انتشر مقطع فيديو يوثق لحظة اشتعال النيران في جسد الصحفي أحمد منصور، مراسل وكالة “فلسطين اليوم”، أثناء تواجده داخل خيمة مخصصة للصحفيين قرب مجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب قطاع غزة.
أسفر القصف الإسرائيلي على الخيمة عن استشهاد الصحفي حلمي الفقعاوي والمواطن يوسف الخزندار، بالإضافة إلى إصابة تسعة صحفيين آخرين بجروح متفاوتة.
وسادت حالة من الحزن والأسى في الأوساط العربية عقب انتشار مشاهد احتراق منصور، الذي بدا عاجزًا عن إنقاذ نفسه بينما تلتهمه ألسنة اللهب إثر استهداف طائرات الاحتلال للخيمة فجر الاثنين.
وأظهرت اللقطات المصورة اشتعال جسد منصور بالكامل، في وقت استشهد خلاله اثنان من المتواجدين في القصف ذاته الذي طال خيمة الإعلاميين.
روى الصحفي الفلسطيني عبد الرؤوف شعث تفاصيل اللحظات المؤلمة التي شهدها، قائلاً إنه لم يتخيل يومًا أن يهرع إلى شخص تحترق جثته، لا لإنقاذه من الموت، بل لإنقاذه من ألسنة النار.
أوضح شعث أنه عند استهداف طائرات الاحتلال خيمة الصحفيين، سادت حالة من الانفجار المفاجئ وسط أصوات عالية ونيران وغبار وذهول، ليتفاجأ بزميله أحمد منصور يشتعل أمام ناظريه بصورة تفتت القلب.
وأشار إلى أنه اندفع نحو منصور بدافع إنساني فطري وخوف ومحبة، محاولًا إخماد النيران دون وعي كامل، بينما كانت صرخات منصور وعيناه المملوءتان برجاء النجاة تحفران الوجع في قلبه.
وأكد شعث أن تلك اللحظة لم تكن مشهدًا سينمائيًا، بل وجعًا حيًا وحقيقيًا يصعب تحمله، حيث كان منصور يستغيث وسط ألسنة اللهب المتصاعدة.
وتحدث عن شعوره بالعجز أمام قسوة المشهد، مضيفًا أن الصحفيين يحملون كاميرات لا أسلحة، وينقلون الحقيقة دون مشاركة في القتال، متسائلًا عن سبب استهدافهم بهذه الوحشية.
أضاف أنه سيظل يتذكر تلك اللحظات المؤلمة طوال حياته، مؤكدًا أنه بذل كل جهده لإنقاذ زميله، متمنيًا أن يغفر له منصور وألا ينسى العالم معاناة الصحفيين تحت القصف.
وشدد على أن المشهد كان يفوق قدرة أي وصف، حيث ترافقت صرخات الاستغاثة مع النيران والدخان وسط قلوب تتحطم على أصدقاء لم يتمكنوا من إنقاذهم رغم رغبتهم الملحة.
أوضح أن ردود الأفعال في هذه اللحظات تكون غريزية بين الهروب أو الاندفاع أو الصمت التام، حيث أمسك البعض بالكاميرا لا رغبة في التصوير وإنما لعجزهم عن فعل شيء آخر.
اختتم شعث روايته بالتأكيد على أن من يلوم الصحفيين دون أن يعيش لحظاتهم لا يدرك حجم الذهول والعجز، داعيًا للرحمة للشهداء والشفاء للمصابين، ومؤكدًا أن هذه الذكرى ستظل محفورة في الذاكرة.
من جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أن استهداف الصحفيين في غزة يكشف عن مدى الوحشية التي تمارسها قوات الاحتلال بحق المدنيين.
وأكدت الوزارة في بيان صدر الاثنين أن هذا الاعتداء جزء من سلسلة متصاعدة من الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين بهدف إسكات الصوت الفلسطيني وتغييب الحقيقة.
وأشارت إلى أن الهجمات على الإعلاميين تأتي ضمن سياق حرب شاملة تشنها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، لمنع توثيق انتهاكاتها بحق المدنيين.
وأضافت الخارجية الفلسطينية أن ما حدث يندرج ضمن انتهاكات متعمدة تشمل القصف والقتل خارج القانون والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، بهدف إرهاب الصحفيين وردعهم عن أداء مهامهم الإنسانية والمهنية.