فجر الثلاثاء 7 إبريل، دقّت ساعة الصفر ودشّن الجيش الوطني اليمني عملية عسكرية واسعة في عدد من مناطق التماس ضد جماعة التمرد الحوثية المسيطرة على العاصمة صنعاء.
العملية العسكرية التي وصفها مراقبون بالمباغتة، جاءت بعد أسابيع من التنسيق المشترك بين قيادة السلطة الشرعية وقيادة المملكة العربية السعودية، لتدارك الموقف الصعب بعد نجاح الحوثيين من إحداث اختراق خطير في مناطق الشرعية، وخاصة في منطقة نهم ومحافظة الجوف، أفضت إلى سقوط عاصمة الجوف (الحزم) بأيدي مليشيات الإنقلاب المدعومة إيرانياً.
العملية العسكرية وعلى الرغم من مرور أقل من 48 ساعة فقط على انطلاقها إلا أنها نجحت في إلحاق هزائم كبرى بحق الحوثيين في كل من البيضاء والجوف ومارب، وسط تقهقر كبير للمليشيات الكهنوتية. إلا أن تلك الانتصارات نغصتها طعنات غادرة تلقتها الشرعية ومعها السعودية من الظهر، من الإمارات التي حرّكت مليشياتها الإنفصالية في الجنوب (المجلس الانتقالي الجنوبي)، في محاولة لتأزيم موقف الشرعية، وإبقاء الرياض تحت تهديد الحوثيين.
وظهرت أولى معالم الغدر الإنتقالي الإماراتي في مديرية ردفان بمحافظة لحج، حيث قطعت المليشيات الانفصالية الطريق أمام قوة عسكرية كبيرة كانت السعودية قد أرسلتها كدعم وتعزيز عسكري لمقاومة آل حميقان بمحافظة البيضاء. وصادر الإنفصاليون في يافع كافة القطع العسكرية والذخيرة.
ومع توالي انتصارات الجيش اليوم الأربعاء، دشن الإنفصاليون مرحلة جديدة من التصعيد، وهاجموا منزل محافظ محافظة سقطرى، رمزي محروس بعشرات المسلحين.
وبرغم الهجوم الغادر والمفاجئ، تمكن حراسة المنزل من صد الهجوم والقبض على عدد من أفراد العصابة المهاجمة، فيما أشارت تقارير واردة من سقطرى إلى قيام أجهزة الأمن بالجزيرة بملاحقة بقية أفراد العصابة.
هذه المواجهات جاءت بعد ساعات قليلة من اختطاف “قوات الحزام الأمني”، مدير ميناء سقطرى، رياض سعيد، والاعتداء عليه بالضرب.
* تخادم إيراني إماراتي ضد السعودية
وقال مراقبون ومحللون سياسيون إن تحركات المجلس الانتقالي على رقعة المناطق الجنوبية في الأيام والساعات الماضية يكشف طبيعة العلاقة الوثيقة والتخادم الكبير بين الإمارات وإيران في اليمن، والذي بطبيعته يأتي ضداً للمصالح السعودية الحساسة، وعلى رأسها الامن الوطني السعودي.
وقال القيادي البارز في المقاومة الوطنية، عادل الحسني، إنه “في الوقت الذي تخوض فيه قوات الجمهورية معركة مصيرية ضد الحوثيين، تحرك الإمارات مرتزقتها في اليمن لقطع طريق الإمدادات السعودية المتوجهة صوب مقاومة آل حميقان بالبيضاء”.
فيما وصف الصحفي عبدالرقيب الهدياني التحركات الإماراتية بأنها “طعنات غادرة في ظهر الشرعية والسعودية وتخادم صريح بين الإمارات وإيران لإبقاء السعودية تحت تهديد جماعة الحوثي”.
وكان القيادي البارز في جماعة الحوثيين، محمد البخيتي، قد كشف دون قصد عن علاقة جماعته الوطيدة مع المجلس الانتقالي، معبراً عن تقديره لقيادات الإنفصال.
وأبدى البخيتي دعم جماعته للانتقالي، ووصفهم بأنهم “قبائل الجنوب”. ودعا الانتقالي إلى مواجهة الحكومة الشرعية والجيش الوطني، وعدم السماح لما وصفه بـ “حزب الإصلاح الإرهابي” بالسيطرة على الجنوب.
* قرارات مصيرية
يقول خبراء عسكريون إن العملية العسكرية التي انطلقت يوم أمس لتحرير البيضاء كان من المخطط لها أن تنطلق من أربعة محاور: الجوف وشبوة ومارب ولحج، إلا أن المجلس الإنتقالي وعبر مليشياته في ردفان نجح في سد أحد المحاور الأربعة.
ويضيفون أن الانتقالي قدّم خدمة ثمينة للحوثيين بإقدامهم على قطع طريق الإمدادات في ردفان. ومع ذلك يقول أصحاب هذا الطرح أن التكتيك الذي اتخذه الإنتقالي بإيعاز قد لا يكون كافياً.
ومنذ اليوم الأول تقدم الجيش في البيضاء وسيطر على عدد من المواقع والتباب، من ضمنها مفرق أعشار الاستراتيجي، وفي ختام اليوم التحمت جبهتي ناطع وفضحة.
وهذا اليوم حقق الجيش اختراقاً هاماً في صرواح مارب، وتوّج انتصاراته بتحرير معسكر اللبنات في الجوف.
وقال الناشط الصحفي محمد المشرع: صحيح أن الانتقالي أحدث شرخاً في الخطة العسكرية واضعف منسوب القوة المهاجمة، لكن يبدو أن ذلك لم يكن كافياً لإبطاء وتيرة الانتصارات التي حققها الجيش، وبإسناد فعال من مقاتلات التحالف العربي.
وأضاف: قياساً على المعطيات الحالية، فإن الانتقالي والإمارات يواجهون ورطة كبيرة، وإذا أرادو لطعنتهم في ظهر الشرعية والسعودية إن تكون نافذة وقاتلة فعليهم اتخاذ قرار مصيري ( شن حرب شاملة ضد قوات الشرعية في أبين وشبوة وحتى سقطرى).. هي خيارات صفرية تدرك ثلة المرتزقة ومن ورائهم الإمارات خطورة تبعاتها.
* هل آن أوان الرد السعودي
وفي خضم ما استجد من أحداث، ومع وضوح الدور الخطير الذي تلعبه الإمارات لإبقاء خطر الحوثيين قائماً، يرى كثيرون في اليمن والسعودية أن الرياض ملزمة الآن بحسم كافة القضايا العالقة مع أبوظبي، وأولها المشاركة في عملية عاصفة الحزم.
ويستفيض آخرون بالقول إن على الرياض أن تعطي الضوء الأخضر للجيش الوطني المرابط في أبين وشبوة لإعادة تحرير العاصمة المؤقتة عدن من عصابات الإنتقالي، والتي ثبت انخراطها في المشروع الإيراني الإماراتي.
وقد تطرّق موقع (المونيتور) الأمريكي قبل أيام للدور التخريبي الذي تمارسه الإمارات في الحرب اليمنية، مؤكداً بأن السعودية حصدت (العدم) في اليمن طوال خمسة أعوام من الحرب لأسباب كثيرة أهمها تغاضيها عن السياسات الإماراتية المتآمرة والتي تسببت بشرخ واسع في معسكر الشرعية، وأدخلت معها الرياض في دوامة من الصراعات التي لا تنتهي.