لهم أنه قد يلجأ إلى اتخاذ قرارات ستكون مؤلمة».
وبعد التراجع عن إذاعة بيان الرئيس هادي، قررت «الشرعية» إذاعة بيان آخر عبر وزارة الخارجية، إذ اعتبرت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، في بيانها الذي تم الإعلان عنه الخميس، أن العمليات العسكرية التي قامت بها قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» المدعوم إماراتياً، ضدها في عدن، تعد «خروجاً عن الهدف الذي من أجله أنشئ تحالف دعم الشرعية» في اليمن.
وأوضحت وزارة الخارجية، في بيانها، أن «ما قام به المتمردون في عدن، من محاولة انقلابية والمحاولات المستمرة والحثيثة لإعاقة عمل الحكومة الشرعية، وتعطيل مهامها، والقيام بإنشاء وتوجيه مليشيات عسكرية خارج إطار القيادة العسكرية للقوات المسلحة اليمنية، انتهاكاً سافراً لقرار مجلس الأمن رقم 2216، وتهديداً لأمن المنطقة».
الأخطر في المشهد، هو في خلاصة أن أحداث عدن لم تستقر بعد، مفتوحة على احتمال انفجار الوضع من جديد، خصوصاً أن الرئيس هادي يؤكد أنه ليس بوارد التنازل الكامل وتغيير الحكومة، وهو ما أكده المتحدث باسم حكومة هادي، راجح بادي، بأن لا وجود لأي حديث الآن أو نقاش بشأن تغيير حكومي.
*العربي