كشفت صحيفة لندنية، اليوم السبت، عن ترتيبات حثيثة لتهجير آخر ما تبقى من اليهود اليمنيين ونقلهم للاستقرار في أبوظبي، التي ترغب في استثمارهم في تحسين صورتها لدى الغرب، وذلك بعد اشهار التطبيع بين الإمارات وإسرائيل.
ونقلت “العربي الجديد” عن حاخام في الطائفة اليهودية باليمن، طلب عدم الكشف عن هويته لاعتبارات أمنية، قوله، إن ترتيبات تجرى لإنهاء وجود الطائفة ونقل نحو 100 شخص إلى أبوظبي، بعد رفضهم عروضاً سابقة بالانتقال إلى إسرائيل أو الولايات المتحدة.
ورفض آخر يهود اليمن عروضاً كثيرة للانتقال إلى إسرائيل خلال السنوات الماضية، بسبب خوفهم من صعوبة الاندماج والاختلاف الثقافي.
ووفقاً لمصادر “العربي الجديد”، فقد وافق نحو 40 فرداً على الانتقال للإمارات التي رحّبت باستضافتهم بعد طلب من الإدارة الأميركية، فيما يجرى إقناع البقية بالموافقة على الانتقال إلى دولة عربية لن يجدوا فيها صعوبة في الاندماج.
وقالت المصادر إن صفقة إجلاء آخر يهود اليمن تتم برعاية أميركية وإشراف مباشر من المبعوث الأممي لدى اليمن، البريطاني مارتن غريفيث، وتنسيق إماراتي ـ إيراني رفيع، حيث طلبت أبوظبي من طهران التدخّل لدى الحوثيين لتسهيل عملية الإجلاء، كما سيتم استقدام عشرات من اليهود اليمنيين إلى أبوظبي، من تل أبيب ولندن ونيويورك.
ويقوم المبعوث الأممي مارتن غريفيث، اليوم السبت، بزيارة مفاجئة إلى أبوظبي، وبحسب مصدر مطلع لـ”العربي الجديد”، فإن الزيارة، التي قد لا يُعلن عنها رسمياً، تهدف لاستكمال ترتيبات نقل اليهود اليمنيين، بعد عملية مماثلة قادها لتهجير 6 من أبناء الطائفة البهائية.
وتسعى أبوظبي لاستثمار يهود اليمن في تحسين صورتها، والترويج لمشروع مجمع ديني أعلنت عنه نهاية سبتمبر/ أيلول من العام الفائت، ويضم المشروع الذي أُطلق عليه “بيت العائلة الإبراهيمية” كنيساً وجامعاً وكنيسة في مكانٍ واحد على جزيرة السعديات، والتي تبعد نحو 500 متر فقط من العاصمة الإماراتية.
ومهّدت الإمارات لانتقال آخر اليهود اليمنيين، بالإعلان في التاسع من أغسطس/آب الجاري، عن مزاعم قيامها بالمساعدة في لم شمل عائلة يهودية من اليمن ببقية أفرادها المقيمين بلندن، ليجتمعوا معاً في دولة الإمارات بعد فراق دام 15 عاماً.
ووفقا لوكالة أنباء الإمارات” وام”، فقد عملت السلطات الإماراتية على تسهيل سفر الأب والأم من اليمن إلى أبوظبي، كما تم اتخاذ التدابير اللازمة من أجل سفر بقية أفراد الأسرة، وهم الابنة والابن وزوجته والأحفاد، من لندن إلى دولة الإمارات.
وبحسب الصحيفة، فإن اتجه الإعلام الإماراتي للتغني بالواقعة بتنصيف أبوظبي بأنها “مهد التعايش ووطن الإنسانية”، شكك 3 من أبناء الطائفة اليهودية باليمن في الرواية الإماراتية، وأكدوا لـ”العربي الجديد” أن الإمارات تسعى لتصوير الصفقة على أنها “لم شمل عائلة”، خشية من التورط في تهجير يهود اليمن، لكن النقل تم برعاية أممية كاملة.
ونشرت عدة صحف إسرائيلية تقارير عن اضطهاد الطائفة اليهودية في اليمن من قبل الحوثيين الشيعة المدعومين من إيران، ودعا المؤتمر اليهودي العالمي (WJC)، وهو منظمة دولية تمثل الجاليات اليهودية في 100 دولة، للتحقيق في التقارير التي تفيد بسجن المتمردين الحوثيين لليهود اليمنيين، معتبرا ذلك بأنه “معاداة للسامية”.
وتصدر وزير الاتصالات الإسرائيلي السابق والعضو في الكنيست، أيوب القرا، حملة المطالبة بنقل ما تبقى من يهود اليمن.
وكتب في تدوينة على “فيسبوك”، منتصف يوليو/حزيران الماضي: “ما زلت أفعل الكثير لإنجاح عمليات جريئة من أجل إنقاذ المزيد من اليهود في الدول العربية، واليوم نحن في صراع مع الزمن لإنقاذ 40 يهوديًا يمنيًا آخر في مدينة صنعاء يتعرضون للاضطهاد و آمل أن نأتي بأخبار سارة في حالتهم قريبًا”.
وسخر رئيس الجالية اليهودية اليمنية في الولايات المتحدة، الحاخام فايز الجرادي، من تلك المزاعم بقطع إمدادات الكهرباء والمياه عن يهود ومنعهم من شراء الطعام، وقال في تصريحات نقلتها صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، قائلًا: “لا تتوفر خدمة الكهرباء للمسلمين بنفس الطريقة التي لا تتوفر لليهود، البلد في وضع صعب والبنية التحتية الكهربائية لا تعمل منذ سنوات”.
وبخصوص تعامل الحوثيين مع يهود اليمن، نقلت الصحيفة عن مصدر من الطائفة قوله: “يتعرض اليهود اليمنيون في مدينة عمران (نحو 100 كم شمال صنعاء)، لتعسف من نوع آخر، حيث يقوم مسؤولون حوثيون بإجبارهم على بيع أراضيهم ومنازلهم مقابل أسعار زهيدة مع علمهم بصفقة الإجلاء”.
وتسلط هذه المساعي الضوء على العلاقة بين الإمارات والحوثيين وإسرائيل، والتخادم بين الطرفين سيما أن آخر الأسر اليهودية رفضت مرارا ترحيلها من اليمن او الهجرة الى إسرائيل.
وفي مارس 2016 استلمت إسرائيل واحدة من أقدم مخطوطات التوراة من إحدى العائلات اليهودية التي غادرت اليمن في ذروة الحرب ووجهت اتهامات للحوثيين وصالح بتعمد ارسال تلك المخطوطات لفتح قنوات اتصال باسرائيل سيما أنها كانت محفوظة في البنك المركزي.
ويعد يهود اليمن من أقدم الطوائف اليهودية في العالم، حيث بلغت ذروة تعدادهم نحو 200 ألف، لكن الغالبية العظمى منهم هاجرت إلى إسرائيل في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، في ما أطلق عليها “عملية بساط الريح”، التي تم فيها نقل حوالي 50 ألف يهودي يمني إلى تل أبيب.