بينما ينشغل العالم بمحاربة وباء كورونا ومنع انتشاره، تنشغل الإمارات في إشعال فتيل الحرب في اليمن وليبيا، وتصب الزيت على النار بتهريب الاسلحة إلى تلك الدول، وقيادة التمرد، وتواصل مسلسل انتهاكاتها هناك.
خلال سنوات من الحرب الطاحنة في اليمن التي أدخلت أكثر من 20 مليون يمني في دائرة الفقر والمجاعة، لم يعد بوسع هذه البلاد تهيئة نفسها على أتمّ وجه لاحتواء وباء كورونا المنتشر في العالم، لا بسبب نقص الإمكانيات الذي خلفته الحرب الدائرة هناك فقط، ولا بسبب تدمير النظام الصحي الذي أنهكه استقبال قتلى وجرحى الحرب والأوبئة التي انتشرت هناك خلالها، بل لاستمرار انتهاكات وجرائم دولة الإمارات العربية.
وبينما يختبر العالم لقحات ضد فيروس كورونا ويحاول إيجاد علاج له، تنشغل الإمارات بإذكاء نار الحرب في اليمن وتغذيتها بمزيد من الأسلحة، إذ ضبط أمن ميناء سقطرى اليمني الاثنين، حاوية قادمة من الإمارات تحمل مدرعة ومعدات عسكرية، في سفينة تابعة لمؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، حسب مسؤول محلي.
وأشار المسؤول إلى أن تلك الحاوية “كانت تحمل توقيع شركة برايم للأسماك الإماراتية، التي يديرها رجل أبو ظبي بسقطرى، الإماراتي خلفان بن مبارك المزروعي”.
استهداف سقطرى
وتتعمد الإمارات استهداف سقطرى باعتبارها كبرى جزر أرخبيل يحمل الاسم ذاته، مكوَّن من 6 جزر، ويحتلّ موقعاً استراتيجيّاً في المحيط الهندي، قبالة سواحل القرن الإفريقي قرب خليج عدن.
ولم تكتف الإمارات بجملة الانتهاكات التي ارتكبتها في اليمن، بل عملت جاهدة على قيادة انقلاب وتمرد عسكري ضد الحكومة الشرعية والانضمام إلى قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، في محافظة أرخبيل سقطرى، التي اتهم محافظها رمزي محروس الإمارات بقيادة هذا التمرد، وفق تصريحات مسؤولين في الحكومة اليمنية.
وفي 27 فبراير/شباط الماضي أعلنت كتيبة عسكرية ثانية في سقطرى، تمرُّدها على الحكومة اليمنية، ودعمها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيّاً، وذلك عقب تمرُّد كتيبة “حرس الشواطئ” مطلع الشهر ذاته.
وتشهد سقطرى بين حين وآخر محاولات سيطرة على مرافق حيوية ينفّذها مسلحون مدعومون من الإمارات، إضافة إلى عمليات تمرُّد لكتائب في القوات الحكومية والانضمام إلى “الانتقالي الجنوبي” الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن المكتب التنفيذي بمحافظة أرخبيل سقطرى رفضه ما سمَّاه “استغلال بعض الجهات العاملة في سقطرى للعمل الإنساني، لخرق النظام والقانون المعمول به والمتعارف عليه دوليّاً”.
وبدأت الإمارات تنفيذ خططها الخاصة في اليمن منذ اليوم الأول لتحرير عدن، في يوليو/تموز 2015، حين بنَت أذرعاً أمنية وعسكرية خارج إطار الحكومة، وقوّضَت مؤسسات الدولة، وحاربت كل من ينتمي إلى مشروع الدولة، حسب وكالة الأناضول.
وعملت الإمارات في ثلاثة اتجاهات، أولها صناعة سلطات موازية مكونة من مجموعات عسكرية ومجلس انتقالي، وثانيها تقويض مؤسسات الدولة ومحاربة وتجريف كل رموز الشرعية ومكوناتها، وإبعاد وإزالة كل المناوئين لمطامعها الذين يمكن أن يكونوا حجر عثرة في طريقها، بالإضافة إلى تنفيذ اغتيالات واستئجار مرتزقة من شتى بقاع العالم وفتح السجون، لتبني مشروعها الخاص، وفق تقارير دولية.
تمرد في السجون الإماراتية
وأماطت تقارير دولية اللثام عن تورُّط أطراف إقليمية بانتهاكات جسيمة للقانون الدولي، وكان أبرزها الإمارات التي كان لها حظّ وافر من الانتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم التعذيب والإخفاء القسري كما كشفت تقارير منظمات حقوقية، مستغلة عضويتها في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن منذ عام 2015.
وأعلنت رابطة أمهات المختطفين في اليمن الأحد، أن عشرات المعتقلين، بسجون تابعة لقوات مدعومة إماراتيّاً، بدؤوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام، احتجاجاً على استمرار اعتقالهم.
وكشفت الرابطة أن المعتقلين، ويقدرون بالعشرات، بدؤوا إضراباً الخميس، ويطالبون بـ”إنصافهم والإفراج عنهم، لا سيما وهم قيد الاعتقال منذ 3 أعوام، ولا تُنفَّذ قرارات النيابة بشأنهم”.
وانتقد التقريرالسنوي لوزارة الخارجية الأمريكية بشأن حقوق الإنسان في العالم أوضاع حقوق الإنسان في الإمارات ودول أخرى، وسلّط الضوء على السجون الإماراتية في اليمن.
وتحدث التقرير عن مزاعم تشير إلى أن موظفين حكوميين إماراتيين عذبوا سجناء أثناء احتجازهم، ونقل عن خبراء ومعتقلين سابقين اتهامهم السلطات الإماراتية بضرب سجناء وتهديدهم بالقتل والاغتصاب.
وكشفت صحيفة لوموند الفرنسية عن وجود سجن سري في قاعدة عسكرية أقامتها الإمارات منتصف عام 2017 على جزء من حقل للغاز جنوبي اليمن، متسترة بمجموعة توتال الفرنسية، لتكون جزءاً منه.
وأكّد تقرير صدر عن ثلاث منظمات غير حكومية (مرصد التسلح وسموفاس وأصدقاء الأرض) أن السجن يؤوي منذ 2016 مليشيا قوات النخبة في شبوة، تحت إشراف الإمارات، والشهادات تتحدث عن معاملات غير إنسانية ومهينة تتمثل في الحرمان من الرعاية والتعذيب والتحرش، ارتكبها جنود إماراتيون، حسب مصادر متاحة وشهادات.
كذلك وثّقت هيومن رايتس ووتش ارتكاب الإمارات ووكلائها اليمنيين، الاعتقال التعسفي والتعذيب وإخفاء عشرات قسراً في مناطق جنوب اليمن، التي تسيطر عليها الحكومة اسميّاً.
الإمارات وقود الحرب في ليبيا
ولا يقتصر الأمر على اليمن، إذ استنكر رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا مصطفى صنع الله، تزويد الإمارات المنطقة الشرقية من ليبيا والخاضعة لنفوذ خليفة حفتر بوقود الطيران، واصفا إياه بأنه استيراد غير قانوني للوقود، وخرق واضح لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، وللاتفاقات الدولية الأخرى.
ووصلت الشحنة إلى بنغازي قادمة من الإمارات على متن سفينة تسمى “غلف بتروليوم 4″، وظلت السفينة راسية في ميناء بنغازي لأيام عدة، حسب بيان المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا.
ووصفت المؤسسة وصول هذه الشحنة بأنه مخالفة لحقها الحصري المتفَق عليه دوليّاً في ما يتعلق بعمليات استيراد الوقود، ومخالفة لبروتوكول الحجر الصحي للسفينة، وانتهاك للقانون الدولي.