تُعد امتحانات الشهادة الثانوية السودانية لعام 2025 واحدة من أبرز القضايا التي تُثير اهتمامًا جماهيريًا وسياسيًا في السودان، خاصة مع استمرار التحديات الأمنية واللوجستية التي تعترض إجراء الامتحانات في مناطق متعددة.
وسط ارتفاع حدة التوتر في عدة ولايات، تسعى وزارة التربية والتعليم إلى إنجاز العملية التعليمية ضمن أطر مبادئ العدالة والشفافية، رغم التحديات الهائلة.
وأفادت المصادر الرسمية بأن امتحانات الدفعة المؤجلة لعام 2024 بدأت في 29 يونيو 2025، في 12 ولاية و20 مركزًا خارجيًا، شارك فيها أكثر من 210,000 طالب، بدءًا من مادتي التربية الإسلامية والمسيحية. ومع ذلك، استُبعدت ست ولايات من العملية، من بينها دارفور الخمس وغرب كردفان، بسبب سيطرة قوات الدعم السريع، ما أثار تساؤلات حول إمكانية إجراء امتحانات عادلة في ظل هذه الظروف.
وأشارت وزارة التربية والتعليم إلى بدء عملية تصحيح أوراق الامتحانات في 16 أغسطس 2025، بمشاركة نحو 2000 معلم ومعلمة موزعين على 10 مراكز تصحيح في مدينتي الدامر وعطبرة بولاية نهر النيل. ويتولى أكثر من 3250 معلمًا إشرافًا على هذه العملية، مع اعتماد نظام مراجعة مزدوجة لضمان دقة التصحيح وتفادي الأخطاء. ومن المقرر إعلان النتائج في النصف الأول من سبتمبر 2025، عبر الموقع الرسمي للوزارة، أو عبر رسالة نصية إلى الرقم 2011 مقابل 2000 جنيه سوداني، أو من خلال زيارة المدارس والمراكز التعليمية.
وفي ظل التصعيد الميداني، أظهرت تقديرات أن حوالي 400,000 طالب من أصل 600,000 لم يتمكنوا من أداء الامتحانات، خصوصًا في مناطق مثل الخرطوم، الجزيرة، ودارفور. وسجّلت حالات وقوع طلاب في مخاطر أمنية أثناء التنقل، منها اعتقالات بتهم مثل “الوجوه الغريبة”، ما أثار مخاوف من تقويض العدالة التعليمية.
وأعربت لجنة المعلمين السودانيين عن قلقها من استخدام الامتحانات كأداة لتعزيز الانقسام الاجتماعي، مطالبةً بوقف إطلاق النار خلال فترة الامتحانات، واعتبرت الإجراءات الحالية “خطوة تضييع لفرصة تكافؤ الفرص”. في المقابل، أشادت منصات التواصل الاجتماعي، خاصة منصة X، بجهود المعلمين في تنفيذ الامتحانات رغم الظروف، مع تسليط الضوء على تعبئة المراكز في الدامر وعطبرة.
وأبدت وزارة التربية والتعليم تأمينًا خاصًا للطلاب المتأثرين بالحرب، من خلال إنشاء مراكز طوارئ في عطبرة والدامر، وفتح باب التسجيل حتى يوم قبل الامتحان. كما تم تخصيص مراكز في ولايتي نهر النيل والنيل الأبيض لطلاب دارفور، حيث وصل 693 طالبًا إلى الدامر وعطبرة، و148 طالبًا إلى كوستي بعد رحلات استمرت أحيانًا أكثر من 15 يومًا، عبر مسارات خطرة.
وقدمت منظمة اليونيسف دعماً ملموسًا للطلاب، من خلال توفير أدوات مدرسية، ووجبات غذائية، ومستلزمات النظافة. أما بالنسبة لتكاليف التسجيل، فقد حددت الوزارة الرسوم التالية: 50,000 جنيه سوداني للطلاب داخل السودان، و25,000 جنيه لاستخراج الشهادة. أما خارج البلاد، فتبلغ رسوم الجلوس 50 دولارًا، واستخراج الشهادة 100 دولار، بينما يُطلب من الطلاب الأجانب دفع 500 دولار للجلوس، و100 دولار لاستخراج الشهادة، مع إضافة 100 دولار كرسوم توثيق.
ومن المتوقع أن تتبع النتائج إجراءات التقديم للجامعات عبر دليل القبول الإلكتروني، بينما يُتاح للطلاب غير الناجحين فرصة إعادة الامتحان في مارس 2026 أو الانضمام لبرامج التدريب المهني، لتقليل الأثر السلبي على مستقبلهم الدراسي.