ذكر موقع “لوبي لوك” الأمريكي أن الإمارات تدعم الأنظمة المتسلطة والقمعية في العالم العربي، لمواجهة ثورات الشعوب التي خرجت من أجل التغيير الديمقراطي والإصلاحات الإيجابية منذ الربيع العربي عام 2011.
وقال جوناثان فنتون هارفي، الصحفي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في مقال له بالموقع، إن هذه الثورات واجهت انتكاسات وصلت إلى حد الهزيمة، بسبب ما نفذته الإمارات لتقويض هذه التحولات، ويمكن ملاحظة ذلك جلياً في ليبيا والسودان، وسبق ذلك تدخُّل أبوظبي في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويضيف هارفي أن النظام الإقليمي الذي لا وجود فيه لحكام استبداديين وعسكريين لن يعرقل طموحات القوة الناعمة الإقليمية لأبوظبي وحسب؛ وإنما قد يكون ملهماً في أماكن أخرى سواء داخل الإمارات أو على مقربة منها.
ويعود الكاتب إلى عام 2011، عندما احتفل المراقبون الذين يرغبون في رؤية الحرية والديمقراطية بالربيع العربي، حينها كانت الإمارات تشعر بالخوف والشك، حيث دعا وقتها بعض الأكاديميين والناشطين الإماراتيين إلى ضرورة إجراء إصلاحات، منهم ناصر بن غيث وأحمد منصور، لتعتقلهما بعد ذلك السلطات وتباشر حملة قمع شملت آخرين، وحُكم على بعضهم بالسجن الطويل أو بغرامات كبيرة.
أجندة الثورة المضادة تمتد إلى ما وراء حدود الإمارات، كما يقول الكاتب، فمنذ أن أعلن اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر معركته ضد حكومة الوفاق، من أجل السيطرة على العاصمة طرابلس، دعمته الإمارات، بحسب الكاتب.
وأشار الكاتب إلى أن أبوظبي قدمت مجموعة واسعة من الطائرات والمركبات العسكرية وغيرها من المعدات الحيوية، كما نفذت طائرات حربية إماراتية هجمات جوية على خصوم حفتر بشرقي ليبيا، وهو ما ساعد جيشه في السيطرة على تلك المناطق.
هذا بالإضافة إلى تهريب الشركات الإماراتية النفط الليبي بطرق لم تعتمدها الأمم المتحدة وبالتعاون مع حفتر.
كل هذا الدعم الإماراتي لحفتر ينتهك القانون الدولي بشكل مباشر، في ظل وجود حظر دولي على تصدير الأسلحة إلى ليبيا، كما أنه يعيق تحوُّل ليبيا إلى دولة ديمقراطية إقليمية مستقرة، فليبيا غنية بالنفط ويمكن أن تكون جاذبة للاستثمارات الدولية بشكل كبير وتنافس الإمارات، كما يقول الكاتب.
وفي السودان، يقول الكاتب، ومع الإطاحة بالرئيس عمر البشير بعد الاحتجاجات الشعبية وتولِّي مجلس عسكري انتقالي السلطة، أصدرت أبوظبي بياناً أعلنت فيه دعمها استمرار الحكم العسكري هناك، والتقى مندوبون من الإمارات شخصيات بارزة في المجلس الانتقالي السوداني يوم 13 أبريل الجاري، حيث تبحث أبوظبي عن شخصيات محتملة لدعمها في حكومة ما بعد الثورة.
ويرى الكاتب أن الإمارات تسعى إلى تكريس النموذج المصري في السودان بعد أن دعمت انقلاب عبد الفتاح السيسي عام 2013، وساعدته في سحق الإسلاميين وقمع حرية التعبير وفي انتهاكاته الواسعة لحقوق الإنسان.
تونس ربما تكون هي الدولة الوحيدة التي نجت من التدخل الإماراتي، بحسب وجهة نظر الكاتب، وبسبب ذلك “باتت تتمتع بسمعة طيبة، لكونها أصبحت نموذجاً إقليمياً لنجاحها النسبي في الديمقراطية، لذلك تشعر أبوظبي بالقلق من إمكانية تحوُّلها إلى عنصر إلهام في المنطقة”.
وحاولت الإمارات التدخل في تونس، من خلال دعمها حزب “نداء تونس” العلماني للاستيلاء على السلطة وطرد حزب النهضة الإسلامي، في محاولة لتكرار السيناريو المصري، حتى إن الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، اتهم أبوظبي بمحاولة زعزعة استقرار بلاده ودعم القوى الرجعية.
ويعتقد الكاتب أنه رغم الوعي المتزايد بـ”النفاق الإماراتي”، فإن ذلك لم يمنع الدول الغربية، وضمن ذلك أمريكا والمملكة المتحدة، من الحفاظ على علاقات قوية مع الإمارات وتزويدها بالأسلحة، ولكن هذه العلاقات يجب استخدامها للضغط على أبوظبي لوقف تدخلاتها في شؤون الدول الأخرى، وتنفيذ سياسة خارجية أكثر اعتدالاً.