يرى بعض المحللين أنَّ مصر استخدمت الهجوم الأخير على المسيحيين على أرضها كذريعةٍ لتعزيز مصالحها في ليبيا وتعزيز الرجل القوي خليفة حفتر.
وكانت القاهرة قد شنَّت يوم الجمعة، (26|5) ضرباتٍ جويةٍ على مدينة درنة الليبية، رغم أن “داعش”، الذي أعلن مسؤوليته عن الهجوم على المسيحيين، ليس له وجودٍ في المدينة.
وتخضع مدينة درنة حالياً لسيطرة مجلس شورى درنة، الذي يُدير المدينة منذ أن طرد هو تنظيم داعش عام 2015.
وقال أرنو دولالاند، وهو محللٌ للشأن الليبي كتب سابقاً لموقع “ميدل إيست آي”، إنَّ الدليل الذى نشره الجيش المصري يوضح أنَّ الهجمات في درنة كانت لدعم حفتر، وإن علاقة ذلك بالهجوم على المسيحيين علاقة مصطنعة.
وأضاف أنَّ “هذه العناصر تُشير إلى أنَّ الضربات الجوية المصرية لم تكن عملية انتقامية، لكن مصر استخدمت ذلك كذريعةٍ لدعم حليفها في شرق ليبيا. وأكد الفيديو الرسمي أنَّ مصر قامت بموجة ثانية من الغارات الجوية في (27|5)، لكن هذه المرة على مدينة هون، حيث توجد سرايا الدفاع عن بنغازي”، وهي مجموعة إسلامية معارضة للواء المتمرد حفتر.
وقال جلال حرشاوي، الباحث في الجغرافيا السياسية والمتخصص بالشأن الليبي، إن “الإمارات ومصر تدَّعيان أنَّهما تُشنانِ غاراتٍ جويةٍ على الأراضي الليبية منذ أشهر. لكنَّ التحول من السرية إلى العلنية في الهجمات له تداعيات مهمة على ما يأتي بعد ذلك. والآن وبعد أن أصبح الوضع والخطاب السياسي يسمح بالإعلان عن تلك الهجمات، يُمكن لمصر والإمارات تعزيز عدوانية ما يفعلانه في الأراضي الليبية”، على حد تعبيره.
ويقول “ميدل إيست آي”، يُعَدُّ دور الإمارات في ليبيا، وعلاقتها مع حفتر، أمراً مثيراً للجدل إلى حدٍ كبيرٍ.
وأشارت مقالة في مجلة التايم الأميركية في أوائل مايو إلى أنَّ الإماراتيين استخدموا طائراتٍ أميركية الصنع لضرب أهدافٍ في ليبيا دعماً لحفتر، ما يُقوِّض بشكلٍ مباشر السياسة الأميركية التي لا تزال تدعم حكومة الوفاق الوطني في طرابلس حالياً.
“علينا القيام بشيءٍ ما”
وقالت كلوديا غازيني، محللة الشأن الليبي البارزة في مجموعة الأزمات الدولية، إنَّه في حين كانت الهجمات المصرية على ليبيا من الواضح بشكلٍ كبيرٍ أنَّها للاستهلاك المحلي المصري، ومن أجل أن تظهر الحكومة المصرية كأنًّها “تفعل شيئاً” بشأن الهجوم على المسيحيين، فقد كانت أيضاً لدعم حفتر وداعميه في الإمارات.
وأوضحت لموقع ميدل إيست آي: “مصر تعاني اقتصادياً، ومن الصعب اعتقاد أنَّ لديها من الطيران والأسلحة ما يمكنها استخدامه لتنفيذ عملٍ عسكري عبر حدودها دون شريكٍ خارجي يُسهم في تولِّي تكاليف هذه الأعمال”.
وأضافت: “من الممكن أيضاً أن تكون الإمارات قد دفعت مصر إلى تنفيذ هذه الغارات؛ لأنَّها تتفق تماماً مع ما تريد حدوثه في ليبيا”.
يد روسيا في ليبيا
وقال الحرشاوي أيضاً إنَّه من الممكن أن تكون تلك الضربات تعكس طموحات روسيا لتعزيز نفوذها داخل ليبيا. فموسكو تدعم كلاً من حفتر والمصريين بشدة، وقد أرسلت بالفعل قواتٍ خاصة لدعم الجنرال المنشق في معركته ضد “الإرهاب”.
وأضاف أنَّ الروس بالتأكيد لا يمانعون من تعزيز تحالف حفتر الإماراتي المصري جهوده العسكرية في ليبيا”، على حد قوله.