مركز “سايفر بريف” للأبحاث الأمنية والذي يضم كبار خبراء الأمن في العالم.
مارك والاس: الرئيس التنفيذي لمشروع مكافحة التطرف. وشغل سابقاً منصب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة.
نورمان رول: كبير مستشاري “مشروع مكافحة التطرف” و”المتحدون ضد إيران النووية”. وعمل 34 عاماً في “وكالة الاستخبارات المركزية” الأمريكية و”مكتب مدير الاستخبارات الوطنية”، وأدار العديد من البرامج المتعلقة بإيران والشرق الأوسط. وشغل منصب مدير المخابرات الوطنية بشأن إيران.
أكدت إدارة بايدن أن قرارها بإلغاء تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية كان مدفوعاً بالرغبة في منع حدوث كارثة إنسانية في اليمن وخلق الظروف السياسية اللازمة لإنهاء ما يقرب من سبع سنوات من الحرب في ذلك البلد.
ومن المفارقات أن الولايات المتحدة استخدمت نفس المبرر لإنهاء الدعم الهجومي لجهود التحالف الذي تقوده السعودية لاستعادة الحكومة اليمنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة والتي تعيش في المنفى منذ عام 2015. وفي الأسابيع التي تلت ذلك، عينت الإدارة أيضاً دبلوماسياً ذا خبرة ومحترماً، واستأنفت العمل مع شركاء إقليميين.
وتشير السرعة التي تم بها تنفيذ هذه القرارات إلى أن أياً منها لم يتلق مراجعة قوية مشتركة بين الوكالات الحكومية – ولا تشير أي من التطورات على الأرض إلى أن إعادة صياغة السياسة الأمريكية نجحت أو ستنجح.
وإذا كان هدف إدارة بايدن هو تغيير سلوك الحوثيين، فإن السياسة هذه قد فشلت بالفعل، فبعيداً عن منع وقوع كارثة إنسانية، ازداد التهديد على المدنيين مع زيادة جرأة الحوثيين، مستخدمين التراجع الأمريكي لمواصلة هجومهم المدمر. وهذه هي الطريقة التي تعمل بها المنظمات الإرهابية، وقرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، أصلاً لم يكن من فراغ.
فقد أطلق الحوثيون خلال السنوات الأخيرة صواريخ باليستية وقذائف هاون وطائرات مسيرة وقوارب متفجرة ضد السعودية المجاورة وملايين المغتربين الذين يعيشون هناك، وهذا يعني أن المدنيين مستهدفون بأسلحة إيرانية متطورة.
وهذه الهجمات على أهداف مدنية سعودية كان من الممكن أن يؤدي أي منها إلى سقوط ضحايا أمريكيين وسعوديين وعلى منشأة تخزين النفط في رأس تنورة أحد أكبر منشآت تفريغ النفط البحرية في العالم، بعد قرار إدارة بايدن ويمكن أن يكون نموذجاً لما قد يحدث إذا ما انتصر الحوثيون.
في الواقع، هذه الهجمات تصب في مصلحة إيران، وقد اعترف قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بأنه عرض دعما عسكريا للهجمات الإرهابية الأخيرة – والتي أعقبها هجوم على منطقة مأرب اليمنية الهادئة نسبيا، مما هدد مليوني مدني مع احتمال وجود مئات الآلاف من المدنيين، والذين أجبروا على الفرار مع عواقب إنسانية لا يمكن تصورها، ناهيك عن تزويد فيلق القدس الإيراني الحوثيين بالتمويل والتدريب والتكنولوجيا لتنفيذ العديد من هذه الهجمات منذ بدء الحرب.
كما تسبب الحوثيون في دمار اليمن نفسه باستخدام الألغام الأرضية والجنود الأطفال واحتجاز الرهائن والاغتصاب والهجمات العشوائية والتلاعب بالمساعدات الغذائية للأمم المتحدة التي تسببت بخلق واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم. واستهدفت الجماعة المدنيين والبنية التحتية المدنية والقوات العسكرية. كما استخدمت الجنود الأطفال، واستخدمت الشعب اليمني بقسوة كدروع بشرية.
ومن المفارقات أن هذا السلوك يناسب تماماً تعريف حكومتنا للإرهاب الدولي.
هناك حلول قصيرة المدى ممكنة وأهداف طويلة الأجل تستحق المتابعة، لكن لا شيء يمكن تحقيقه بدون دعم إنساني قوي. ففي اليمن وغزة والعراق ولبنان وأماكن أخرى -حيث يعاني المدنيون الأبرياء باستمرار على أيدي الإرهاب المدعوم من إيران- يجب على الولايات المتحدة أن تمارس القيادة من خلال توفير الإغاثة العاجلة، على الرغم من أن اليمن ليس مشكلة أمريكية بحتة.
فاليمن مشكلة العالم، والدعم الدولي مطلوب للسماح لليمنيين باختيار مستقبلهم، مستقبل مليئ بالسلام والفرص، غائب عن الهجمات القاتلة بأوامر من طهران.
يحتاج القادة العرب إلى إجبار الجهات اليمنية المنقسمة المناهضة للحوثيين على تنحية خلافاتهم جانباً من أجل الوحدة، وعلى الرغم من استمرار الحوثيين في تجاهل جهود وساطة الأمم المتحدة ودعوات وزارة الخارجية ووقف إطلاق النار من جانب واحد والمبادرات الدبلوماسية الأخرى، يجب أن تستمر الدبلوماسية التي تقودها الأمم المتحدة.
للأسف، أثبت التاريخ أن الحوثيين لن يستجيبوا للسلام ولن يوافقوا على التنازلات السياسية إلا عندما يواجهون نكسات في ساحة المعركة.
ومن هذا المنطلق، يجب أن يستمر العمل العسكري المنظم ضد الحوثيين، ويجب على الغرب أن يفعل ما في وسعه لضمان أن يكون فعالا ويتم تنفيذه بطريقة لحماية المدنيين في اليمن، على وجه الخصوص، يحتاج خبراء الأمن والمساعدات الدولية إلى المشاركة لضمان إمكانية تقديم المساعدة أثناء استمرار الضغط العسكري.
لا يمكن لإدارة بايدن الاكتفاء بالمشاهدة بينما يستمر القتال. يمكنها استخدام نفوذها الاقتصادي لمحاربة الحوثيين، وتقليل نفوذ الراعي الإيراني، وحماية دولة (اليمن) على طول البحر الأحمر الاستراتيجي والحدود الجنوبية للسعودية من سقوطها في أيدي النظام الإيراني.
لحسن الحظ، هناك بوادر على حدوث تطور في التفكير في واشنطن، فبينما يواصل الحوثيون المدعومون من إيران هجومهم العنيف على محافظة مأرب اليمنية، قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على قادة الحوثيين المسؤولين عن عمليات مأرب، محمد عبد الكريم الغماري ويوسف المداني.
ورغم أنها خطوة صغيرة، لكنها ملحوظة، وينبغي أن تتبعها سلسلة من الإجراءات التنفيذية والتشريعية الإضافية لمحاربة جماعة الحوثيين ووقف واحدة من أشد الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.
أخيراً، على الولايات المتحدة مطالبة الأمم المتحدة بتمديد عقوبات الأسلحة التقليدية ضد إيران ومنع طهران من الوصول المباشر إلى أموال صندوق النقد الدولي حتى ينسحب قوة فيلق القدس من اليمن وتوقف شحنات الأسلحة الإيرانية.
وصلت إدارة بايدن إلى البيت الأبيض وهي تعلن عن أهمية القيم. يمكن أن تظهر هذه القيم بشكل أفضل من خلال ضمان حصول الشعب اليمني على نفس الحماية والأمن التي نطلبها لأنفسنا.