انتخابات الجزائر.. “حمى الترشحات” في ظل استمرار صمت الرئيس المطبق

محرر 223 يناير 2019
انتخابات الجزائر.. “حمى الترشحات” في ظل استمرار صمت الرئيس المطبق

لم تمض سوى ساعات قليلة على إعلان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة استدعاء الهيئة الناخبة، وتحديد موعد الانتخابات الرئاسية في الثامن عشر من أبريل القادم، حتى سارعت عدة شخصيات سياسية حزبية ومستقلة إلى إعلان نيتها الترشح، ما أثار تساؤلات واسعة بشأن ما وصف بـ “حمى الترشحات” في ظل استمرار صمت الرئيس المطبق.

فخلال 72 ساعة التي تلت تحديد موعد الانتخابات، تلقت وزارة الداخلية 32 طلباً للترشح، وكشفت- في بيان لها- عن الحصيلة المؤقتة لسحب استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية للراغبين في الترشح إلى الانتخابات، حيث تلقت 32 رسالة رغبة في الترشح، منها 9 رسائل لرؤساء أحزاب سياسية و23 رسالة لمرشحين مستقلين.

وأكدت الداخلية أن “المعنيين تحصلوا على حصتهم من استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية، تطبيقاً للأحكام القانونية سارية المفعول، في حين تتواصل العملية بالموازاة مع الطلبات المقدمة”.

 

– سباق نحو الترشح

ويُلزم قانون الانتخابات جمع أكثر من 60 ألف توكيل على مستوى المحافظات الجزائرية، ومن ضمن الشخصيات التي أعلنت نيتها الترشح، توجد خمس قيادات حزبية، أبرزها رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، الذي ترشح للمرة الثانية بعد انتخابات 2014، ورئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، الذي يرأس حزب “طلائع الحريات”، والذي يخوض غمار المنافسة للمرة الثالثة بعد انتخابات 2004 و2014، إلى جانب علي زعدود، رئيس حزب التجمع الجزائري، وسليم خلفة رئيس جبهة الشباب الديمقراطي للمواطنة، ومحفوظ عدول رئيس حزب النصر الوطني.

كما سلم ستة مرشحين مستقلين طلبات الترشح، وسحبوا استمارات التفويضات، أبرزهم اللواء المتقاعد من الجيش الجزائري علي غديري، الذي أعلن ترشحه، الأحد، رسمياً، وحصل على دعم شخصيات بارزة مثل المحامي والحقوقي البارز مقران آيت العربي، القيادي السابق في حزب جبهة القوى الاشتراكية أحد أقدم الأحزاب المعارضة بالبلاد.

كما قدم نجل الرئيس السابق محمد بوضياف، ناصر بوضياف، طلب ترشحه، إضافة إلى الناشط السياسي المثير للجدل رشيد نكاز، والذي فشل في الترشح للانتخابات 2014 بسبب مشكلة في التوكيلات.

وتتجه الأحزاب الأخرى إلى حسم موقفها من المشاركة خلال الأسابيع القليلة القادمة، حيث يمنح القانون 45 يوماً كمهلة لسحب طلبات الترشيح، وتتجه حركة مجتمع السلم إلى ترشيح رئيسها عبد الرزاق مقري، حيث دعت في بيان لها أعضاءها إلى “التأهب والاستعداد لجمع التوقيعات ولخوض غمار الانتخابات الرئاسية، بمرشحها بجدارة واستحقاق، في حالة ما قرر مجلس الشورى الوطني ذلك”.

كما يتوقع أن يقرر حزب العمال اليساري، نهاية الأسبوع الجاري، موقفه من المشاركة في الانتخابات، ويرجح أن يدفع بأمينه العام لويزة حنون، إلى الترشح للرئاسة للمرة الثالثة في مسارها السياسي بعد انتخابات 2004 و2014.

 

– هلال بوتفليقة

“حمّى الترشيحات” طرحت العديد من التساؤلات بشأن السيناريوهات المحتملة للاستحقاق الرئاسي المقبل، كما طرحت أسئلة بشأن فتح اللعبة السياسية القادمة وعدم حسمها لمصلحة مرشح السلطة، ومما زاد من حالة الغموض والترقب استمرار صمت الرئيس بوتفليقة بشأن ترشحه لولاية خامسة من عدمه، وهو القرار الذي سيرسم بشكل حاسم- برأي متابعين- المسار الذي ستأخذه الانتخابات.

الباحث والكاتب معمري نسيم ذكر لــ”الخليج أونلاين” أن “تهافت المرشحين لأخذ التوكيلات وإيداع طلبات الترشح ليس مؤشراً على فتح العملية السياسية أو تلقي هؤلاء ضوءاً من أية جهة بشأن هذا الاستحقاق”، لكن يعتبره “إجراءً قانونياً يجب أن يقوم به أي جزائري يملك الرغبة في الترشح”، مؤكداً أن “الكل ينتظر هلال الرئيس ليقرر الاستمرار في خوض مغامرة الرئاسيات أو الانسحاب”.

وما زاد من غموض المشهد برأيه “ليس صمت الرئيس فقط، بل صمت الأجنحة المقربة منه”، وهذا الصمت برأيه “مؤشر على وجود حالة من الاضطراب في دواليب السلطة، لأن العملية الانتخابية برمتها مرتبطة بصحة الرئيس وموقفه”. كما شهدنا “اختفاء المؤسسة العسكرية وراء مبدأ التزامها بمهامها الدستورية”.

وفي حال عدم ترشح الرئيس يتوقع أن “يقْدم محيطه على أية خطوات حتى من دون مراعاة الأعراف السياسية في الجزائر، من ذلك ترشيح أحد أفراد عائلة الرئيس أو المقربين منه”.

وعن الأسماء التي يمكن أن تتصدر المشهد السياسي خلال الفترة القادمة توقع أن يكون كلٌّ من الجنرال علي غديري وعلي بن فليس من الشخصيات البارزة.

وبالنسبة لبن فليس توقع أن يكون موقفه مرتبطاً بترشح الرئيس من عدمه، ففي حال ترشح بوتفليقة يتوقع معمري أن ينحسب بن فليس من السباق ولا يغامر بالترشح وإنهاء مساره السياسي بـ “هزيمة ثقيلة”.

 

– انتخابات مفتوحة

أستاذ العلوم السياسية بجامعة المسيلة، محمد بوضياف، أكد أن موقف بوتفليقة من الترشح سيكون مؤثراً على الانتخابات؛ لما يملكه من دعم حزبي وشعبي، ومن مؤسسات الدولة المختلفة.

فهو بحسب كثيرين- يضيف بوضياف- “المؤسس لما يسمى مسار  ترسيخ النظام الديمقراطي، فعلى يديه تم الكثير من التغييرات الجوهرية، وهي مستمرة، فضلاً عن أنها تحظى بالقبول والتزكية”.

بوضياف يرى، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن بوتفليقة “منذ اعتلائه سدة الحكم في 1999 وهو يسعى إلى مطابقة الممارسة السياسية بين ما هو فعلي خفي تحتكره دوائر من وراء الستار، وما هو علني شكلي يتمثل في مؤسسات الدولة المختلفة”، لذلك يعتبر أن “المرشحين يتخوفون أو يترددون في الترشح لمنافسته لما يمثله من ثقل”.

لكن في نفس الوقت يشير بوضياف إلى أن “ترشح بوتفليقة لن يمنع من تقدم بعض الأسماء المحسوبة على النظام الأمني السابق، والمدعومة من رجال أعمال لهم وزنهم وثقلهم المحلي والخارجي، للترشح بالرغم من محدودية حضورهم الشعبي، وضعفهم الواضح في التنسيق فيما بينهم لمواجهة الرئيس أو مرشح من فريقه”.

المؤشرات توحي- برأي بوضياف- بأن “الانتخابات ستكون مفتوحة لما يمارس من ضغوط بسبب حالة بوتفليقة الصحية أو حتى من الشركاء الإقليميين، الذين مست مصالحهم الإصلاحات التي باشرها الرئيس من أجل تعزيز وتحصين سيادة القرار الوطني”.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق