توصف الإمارات في أدبيات النضال العروبي في العصر الحديث بأنها دولة “عار” بامتياز، فلا يكاد الزمن يأتي بأي جديد على مستوى الأحداث السياسية الكبرى إلا واختارت هذه الدولة الوقوف في الصف المتصادم مع الشرف والعروبة والإنسانية، ولهذا يعد قادة الإمارات أكثر الشخصيات المنبوذة والمحتقرة لدى الشعوب العربية، فيما بات وصف “شيطان العرب” لازمة لا تفارق ولي عهد أبوظبي، الصهيوني محمد بن زايد.
وقد جاءت الأحداث الأخيرة في فلسطين والتي أدمت قلوب كل العرب من المحيط إلى الخليج لتعيد تأطير الإمارات وترسيخها في الوجدان العربي على أنها “سرطان” و “ورم خبيث” نشأ وترعرع في الجزيرة العربية، وبات خطره مستفحلاً على جميع الدول العربية وشعوبها بلا استثناء.
ولهذا فحينما حانت لحظة عروبية نادرة كانت فلسطين هي الإطار الجامع والقضية الأم التي ما إن اندلعت فيها الأحداث الدامية وبدأت آلة البطش الإسرائيلية بالفتك بالبشر والحجر منذ نحو أسبوع، حتى توحد العرب المتشرذمون بالحروب والنزاعات خلف قضيتهم الأولى (قضية فلسطين والمسجد الأقصى)، إلا قيادة ومشاهير دولة الإمارات، والذين توالت مواقفهم تباعاً في الأيام الماضية، معلنة الدعم والإسناد للكيان الصهيوني وموجهة اتهامات الإرهاب والإرتزاق لكل فلسطيني رفع السلاح في وجه المحتل ورفض الإذعان والخنوع.
ولم يكن الموقف الذي أشعله داعية “بن زايد” وسيم يوسف قبل يومين ليمر مرور الكرام، خاصة وأنه جاء ترجماناً للخطاب الإماراتي المتناغم مع الاحتلال الإسرائيلي – خاصة بعد تطبيع العلاقات رسمياً بين النظامين – فأحدث على إثره ضجة عارمة على وسائل التواصل وأعاد التذكير بمواقف الإمارات “المخزية” مع قضايا العرب والمسلمين وفق ما يقوله مراقبون، وعلى رأسها قضية فلسطين.
وسيم يوسف يشعل الشرارة
ابتدأ الجدل الأخير حينما كتب وسيم يوسف تغريدة صادمة وصف فيها حركات المقاومة الفلسطينية بأنها حركات إرهاب، وبأنها تمارس جرائم ضد الشعب الإسرائيلي.
وظل يوسف صامتاً أياماً عديدة حينما كان جنود الاحتلال يحاولون اقتحام المسجد الأقصى وتهجير الأهالي من حي الشيخ جراح بالقدس، لينفجر مع أول صاروخ تطلقه المقاومة الفلسطينية على مدن الكيان الإسرائيلي.
وجاء في إحدى التغريدات التي نشرها يوسف على حسابه الرسمي: تطلق حماس صواريخ بين مساكن ومنازل الناس، وحينما يأتي الرد تتباكى حماس وتصرخ أين العرب أين المسلمون؟
وأضاف: جعلتم غزة مقبرة للأبرياء و الأطفال! أذيتم مصر وسيناء أحرقتم أعلام أغلب الدول العربية، شتمتم جميع الدول لم تحترموا أحداً، لم ترحموا طفلا ولاشيخا في غزة.
تطلق #حماس صواريخ بين مساكن ومنازل الناس، وحينما يأتي الرد تتباكى #حماس وتصرخ أين العرب أين المسلمون؟
جعلتم #غزة مقبرة للأبرياء و الأطفال! أذيتم #مصر و #سيناء أحرقتم أعلام أغلب الدول العربية، شتمتم جميع الدول لم تحترموا أحداً، لم ترحموا طفلا ولاشيخا في #غزة #الإخوان_المسلمون وباء pic.twitter.com/daZV6a6sQb— د. وسيم يوسف (@waseem_yousef) May 11, 2021
وقال في أخرى: ثروة إسماعيل هنية قيادي في حركة حماس الإرهابية والضحية هم أهل غزة
ثروة #اسماعيل_هنية قيادي في حركة #حماس_الإرهابية والضحية هم أهل #غزة
-الجزء الثاني- pic.twitter.com/cFkEhPO9wn— د. وسيم يوسف (@waseem_yousef) May 11, 2021
حملة إماراتية لتجميل وجه الاحتلال وتبييض جرائمه
وبالتوازي مع تغريدات يوسف دشن مشاهير ورجال أعمال إماراتيين حملة دعم للكيان الإسرائيلي وتبييض جرائمه. وقال مراقبون أن الحملة الجديدة انطلقت قبل أيام بأمر مباشر من بن زايد
وفي هذا الصدد قال الكاتب سعود الفوزان: لست محاميا عن إسرائيل ولكن سؤالي اليس نحن العرب عشنا مع اليهود في المدينه وخيبر و تيماء مئات السنين ولم نجد منهم غير التقدير والاحترام والسمؤل اليهودي ضرب لنا مثالا بالوفاء حتى اليوم العرب يقدرونه ويحترمونه بكلمة (اوفى من السمؤل).
https://twitter.com/saudfozan1/status/1392273083269095424
وتصدّر الحملة الإماراتية المروجة لخطاب الاحتلال رجل الأعمال حسن سجواني، الذي دعا المقدسيين إلى مغادرة المسجد الأقصى، متهما إياهم باستفزاز الإسرائيليين.
كما اعتبر الإعلامي حمد الحوسني أن هناك ثأرا تاريخيا من الإماراتيين تجاه الفلسطينيين، مشيرا إلى الدبلوماسي الإماراتي خليفة أحمد المبارك، ووزير الدولة سيف غباش، اللذين قتلا على يد منظمات فلسطينية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
وشارك أيضاً في حملة الترويج للخطاب الإسرائيلي الإعلامي ماجد الرئيسي، والكاتبة مريم القبيسي، والمغرد الشهير علي الحمادي، وآخرون.
الإمارات قضيتي.
— مريم القبيسي (@Sha3rT_Yaas) May 10, 2021
اللهم ارحم شهدائنا،
الشهيد خليفة أحمد المبارك، دبلوماسي إماراتي. اغتيل في باريس في 8 فبراير 1984 من قبل جماعة أبو نضال الفلسطينية
.
الشهيد سيف غباش وزير الدوله للشؤون الخارجيه اغتيل سنة 1977 على يد فلسطيني في ابوظبي وأعلنت منظمة "حزيران الأسود" مسؤوليتها . pic.twitter.com/eMLZjNVhKs— حمد الحوسني | Hamad Alhosani (@Hahosani) May 10, 2021
https://twitter.com/ThinkerAlanoud/status/1391711072541978629?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1391711072541978629%7Ctwgr%5E%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Farabi21.com%2Fstory%2F1357356%2FD8B3D8AED8B7-D8B9D8B1D8A8D98A-D8AAD8ACD8A7D987-D985D988D982D981-D8A5D8B9D984D8A7D985D98AD98AD986-D988D985D8B4D8A7D987D98AD8B1-D8A5D985D8A7D8B1D8A7D8AAD98AD98AD986-D985D986-D8A7D984D982D8AFD8B3
لا نختلف في وجود صهاينة، لكنَّ المتصهينين أقبحُ منهم. pic.twitter.com/9XJOUVhLj4
— عبدالعزيز بن عثمان التويجري (@AOAltwaijri) May 9, 2021
وأعاد ناشطون نشر صور لبرج خليفة في الإمارات والذي لم يترك أي شاردة وواردة وأي مناسبة دولية إلا واحتفى بها، حتى أنه تلون بألوان علم إسرائيل مع احتفالات الكيان في يوم احتلال فلسطين، إلا المناسبات التي تهم المسلمين والعرب فقد تجاهل الاماراتيون الاحتفاء بها.
#برج_خليفة الذي يتفاخر به بن زايد والذباب أضاء بألوان جميع دول العالم الغربي بمناسبات مختلفة.. تشعر وكأنه مخصص لأي دولة تعمل ضد الإسلام والمسلمين فقط.. #مقاطعه_الإمارات فرض على كل مسلم وعربي وإنسان pic.twitter.com/IMAst97VpV
— الوطن صحيفة عربية أمريكية (@Alwatan_usa) May 11, 2021
الصهاينة يحتفون
وفي خضم الحملة الشعبية الكبرى الدعمة للقضية الفلسطينية بدت إسرائيل عارية أمام العالم، ما دفع عدداً من الأنظمة العربية إلى مساندة تلك الوقفة الشعبية وإصدار بيانات إدانة قوية اللهجة ولو اضطراراً، لهذا فإن الموقف الرسمي لقيادة الإمارات ومشاهيرها الداعم للاحتلال كان بمثابة رئة ثالثة قدمتها دولة العار للكيان الإسرائيلي المختنق بصمود شعب فلسطين وتوحد الشعوب العربية مع هذا الشعب.
وعلى وقع ذلك احتفى الكثير من قيادات ومشاهير الاحتلال بمواقف الإماراتيين، ومن أبرزهم الناطق باسم جيش الاحتلال.
ووصف أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال تغريدة يوسف التي هاجم فيها إطلاق المقاومة الفلسطينية للصواريخ ضد المدن داخل الخط الأخضر ردا على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس المحتلة، بأنها “صرخة حق”!
إنها صرخة حق!
صرخة واقع، أين المسلم من أخيه المسلم في غزة الذي يتعرض يوميًا لأبشع انواع الاستغلال.
سكان غزة دروعًا بشرية لصواريخ إرهابية.
سكان غزة يصابون بصواريخ الإرهاب التي تخطىء هدفها..
أين العالم الإسلامي
أنقذوا سكان غزة من حماس https://t.co/6kQyF5jrIO— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) May 11, 2021