يراوح اتفاق الرياض مكانه منذ توقيعه في 5 نوفمبر الماضي، ويبقى تعنت المجلس الإنتقالي الإنفصالي المسيّر إمارتياً هو السمة الأبرز خلال الثلاثين يوماً الفائتة.
وعلى رصيد الإنجاز الفعلي على الأرض فهو دون المتوقع بكثير بحسب مراقبين ضالعين في الشأن اليمني، بالرغم من التحركات العسكرية الواسعة للسعودية في عدن قبيل وبعد توقيع الاتفاقية، والتي أوحت بأن الرياض جادة في تمرير الاتفاقية وإعادة ترتيب المشهد في المحافظات المحررة.
وببقاء الوضع على ما هو عليه، فإن المستفيد الأكبر هو دولة الإمارات، باعتبار بقاء سيطرة مرتزقتها على عدن ولحج وأجزاء من أبين والضالع، وهي المكاسب التي كانت أبوظبي قد جنتها جراء نجاح انقلابها على الحكومة الشرعية وإخراجها من عدن في أغسطس الماضي.
ولهذا يتهم قطاع واسع من اليمنيين أبوظبي بتجميد تنفيذ اتفاقية الرياض، والتي نصّت في أبرز بنودها على إخراج كافة الوحدات الإنفصالية المسلحة الموالية لها من عدن بعد تسليم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة، بالإضافة إلى تطبيع الأوضاع في العاصمة المؤقتة وعودة الحكومة الشرعية إليها.
ويشدد الكاتب والروائي اليمني محمود ياسين على أن الإمارات تهدف إلى “الاختباء” خلف يافطة اتفاق الرياض، لتعمل على تقويض المشهد من خلف الستار، وكأنها غير معنية وغير متورطة بأية فوضى أو عراقيل تواجه التطبيق الفعلي للاتفاق على الأرض.
https://twitter.com/myasyens/status/1202961284314128384
ما الذي نُفذ حتى الآن من اتفاقية الرياض؟
منذ توقيع الاتفاقية حتى اليوم اقتصر التنفيذ على بعض البنود الملحقة للترتيبات السياسية والاقتصادية أهمها عودة رئيس الحكومة معين عبد الملك بمعية عدد من أعضاء حكومته.
وكان من المفترض بعد 15 يوماً من الاتفاق تعيين محافظ للعاصمة المؤقتة عدن ومدير للأمن فيها، وبدء انسحاب القوات التابعة للانتقالي وعودتها إلى مواقعها السابقة قبيل أحداث أغسطس وسبتمبر الماضيين.
كما كان من المفترض، بحسب ما جاء في الاتفاق، تشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى (24)وزيراً على أن تكون الحقائب الوزارية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية بعد مرور 30 يوماً من تاريخ التوقيع، وهذا مالم يحدث حتى اللحظة.
أضف إلى ذلك قيام الانتقالي بعرقلة عودة وحدات تابعة لألوية الحماية الرئاسية إلى عدن، ومنعها من التقدم من أبين، وزرع الكمائن بمئات المسلحين لاستهداف أي تحرك عسكري حكومي إلى عدن، ما يشكل انتهاكاً خطيراً للاتفاقية التي “لم يجف حبرها بعد”، والتي نصّت على عودة ألوية الحماية الرئاسية إلى عدن بعدتها وعتادها، لتولي مهمة تأمين القصر الحكومي بمعاشيق وكذا مهام حماية الرئيس عبدربه منصور هادي.
تلكؤ سعودي
انتقد كثير من اليمنيين ما وصفوه بـ “التلكؤ السعودي” عن فرض مسار اتفاق الرياض على الطرف الإنفصالي المعرقل للاتفاقية والمتنصل عن التزاماته فيها.
ويقول كثيرون إن أحداث أبين وإصرار الإنفصاليين ومن ورائهم الإمارات على عرقلة تقدم ألوية الحماية إلى عدن مثال صارخ عن مدى تنصلهم هؤلاء عن تنفيذ الاتفاقية، ويؤكد بأن الانقلاب وداعميه لا يمكن أن يرفعوا أيدهم عن عدن دون قتال.
القوات التى تحركت الى شقرة هي قوات من اللواء اول حماية رئاسية بحسب الاتفاق والتنسيق مع قيادة التحالف العربي تدخل مدينة عدن لكن مليشيات الانتقالي قامت بعمل كمين لها وتم التصدي له ومازلت القوات في شقرة وتنتظر للدخول إلى مدينة عدن بالتنسيق المباشر مع الأشقاء في السعودية
— مختار الرحبي (@alrahbi5) December 6, 2019
ويرى مستشار وزارة الإعلام اليمنية، مختار الرحبي، عدم تنفيذ مليشيات الانتقالي لالتزاماتها في الاتفاق “إساءة بالغة” للسعودية باعتبارها الطرف الراعي له والضامن لتنفيذه.
ويضيف في هذا الشأن: تعتقد قيادة ما يسمى الانتقالي أنها تستطيع الالتفاف على بنود الاتفاق لكنها واهمة في ذلك فليس أمامهم إلا التنفيذ بدون اي عراقيل.
عدم تنفيذ اتفاق الرياض من قبل مليشيات وقيادات الانتقالي يمثل إساءة بالغة للمملكة العربية السعودية راعية الاتفاق والضمان للتنفيذ وتعتقد قيادة ما يسمى الانتقالي أنها تستطيع الالتفاف على بنود الاتفاق لكنها واهمة في ذلك فليس أمامهم إلا التنفيذ بدون اي عراقيل
— مختار الرحبي (@alrahbi5) December 7, 2019
في حين يرى الصحفي أمجد الجنيد بأن الرياض معنية أكثر من غيرها بتطبيق بنود الاتفاق على الجميع، ما لم فإنها ستضع نفسها في موضع المشرعن للانقلاب في عدن والشريك في المؤامرة الإماراتية على اليمن.
وقال الجنيد في تصريحات خاصة لـ (عدن نيوز): “حتى الآن يمكن القول أن الرياض تخسر من رصيدها في اليمن مع مرور كل يوم دون تطبيق اتفاق الرياض بشكل فعلي على الأرض، وتضع سمعتها على المحك أمام الشعب اليمني وأمام المجتمع الدولي الذي يتابع تطورات الأحداث في عدن وأبين”.
ويضيف: “لا أريد أن أستبق الأحداث مع أن الوقائع غير مبشرة، وأستبعد أن ترتكب الرياض خطيئة شرعنة الانقلاب الدموي الممول إماراتياً على الحكومة الشرعية التي يفترض أنها لحليف الرئيسي للسعودية. لابد أن يكون موقف المملكة أكثر حزماً أمام تنصلات الانتقالي ولابد أن تثبت مدى قدرتها على ضبط الإيقاع في المدن المحررة، ما لم فإنها ستخسر ثقة اليمنيين إلى الأبد”.
الخيارات المتاحة أمام الشرعية
باعتبارها الخاسر الأكبر من الوضع الراهن في جنوب اليمن، يرى مراقبون أن الشرعية معنية بالتحرك وزيادة الضغط على الأطراف الضامنة للاتفاق، وعدم الاكتفاء بتبادل الاتهامات مع الانتقالي حول هوية الطرف المعرقل على الأرض.
وفي هذا الصدد يقول الناشط محمد السلامي: “الآن هو الوقت الذي يتوجب على الشرعية فيه التحرك والتواصل الجدي مع الجانب السعودي للضغط على الانفصاليين وداعميهم لتنفيذ بنود صفقة الشراكة”.
ويضيف: “لم يعد هناك عذر للشرعية ولا حرج عليها. وقعت الاتفاق على مضض وهي تدرك أنها الطرف الأقوى على الأرض بسبب أن الرياض هي من ضغطت عليها للقبول بالصفقة والتوقيع عليها. والآن وبعد أن تنازلت وارتضت بالشراكة مع هؤلاء فيجب إيصال رسائل جادة وقوية للطرف الضامن كي يكون عند مستوى الثقة وعند مستوى تعهداته”.
ويرى آخرون أن الانسب هو العودة إلى الخيار العسكري وإعادة السيطرة على عدن بالقوة.
وفي هذا الصدد يقول الضابط في الجيش اليمني جلمود القميشي: “سندخل عدن اما بحبر اتفاق الرياض او بمدفعية الجيش الوطني.. سندخل رغم أنف الامارات واقزامها الانتعاليين وكل الخونة والعملاء والمرتزقة وعبيد الدرهم”.
https://twitter.com/G_AlQumishi/status/1202987562933084160?s=07