نشر موقع “المصدر أونلاين” تقرير سرّي مطول رفعه رئيس ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، إلى جهة غير معروفة تُدعى “الوحدة الخاصة”، ويتضمن تقارير مفصلة حول أعمال المجلس وأنشطته العسكرية والأمنية والاجتماعية والإعلامية ومراكز الاحتجاز، بالإضافة للتكاليف المالية لتلك الأعمال المنفذة طوال عام 2020م.
وبحسب ما يفهم من السياق فإن هذه “الوحدة الخاصة” هي جهة إماراتية مسؤولة عن متابعة عمل المجلس باعتباره ذراعها السياسي والعسكري جنوب اليمن.
التقرير الذي يتكون من 82 صفحة، تضمن تفاصيل خطيرة ومثيرة توضح مدى تبعية المجلس لـ “الوحدة الخاصة”، وتُظهر قيادات الانتقالي مجرد جنود أو موظفين لدى تلك الجهة.
في رسالة التقديم يخاطب الزبيدي من يصفهم بـ”الأخوة في الوحدة الخاصة”، قائلاً: تنفيذاً لأوامركم القاضية بالاطلاع على التقارير السنوية لكافة أنشطة وفعاليات المجلس الانتقالي الجنوبي ورفدكم بكل المتغيرات واللوازم.. يسرنا أن نرفع لكم التقرير العام لأعمال المجلس الانتقالي الجنوبي خلال العام ٢٠٢٠م”.
وجاء في مقدمة التقرير أنه في عام 2020، “شهد الجانب العسكري ظهور أعمال مفاجئة من الطرف الآخر ونخص بالذكر حكومة الشرعية، وفي الجانب المتصل بمقار الاحتجاز واجهنا الضغوط المتتالية من قبل المحليين والدوليين، وبقية الجوانب أيضاً واجهنا أمورا سعينا لحلها بما تمكنا، وبفضل أيديكم الكريمة وتفهمكم، حققنا الكثير”.
ومن أبرز ما يكشف عنه عدم جدية الانتقالي في تنفيذ اتفاق الرياض، إذ ورد في الصفحتين 19، 20، تفصيل مثير يتحدث عن اجتماع القيادة السياسية في 5 يناير 2020 “لبحث آليات الهروب من استحقاقات اتفاق الرياض الموقع في 5 نوفمبر 2019″، أي بعد شهرين من التوقيع على الاتفاق. واجتماع آخر في 24 نوفمبر، لبحث أساليب منع الشرعية من إخراج المعسكرات من عدن.
ويظهر التقرير عدم رضى “الوحدة الخاصة” عن بعض خطوات الانتقالي، حيث جاء فيه “لقد استشعرنا عتابكم على ما أقدمنا عليه ردا لتنفيذ بنود اتفاق الرياض والذي هدف إلى تقليص الوجود العسكري للمجلس الانتقالي في عدن”.
ويتناول التقرير أسباب استعجال المجلس إعلان الإدارة الذاتية في أبريل رغم أن “الوحدة الخاصة” كانت تفضل إعلانه في أغسطس، ويشير إلى أن من تلك الأسباب تدهور الوضعية المالية للمجلس على إثر التأخر في الوفاء بالتزامات المجلس المالية من قبل الوحدة الخاصة، ويرجو تفهم ما أقدموا عليه.
وقال: “ندرك بأننا استعجلنا إعلان الإدارة الذاتية وأعلناه في أبريل رغم أنكم ارتأيتم إعلانه في شهر أغسطس.. كان للمجلس الانتقالي أسباب عديدة أخرى للإقدام على هذه الخطوة ومنها: الغضب الشعبي المتنامي ضد نقص الكهرباء والماء، تفاقم الأزمة الإنسانية بسبب نقص التمويل استمرار الاحتياجات التي تكاد تكون يومية ضد حكومة هادي وتدهور الوضع المالي للمجلس نتيجة تأخر الوفاء بالالتزامات المالية”.
ويوضح التقرير التكاليف المالية الكلية للمجلس لعام 2020، والتي بلغت مليار ومائة واثنين وستين مليون سعودي (أكثر من ثلاثمائة مليار ريال يمني)، من بينها المبلغ المخصص من قبل “الوحدة الخاصة” للمجلس ذلك العام، والذي بلغ سبعمائة و 39 مليون و 207 ألف سعودي، وهو ما يوازي أكثر من 200 مليار، بالإضافة إلى 955 ألف تم توفيرها من العام الذي سبقه.
ويقر التقرير بإقدام الانتقالي على سحب (نهب) 80 مليار ريال يمني (125 مليون دولار) من البنوك، بهدف تصحيح الوضعية المالية للمجلس، لكن الملاحظ أنه في ص 7 سجل هذا المبلغ ضمن الميزانية باعتباره يساوي 260 مليون سعودي، بينما هو يساوي حوالي 468 مليون، ما يعني أنه تم إخفاء 208 مليون ريال سعودي.
وقال: “إن إقدام المجلس على تحرير أموال الجنوب واستخدامها في تلبية الاحتياجات.. سحب ٨٠ بليون ريال يمني (١٢٥ مليون دولار) من حكومة هادي خلال فترة حكمه الذاتي كان بهدف تصحيح الوضعية المالية للمجلس إثر التأخر في الوفاء بالتزامات المجلس المالية من جانب، ومن جانب آخر معالجة الاحتياجات العاجلة لأبناء الجنوب”.
وعبرت قيادة المجلس عن رجائها تفهم تلك الإجراءات قائلة “نرجو تفهمكم لما أقدمنا عليه من إجراءات وأعمال في العام ٢٠٢٠”.
وحسب التفاصيل، نفذ المجلس خلال عام 2020م، ٩٠ عملية خاصة و٣٥ عملية أساسية مناوئة ضد القوات الحكومية بتكلفة إجمالية تزيد عن ٧٥٤ مليون ريال سعودي.
وأكد الزبيدي لـ”الوحدة الخاصة” أنه تم تنفيذ كل الأوامر، وقال: “جميع توجيهاتكم الصادرة والموجهة إلينا خلال عام 2020 قد نفذت كاملاً”، مشيرا إلى أن التنفيذ تم رغم “النواقص المالية التي واجهتنا نتيجة عدم رفدكم لميزانية الفصل الأول (يناير، فبراير، مارس) والتي تجاوزناها”.
وتضمن التقرير كشفاً بالمصروفات المالية ومنها “مرتبات شهرية لقوات النخبة الحضرمية عدد 2000 جندي وضابط بمبلغ 43 مليون و974 ألف سعودي، ومرتبات شهرية لقوات النخبة الشبوانية عدد 6 آلاف فرد بمبلغ 10 مليون و500 ألف سعودي”.
ومن التفاصيل المثيرة التي وردت في التقرير “إلحاق ٤٠ فردا ممن خضعوا لبرامج الاستتابة (مسلحي القاعدة والجماعات الإرهابية) والتأهيل ضمن قوام النخبة الحضرمية”، وذلك بعد دورة تدريبية كلفت مالياً ٦ ألف ريال سعودي، حسب التقرير.
وذكر التقرير (في الصفحة 11) رقماً مفزعاً لمشاركة طيران التحالف بـ145 غارة مع 577 ضربة جوية، ولم يوضح التقرير أين كانت تلك الضربات لكن الملاحظ، من خلال التاريخ، 3 مايو، أنها كانت بالتزامن مع معارك الانتقالي ضد القوات الحكومية في أبين، ما بين 1 و 4 مايو.
ومن ضمن العمليات الخاصة التي ذكرها التقرير، عملية خاصة في 18 مارس لمنع رئيس الحكومة والوزراء من العودة إلى عدن، ونقل عوائل كل من ناصر الخبجي وعبدالرحمن شيخ وأنيس الشرفي إلى الإمارات في نهاية مارس، وتنفيذ مواجهة غير مباشرة مع القوات السعودية بهدف إحباط قوات أمن مطار عدن.
وأشار إلى صرف “مكرمات خاصة” لعدد 74 إعلامي. ومكرمات خاصة لجذب (استقطاب) السلطات المحلية في شبوة وحضرموت وأبين، التي رفضت التعاون مع المجلس الانتقالي، ومكرمات للسلطتين اللتان تعاونتا مع المجلس في عدن وأبين.
ومن ضمن العمليات العسكرية التي تم ذكرها “عملية خاصة لاعتقال الإخواني سليم باحاج” في عدن، وإصلاح سيارة القائد حسن الذي قام بعملية الاعتقال، ودعم تظاهرة في مديرية غيل باوزير لتأييد إعلان الإدارة الذاتية.
وتطرق التقرير العسكري إلى اجتماع للقيادة العسكرية والأمنية للرد على بيان التحالف العربي بشأن الموقف من إعلان الإدارة الذاتية، وتكاليف اجتماع القيادة لإعلان الانسحاب من محادثات الرياض، وتكاليف المواجهات العسكرية ضد الشرعية في حضرموت وأبين.
وكان من اللافت، ضمن تكاليف العمليات الخاصة التي أوردها تقرير رئيس الانتقالي الزبيدي إلى “الوحدة الخاصة”، إعطاء مكرمات خاصة لعدد 13 قيادياً في أحزاب الاشتراكي والناصري، بتاريخ 7 مايو، 2020. وتشكيل غرفة عمليات مؤقتة للتواصل مع الأحزاب السياسية بشأن إعلان المجلس الإدارة الذاتية.
وأشار التقرير إلى دعم إطلاق الحرب بين المجلس والقوات الحكومية في أبين”، وتكاليف العمليات العسكرية لاستكمال سيطرة المجلس الانتقالي على عدن ولحج والضالع وأبين.
وكشف التقرير عن تكاليف الانقلاب العسكري الذي قاده المجلس الانتقالي في محافظة أرخبيل سقطرى في “شهر يونيو، دعم العمليات العسكرية للسيطرة على سقطرى، بمبلغ ٥٦٤ ألف ريال سعودي. وتكاليف استكمال السيطرة على سقطرى في يوليو بـ١٤٥ ألف ريال سعودي”.
كما لفت إلى “دعم استثنائي للمواجهات العسكرية ضد الشرعية في يونيو نفذها ٦٥١ فردا وبلغت تكلفتها ٧٠٠ ألف سعودي (دون الإشارة لمكانها). وفي نوفمبر دعم خاص للمواجهات في أبين بمشاركة ٨٤١ فرادا، وتكلفت ٤٧١ ألف سعودي”.
ومن الملاحظات الملفتة في التقرير هو خلوه من أي ذكر لميليشيا الحوثي وعدم إنفاق أي مبلغ من ميزانية المجلس لمواجهة الحوثيين سواءً على الصعيد العسكري أو السياسي أو الإعلامي، وتركزت كل الأعمال على مواجهة الحكومة الشرعية وحزب الإصلاح.
التقرير كامل هنا (تقرير سرّي مكون من 82 صفحة رفعه رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي إلى جهة تُدعى “الوحدة الخاصة“)