لم تكد تصل الحكومة اليمنية اليوم الأربعاء، إلى محافظة “عدن” العاصمة المؤقتة للبلاد، بعد أكثر من عام على إخراجها منها، حتى استقبلت بثلاثة صواريخ أحدثت انفجارات عنيفة في مناطق متفرقة في مطار عدن تزامناً مع وصول الحكومة.
وقالت مصادر متعددة لعدن نيوز، إن ثلاثة انفجارات يعتقد أنها ناجمة عن سقوط صواريخ وقعت في أطراف صالة الاستقبال، وفي البوابة الجنوبية للمطار.
وتزامنت الانفجارات مع وصول طائرة الحكومة اليمنية وقبيل لحظات من نزول رئيس وأعضاء الحكومة اليمنية.
وأفادت المصادر بوقوع قتلى وجرحى جراء الانفجار، فيما تم نقل رئيس وأعضاء الحكومة إلى قصر معاشيق.
وأضافت المصادر أن سيارات الإسعاف باشرت بنقل المصابين والقتلى، فيما فرضت قوات الأمن طوقاً على المنطقة للتفتيش.
كاد المفجر أن يقول “خذوني”
ما يثير الدهشة والغرابة في هذه الجريمة هي أنها سبقت بعدد كبير من المنشورات الاستعلائية لعدد من أعضاء المجلس الانتقالي أو الشخصيات الإعلامية المرتهنة للدرهم الإماراتي، والتي يبدو انها كانت على دراية مسبقة بما سيحدث في المطار، لكن غباءها جعلها تكتب تحذيرات تشير إلى أن مجزرة ستحدث في المطار.
ومن أبرز هؤلاء العميل المنسلخ من يمنيته فهد الشرفي، والذي قال في تغريدة قبل 24 ساعة من الهجوم، ما نصه: بكره سيكون لوزراء الإخونج يوم لن ينسوه في مطار عدن وسوف تذكرون كلامي. مختتماً: ما بش فحاط.
وكان القيادي في مليشيا الإنتقالي إبراهيم الشعيبي قد نقل يوم 27 ديسمبر الماضي، أي قبل 3 أيام من الهجوم معلومات خطيرة تتحدث عن ترتيبات حوثية لهجوم صاروخي على مطار عدن. واستغرب معلقون عليه اليوم أن معرفة الانتقالي بأن هجوماً سيحصل دليل دامغ على أن هذه المليشيا هي المدبر الرئيسي للجريمة.
لكن أخطر المعلومات وردت من مصادر محلية عاملة في مطار عدن، والتي تحدثت لعدن نيوز عن مصادرة مليشيات الإمارات رسيفرات كاميرات المراقبة في مطار عدن، بعد دقائق من الإنفجار، وهو ما يؤكد المؤكد بأن يد الإمارات وعميلها الإنتقالي غارقة في دماء من سقطوا ضحايا هذا اليوم.
أما حسابات الربح والخسارة فإن الإمارات هي أكبر المستفيدين من هذه الجريمة التي حاولت تغطيتها بإيهام الجميع بأن هجوماً حوثياً (وهمياً) بطائرة مسيرة استهدف قصر معاشيق، وهو أسلوب وصفه مراقبون بأنه أسلوب مفضوح، خاصة وأنه لم يتم تصوير أي طائرة تم إسقاطها، الأمر الذي يثبت بأن المجرم أثناء محاولته أخفاء ملامح جريمته يرتكب الكثير من الأخطاء الفادحة التي تفضحه.
بصمات إماراتية في مسرح الجريمة
وبمجرد أن انقشع غبار الإنفجارات انطلقت الاتهامات في كل متجه، خاصة وأن الحكومة اليمنية والسلطة الشرعية بشكل عام أصبحت تعاني من كثرة المتربصين والأعداء الذين يحاولون القضاء عليها، لكن أبرز الاتهامات وجهت صوب طرفين لا ثالث لهما: الإمارات وجماعة الحوثي.
ولعل الاتهام الموجه للطرفين له أسبابه الوجيهة، فالحوثيون قادوا أول انقلاب على الشرعية في صنعاء، وأجبروها على المغادرة إلى عدن، بينما قادت أبوظبي ومولت ثاني انقلاب عسكري على الشرعية في عدن وأجبرتها على المغادرة إلى الرياض.
لكن الصحفي اليمني سعيد ثابت ساق ملاحظة في غاية الأهمية تدلل على وجود بصمات إماراتية على مسرح الجريمة التي هزت الرأي العام المحلي والعربي والدولي، مؤكداً أن توقيت الضربة ومكان الإستهداف يشيران إلى أن المنفذ كان يعلم متى وصلت الطائرة ويعلم أين توقفت في المطار بالضبط ويعلم متى تم فتح باب الطائرة للوزراء.
وأضاف: أبوظبي وعبر أذرعها في اليمن أرادت أن يشاهد الوزراء النار بمجرد أن يفتح لهم باب الطائرة، وهو تكتيك يهدف لغرس الرهبة في قلوب المسئولين القادمين من الرياض، بأنهم لن يكونوا في مأمن في عدن، وبأنه في أي لحظة يمكن قتلهم بكل سهولة.
وأضاف: الإمارات لم تكن تريد قتل الوزراء فالحكومة الجديدة وانضمام المجلس الإنتقالي إليها يعد مكسب كبير لأبوظبي لا تريد التفريط به، لكنها في ذات الوقت ارتأت أن تخلع قلوب مسئولي الحكومة اليمنية الموالين للرئيس هادي، وأن تريهم ما ينتظرهم من جحيم في عدن.
رد إماراتي على خطاب هادي التاريخي
يقول مراقبون إن ما حدث في مطار عدن هو أول رد عملي من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد على الخطاب التاريخي للرئيس هادي، والذي أعلنها مدويها في أول اجتماع مع الحكومة الجديدة قبل أيام بقوله الخالد: نريد عدن.
واستطرد الرئيس وفق وكالة سبأ الحكومية: “نريد عدن عاصمة للجميع، نريد مؤسسات تبنى، نريد اقتصاد يتعافى، نريد أمن يستتب، نريد مواجهة للانقلاب، ونريد خدمات للناس، وهذا باختصار ما ينتظركم، ومن اثبت جدارته في إدارة الوزارة فأهلاً وسهلاً به وسيكون محل احترام الشعب والقيادة، ومن اساء فيها سيتم محاسبته وتغييره”.
ولعل رغبة الرئيس هادي الكبيرة في العودة إلى اليمن، وهو الذي لم يتخلى عن مطلب العودة إلى عدن ، قد استفزت بن زايد، وجعلته يفكر في إيصال رسالة ممهورة بالدم والنار مفادها أن لا أمان لك أو لأي مسئول موالٍ لك في عدن.
وفي هذا الصدد يقول الناشط الصحفي زيدان حسن: أرادوا من هذه الحادثة الرد على خطاب الرئيس هادي.. أرادوا أن يتحدوه بأن عدن محرمة عليه وعلى كل مسئول في الشرعية يفكر في العودة إلى عدن.
وتابع: أخذوا من اتفاق الرياض ما كانوا يبحثون عنه وهو الاعتراف الرسمي بالمجلس الانتقالي، والآن يتحدون الجميع وأولهم الحكومة المعينة: لا مكان لأحد في عدن ومن يفكر في مقاسمتها معنا فإن الموت هو مصيره.
حراك حكومي وإدانات دولية
من جهته قال وزير الداخلية اليمني اللواء إبراهيم حيدان، إن 22 شخصاً قتلوا وأصيب 50 آخرين من مستقبلي الحكومة، في “الهجوم الإرهابي الغادر والجبان” الذي استهدف مطار عدن.
وأضاف الوزير وهو رئيس لجنة التحقيق المكلفة من قبل الرئيس هادي، إن “الجهود والإجراءات الأمنية بالتنسيق مع تحالف دعم الشرعية مستمرة لمعرفة وكشف تفاصيل وملابسات العملية الإرهابية”.
كما توالت ردود الفعل والإدانات العربية والدولية، للهجوم الذي استهدف مطار عدن الدولي.
وقالت وزارة خارجية السعودية، إن حكومة المملكة “تدين بأشد وأقسى العبارات، العمل الإرهابي الجبّان الذي استهدف مطار عدن اليوم، وأوقع عدداً من القتلى والمصابين، تزامنًا مع وصول الطائرة التي تُقل رئيس وأعضاء الحكومة اليمنية الجديدة”.
واعتبرت الرياض في بيان لخارجيتها الهجوم الذي “تقف خلفه قوى الشر ليس موجّهًا ضد الحكومة اليمنية الشرعية فحسب؛ بل للشعب اليمني بكامل أطيافه ومكوناته السياسية الذي ينشد الأمن والسلام والاستقرار والازدهار”.
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، بـ”شدة” الهجوم الإرهابي الجبان، الذي استهدف مطار عدن بالتزامن مع وصول الحكومة.
وأعربت دولة الكويت عن “إدانتها بأشد العبارات استهداف مطار عدن في الجمهورية اليمنية أثناء وصول طائرة رئيس وأعضاء الحكومة اليمنية الجديدة”.
بدورها، أدانت وزارة الخارجية المصرية، “استهداف مطار عدن اثناء هبوط طائرة رئيس وأعضاء الحكومة اليمنية.. والذي أوقع عشرات القتلى والجرحى”.