مع انطلاق عملية بريكست رسمياً، تستعد الحكومة البريطانية لمفاوضات طويلة الأمد، على أمل التوصل إلى أفضل اتفاق في نظرها مع بروكسل، مع البدء في الوقت نفسه في فصل القانون البريطاني عن التشريعات الأوروبية، وذلك في الوقت الذي تقدر فيه بروكسل فاتورة خروج لندن من الاتحاد ما بين 55 و60 مليار يورو.
اعتبارا من الخميس، 30 مارس/ آذار 2017، تنشر حكومة تيريزا ماي الكتاب الأبيض لمشروع قانون بعنوان “الإلغاء الكبير” من أجل إلغاء مادة من القانون تعود إلى 1972، وأتاحت دمج التشريع الأوروبي في القانون البريطاني.
والهدف من مشروع القانون الجديد هو تحويل هذه التشريعات الأوروبية إلى قوانين محلية والاحتفاظ بالقوانين المفيدة منها مع إلغاء الباقي.
وأكدت ماي أمام مجلس العموم، الأربعاء، أن “ذلك من شأنه أن يوضح الطريقة التي سنقوم بها بنقل الأحكام المهمة لمحكمة العدل الأوروبية”.
ويفترض أن تتم هذه العملية على مراحل لتفادي قفزة في المجهول على صعيد القضاء، خصوصا أن الأمر يتعلق بـ19 ألف قانون أوروبي يتم تطبيقه في بريطانيا.
في الوقت نفسه، لن تكون مفاوضات الخروج مع الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أسهل.
فقد أعلنت ماي أنها تريد توقيع “شراكة وثيقة وخاصة، تشمل تعاوناً اقتصادياً وأمنياً”. كما طالبت بأن تتم مفاوضات بريكست بالتوازي مع الاتفاق الجديد الذي سيربط بين بلادها والاتحاد الأوروبي.
إلا أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل رفضت الطلب، وشدَّدت على “ضرورة توضيح كيفية فك” الروابط التي نسجت على مدى 44 عاماً قبل أي شيء.
فاتورة الخروج
تتوجه ميركل، الخميس، إلى فاليتا للمشاركة في مؤتمر الحزب الشعبي الأوروبي الذي يضم الأحزاب المحافظة.
وسيكون ذلك مناسبة لعقد أول لقاء بين الأوروبيين، بما أن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس الوزراء الإسباني مريانو راخوي سيحضرون الاجتماع.
الجمعة، سيعرض توسك مقترحات حول “توجهات المفاوضات” التي ستحدد بشكل عام الخطوط الحمر التي يجب عدم تجاوزها على صعيد الاتحاد الأوروبي، من أجل التوصل إلى اتفاق حول خروج بريطانيا. وسيتم عرض هذه المقترحات على قادة الدول الـ27 الأعضاء، خلال قمة في بروكسل في 29 أبريل/نيسان.
قبل ذلك، يصوت البرلمان الأوروبي خلال جلسة بحضور كامل الأعضاء، في 5أبريل/نيسان، في ستراسبورغ على نص ينص على “أن اتفاقاً حول العلاقات المستقبلية… لا يمكن التوصل إليه إلا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.
وكان المجلس الأوروبي حذر من أن الاتحاد الأوروبي “سيعمل بشكل موحد وسيحافظ على مصالحه”.
وإذا كانت ماي وبروكسل مستعدتين للتوصل إلى اتفاق حول حقوق المهاجرين الأوروبيين، فإن فاتورة الخروج التي ستقدمها بروكسل إلى لندن لتسديد كلفة التزامات قامت بها قبلا، يمكن أن تشكل نقطة خلاف قوية.
وقالت ماي في مقابلة مع “بي بي سي”، مساء الأربعاء، “ليس هناك طلب رسمي”، مضيفة أن بلادها “ستحترم التزاماتها”.
إلا أن وزير المالية البريطاني فيليب هاموند كان حذر في وقت سابق من أن لندن “لا تعترف بالمبالغ الهائلة أحياناً التي تم تداولها في بروكسل”.
وتقدر بروكسل أن الفاتورة ستتراوح بين 55 و60 مليار يورو.
ورقة الأمن
وفي رسالة الخروج التي وجهتها ماي إلى توسل، الأربعاء، يبدو وكأنها تحاول لعب ورقة التعاون الأمني لترجيح كفتها في المفاوضات.
وكتبت ماي في الرسالة “في الوقت الذي بات فيه الوضع الأمني في أوروبا أكثر هشاشة من أي وقت منذ نهاية الحرب الباردة، سيشكل إضعاف تعاوننا من أجل الازدهار وأمن المواطنين خطأ فادحاً”.
وتابعت على “بي بي سي” أن هذه المسألة “مهمة بالنسبة إلينا، وأريد أن أحافظ على التعاون نفسه، لكنه سيكون ضمن الاتفاق الشامل”.
إلا أن كبير مفاوضي البرلمان الأوروبي في محادثات البريكست غي فيرهوفشتات رفض هذا التهديد المبطن. ورد قائلاً “أمن جميع المواطنين على جانب كبير من الخطورة والأهمية” بحيث لا يمكن أن يكون “موضوع مساومة”.