شهدت مدينة حلب شمالي سوريا تصعيداً ميدانياً خطيراً إثر اندلاع مواجهات مسلحة عنيفة بين قوات الحكومة السورية وقوى الأمن الداخلي من جانب، وميليشيات “قسد” وقوات الأسايش التابعة لها من جانب آخر، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين والعسكريين، وتسبب بموجة نزوح واسعة من الأحياء الشمالية للمدينة.
وتركزت أعنف المعارك في محيط دواري شيحان والليرمون، إضافة إلى أحياء الأشرفية والشيخ مقصود، حيث استُخدمت في القصف المتبادل الأسلحة الثقيلة والرشاشات وقذائف الهاون والـ “آر بي جي”، فيما سجلت المصادر الطبية في مديرية صحة حلب مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء القصف، بينما أكدت وكالة الأنباء الرسمية مقتل مدني وإصابة آخرين بينهم أطفال برصاص قناصة ميليشيات “قسد” التي استهدفت نقاطاً أمنية ومناطق سكنية ممتدة من دوار شيحان حتى الليرمون.
وأدت كثافة النيران إلى توقف الحركة المرورية وإغلاق طريق حلب – غازي عنتاب من جهة المناطق المشتعلة، في حين سادت حالة من الذعر دفعت عشرات العائلات وعمال المصانع في منطقة الليرمون والأحياء المجاورة للأشرفية إلى مغادرة منازلهم والنزوح باتجاه مناطق الخالدية وشارع النيل، وسط توجيهات من محافظ حلب، عزام الغريب، للفرق المختصة بتأمين نقل النازحين ودعوات للسكان بالتزام منازلهم والابتعاد عن مواقع التوتر.
وطالت الإصابات طواقم العمل الإنساني، حيث أعلن الدفاع المدني السوري عن إصابة اثنين من عناصره برصاص ميليشيات “قسد” أثناء تأديتهم لمهامهم في محيط حي الأشرفية، بينما تبادل الطرفان الاتهامات حول المسؤولية عن تفجر الموقف، إذ اعتبرت “قسد” أن تحركها جاء رداً على هجوم استهدف نقطة تفتيش تابعة لها واستخدام الدبابات في القصف، في حين أكدت المصادر الرسمية أن الهجمات بدأت من جانب الميليشيات باستهداف النقاط الأمنية والأحياء السكنية.
وتأتي هذه التطورات الميدانية المتسارعة في ظل تعثر تنفيذ اتفاق دمج المؤسسات المدنية والعسكرية الموقع في مارس 2025، حيث صرح وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، من دمشق اليوم، بأن ميليشيات “قسد” لا تبدي نية حقيقية للاندماج ضمن هياكل الدولة السورية، معتبراً أن تنسيقها مع إسرائيل يمثل عقبة رئيسية أمام تنفيذ التفاهمات المبرمة بين الرئاسة السورية وقيادة تلك القوات.















