عرف نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء المقال خالد بحاح بكونه “جسر عبور” للكثير من الأطراف المحلية والإقليمية التي تسعى للهيمنة على اليمن، لعل أبرزها الإمارات العربية المتحدة، والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
ولطالما شكل الصعود المثير لوزير النفط في آخر حكومة قبل تهاوي نظام صالح في عام 2012، خالد بحاح، الى منصب رئيس حكومة التوافق خلفاً لمحمد باسندوة، ثم منصب نائب الرئيس في أقل من عام، علامات استفهام كبرى وتساؤلات عن طبيعة العلاقات الغامضة التي تقف وراءه.
وأخذت التساؤلات مشروعيتها من كون بحاح واحد من أكثر الوزراء الذين حامت حولهم اتهامات واسعة بالفساد والتربح الكبير من عمليات بيع النفط في السوق السوداء في أواخر أيام حكومة مجور، حيث انتشرت في تلك الآونة أزمات خانقة في الوقود وانعدام شبه كلي له لفترات طويلة.
كما أنه يعتبر الأب الروحي بحسب كثير من السياسيين لسوق النفط السوداء وعرابها الأول إبان توليه حقيبة النفط، وبحسب الاتهامات التي لاحقته من شباب ثورة 11 فبراير وعدد من الصحفيين الاستقصائيين فقد جنى بحاح ملايين الدولارات من تلك الأزمات التي وصفت بأنها مفتعلة، مع إيمانه بأن نظام صالح أوشك على السقوط وأنه حتماً سيكون من ضمن الساقطين مع الفريق الحكومي الموالي لصالح.
وعقب إزاحة محمد باسندوة من رئاسة حكومة التوافق جراء العديد من الأزمات المفتعلة وجراء تدشين الحوثيين اعتصامات مفتوحة على ضواحي العاصمة صنعاء، أصر علي عبدالله صالح على تولي بحاح رئاسة الحكومة، وتواصل شخصياً بجماعة الحوثي لإعلان قبولها به، خاصة وأن صالح كانت تربطه في تلك الفترة علاقات ممتازة مع الحوثيين.
وهكذا استطاع الوزير الفاسد اعتلاء كرسي رئاسة الحكومة التوافقية، ليكون ذراع صالح الأهم في المشهد السياسي القادم.
وبكاريزميته وامتلاكه أطماع شخصية “مدفونة”، فضل بحاح تطمين كافة الأطراف السياسية بأنه شعرة التوازن وبأنه لن يكون مطية بيد أي حزب أو شخصية، ولن يعنى سوى بما يخدم مصالح اليمن الكبير بكل تنويعاته وتشعباته.
لكن التوجسات نحو بحاح صعدت للسطح مرة أخرى عقب انقلاب الحوثيين العسكري، وسيطرتهم على العاصمة صنعاء واجتياحهم المؤسسات الحكومية المختلفة في سبتمبر 2014م، والتي أعقبها حملة احتياح كبرى لمنازل الخصوم السياسيين واعتقال العديد منهم ونهب ممتلكاتهم.
حملة النهب والفيد التي دشنتها جماعة الحوثي في صنعاء طالت حتى منزل رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي الكائن في شارع الستين الغربي، إذ اقتحمت المليشيات المكان وأخذت الرئيس رهينة وقتلت عدد من أفراد حراسته الشخصية بينهم أفراد من عائلته.
بحاح كان الناجي الوحيد من تلك الحملة، وعلى عكس المتوقع هبت مجاميع حوثية الى حيث يقيم رئيس حكومة التوافق آنذاك وحوطت المكان، وقامت بتأمينه، منا لقي بحاح نفسه معاملة خاصة، ولم يتعرض له أحد.
تلك الحادثة أعادت للأذهان العلاقات الوطيدة بين بحاح وصالح، وطفت للسطح تقارير صحفية تشير الى أن بحاح متواطئ بشكل سري مع الانقلاب الحوثي بإيعاز من صالح.
ولطالما عرف صالح بسياسة زرع أدواته وأذرعه في قلب المكونات المناوئة له بغرض معرفة ما يحاك ضده من جهة وبغرض إبقاء تأثيره مستمراً في حال تم إزاحته من المشهد، وهو ما ظهر جلياً بعد الإطاحة به من رئاسة البلاد، حيث ظل تأثيره باقياً سواءاً على الحكومة أو الجيش.
يمكن القول هنا أن بحاح كان لاعباً بارعاً وتمكن من كسب ثقة الرئيس هادي المطلقة ليكون ذراعه الأيمن في الفترة اللاحقة والتي حملت الكثير من الأحداث المحلية والإقليمية الكبرى، سنتطرق لها في الحلقات القادمة.