انتقد مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة دور دولة الإمارات العربية المتحدة التخريبي في لبيبا ومساهمتها في زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.
واتهم سلامة دولة الإمارات بأنها تقف على رأس عشرة دول تتدخل سلبا في ليبيا، معلنا أنه يعمل مع الأمين العام أنطونيو غوتيريش ويبلغه بالتطورات بشأنها كي يبلغ مجلس الأمن بها لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها.
وذكر أن هناك دولاً خارجية أبرزها الإمارات مستمرة في إرسال السلاح إلى داخل ليبيا، بالرغم من المناشدات المتكررة لوقف هذه العمليات التي تساهم في زعزعة الاستقرار.
واعتبر المبعوث الأممي أن عدم ضمان وقف إطلاق النار ليس دليلاً على فشل العملية السياسية في ليبيا، التي أكد إحراز تقدم فيها، مشيراً إلى عدة قفزات في هذا الصدد منها “الاجتماعات المشتركة بين أعضاء من مجلسي النواب والدولة، وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في طرابلس وتطبيق الإصلاحات الاقتصادية، ومعالجة مشكلة الهلال النفطي في يونيو 2018، واستئناف الانتاج في حقل الشرارة النفطي”.
وشدد سلامة على أهمية استغلال هذا التقدم التراكمي في ليبيا، داعياً الليبيين إلى انتهاز فرص تجديد الدم في مؤسسات الدولة، لكنه نبه إلى أن هناك مشكلات كبيرة تتطلب معالجتها في إشارة إلى التدخلات الخارجية.
واعتبر أن النزاع في ليبيا هو نزاع على الثروة وليس على الأيديولوجيا، في إشارة إدانة أخرى للتدخل الإمارات من أجل نهب مقدرات وثروات البلاد باستغلال نشر الفوضى فيها.
وأشار سلامة إلى أنه “ليس هناك أي ضمانات لحفظ الاستقرار نظراً لاستمرار انتشار وتدفق السلاح إلى البلاد” مؤكداً أنه يسعى لبناء دولة في ليبيا و “لن يخون” أفكاره، وأنه لم يأتِ إلى ليبيا “لتمرير صفقات”.
ويشار إلى أن سلامة يعمل منذ يونيو 2017 كمبعوث خاص للأمم المتحدة في ليبيا الغنية بالنفط، والتي تعاني منذ العام 2011 صراعاً شرساً على السلطة، يتركز حالياً بين حكومة “الوفاق” المعترف بها دوليا في طرابلس (غرب)، وخليفة حفتر المدعوم من الإمارات.
ويعد إدانة الدور التخريبي لدولة الإمارات العربية المتحدة محل إجماع في ليبيا التي تعاني الأمرين من نشر للفوضى والتخريب بسبب دعم أبو ظبي لمليشيات مسلحة تنشر القتل والتخريب.
واتهم حراك شعبي في مدينة مصراتة غرب ليبيا، الإمارات بأنها المحرك الرئيس لجميع الأزمات التي عاشتها ليبيا بعد الثورة، مستخدمة في ذلك أدواتها وعملاءها وفي طليعتهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وأعلن الحراك الشعبي الذي ضم المجلس البلدي والحكماء والأعيان وكتائب الثوار، في وقفة احتجاجية، رفضهم العودة إلى حكم الفرد وعسكرة الدولة، ومؤكدين رفضهم للوسائل التي يتخذها حفتر للسيطرة على مفاصل الدولة، ومعلنين عن عدم سكوتهم تجاه ما ينتهجه من ظلم وعدوان.
طالب البيان المجتمع الدولي والأمم المتحدة باحترام تطلعات الشعب الليبي، ومنع التدخلات السلبية في شؤونه، الأمر الذي تسبب في إطالة أمد الأزمة، مستنكرة الطريقة التي تتعامل بها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مع الجنرال حفتر.
من جانبهم، شن حكماء وأعيان مدينة تاجوراء، شرق العاصمة طرابلس، هجوما على البعثة الأممية في ليبيا، متهمين إياها بمحاولة تسويق ودعم “الانقلاب العسكري، ومحاولتها الدؤوبة لتبييض صفحة مجرم الحرب السوداء، الذي سفك دم الليبيين، ودمر مدنهم وهجّر سكانها”.
واستنكر بيان الأعيان والحكماء، دور البعثة في “خرقها للدستور والقانون المحلي، وذلك بتعاملها مع أطراف يفتقدون الشرعية، وتجاوزها لأحكام القضاء، وخرقها لقرارات مجلس الأمن، بمحاولة فرض أطراف لا يعترفون بالاتفاق السياسي الليبي”.
وأكد الحكماء والأعيان أنهم “لا يرون لبعثة الأمم المتحدة بشكلها ووضعها الحالي، وخضوعها لإملاءات بعض الدول الإقليمية أي دور إيجابي”، داعين “الأمم المتحدة إلى تصحيح تشكيل ومسار بعثتها أو سحبها من ليبيا”.
وفي سياق قريب، اعتبر حزب الوطن ما دار في العاصمة الإماراتية أبوظبي من اجتماع بين اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، هو “دخول في مرحلة أخرى من المماطلة وإطالة أمد الأزمة، ومحاولة فرض عسكرة الدولة في قالب جزئي مكشوف”.
وقال الحزب في بيان له، إن “الطريق الصحيح لإنهاء الأزمة المفتعلة، هو إكمال المرحلة المتبقية من العملية الانتقالية، بالاستفتاء على مشروع الدستور، رافضا إنتاج مرحلة انتقالية أخرى”.
بينما طالب حزب تحالف القوى الوطنية، البعثة الأممية في ليبيا، “باطلاع كـل الليبيين على ما يتداول من أخبار حول الاقتراب من الوصول لاتفاق يُنهي المراحل الانتقالية، ويُوحد مؤسسات الدولة المنقسمة، وتفاصيل هذا الاتفاق، ومرجعيته، وعلاقته بخطة المبعوث الأممي، وبالملتقى الوطني الليبي الشامل، الذي نطالب بعقده في أقرب وقت ممكن”.
وكان رئيس المجلس الليبي الأعلى للدولة خالد المشري شن هجوما حادا على كل من الإمارات ومصر لدورهما في الأزمة السياسية في البلاد.
وخلال خطاب له في مقر الكونغرس الأمريكي الثلاثاء الماضي، طالب المشري الولايات المتحدة بالمساعدة في ما وصفه بـ”الحد من التدخلات الدولية في الشأن الليبي”.
واعتبر المشري أن لدى دولة الإمارات ومصر “مصلحة في تعطيل الحياة الديمقراطية في ليبيا”، مشددا في ذات الوقت على أهمية مساعدة ليبيا في إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية “على أساس دستوري لضمان حل الأزمة وتحقيق الاستقرار في البلاد”.
ويؤكد محللون أن دولة الإمارات تلعب دورا له تبعات كارثية داخل الساحة الليبية، فمنذ إطاحة ثورة 17 فبراير بنظام العقيد الراحل معمر القذافي وهي تسعى جاهدة لإجهاض الثورة وإقصاء الإسلاميين، من خلال دعمها لقوى الثورة المضادة بالسلاح.
وتسبب التدخل الإماراتي -وفق مراقبين ومحللين- بفوضى عارمة داخل البلاد وانقسام سياسي داخل مؤسسات الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعي وتدهور الاقتصاد.