يعود كابوس الاغتيالات في العاصمة المؤقتة، عدن، إلى الواجهة مجددا، بعد فترة هدوء ليست طويلة، لكنها كانت كافية للتفاؤل بإسدال الستار على أبشع مرحلة عاشتها عدن أمنيا، وصار ارتكاب جرائم الاغتيالات ضد الدعاة والعلماء وأئمة المساجد والمسؤولين الأمنيين في المدينة أشبه بمسلسل يومي. كما لم تسلم المدينة من جرائم اغتيالات طالت عددا من الضباط في الأمن والجيش.
ويتفق مراقبون على أن عودة الاغتيالات وتفاقم التردي الأمني في عدن والمحافظات المجاورة لها لا يمكن أن يكون بعيدا عن مخططات خارجية بتواطؤ أذرع سياسية محلية فاعلة في الداخل، ولها مشاريعها المشبوهة خارج سياق الإجماع الوطنى والدولة الاتحادية.
آخر تجليات المشهد المؤسف كان يوم أمس الأحد باغتيال العقيد ناصر مقريح و الأسبوع الماضي، باغتيال الشيخ محمد راغب بازرعة إمام وخطيب مسجد عبدالله عزام، وقبل ذلك بأيام نجاة الناشط في إصلاح عدن صادق أحمد محمد من محاولة اغتيال في منطقة القلوعة.
استهداف سياسي
ويرجح محللون سياسيون وصحفيون، أن طرفا سياسيا يتلقى الدعم من مكونات معززة للإرهاب في الداخل والخارج يقف وراء جرائم الاغتيالات.
ويذهب المحلل السياسي ياسر عمرو إلى التأكيد أن “هناك أيدي خفية تحرك جرائم الاغتيالات، هذه الأيدي تجد دعما من جهات إرهابية داخل اليمن، والشرق الأوسط؛ لافتا ــ من جانب آخر ــ إلى الانقسامات السياسية الموجودة في عدن، وتعمد بعض الأطراف في أن تظل العاصمة المؤقتة للشرعية رهينة للفوضى وللصراع”.
كما يشير “عمرو” إلى معضلة ضعف الأجهزة الأمنية، وقلة خبرتها في الجانب الأمني، والتي تمثل إحدى الأسباب الهامة في تكرار جرائم الاغتيالات، بحسب تعبيره.
ويتفق الصحفي والإعلامي ياسر اليافعي مع ماسبق ذكره بشأن ضعف الدور الأمني للأجهزة الرسمية في العاصمة المؤقتة.
ويرى ــ من جهته ــ أن هناك مظاهر انفلات أمني واضحة ويمكن السيطرة عليها، باعتبارها العامل الأبرز لحدوث جرائم الاغتيالات.
يقول اليافعي: “تشهد العاصمة عدن انتشارا غير مسبوق لأعداد السيارات التي بلا أرقام، ومثل ذلك الدراجات النارية، بالإضافة إلى حمل السلاح، والفوضى في أسواق القات والخضرة، وتدفق النازحين بدون أي بيانات أو حصر لهم.
وهذه كلها يمكن أن تكون عوامل لحدوث الجرائم وأعمال الفوضى والعنف”.
مقترحات ..
وفي حين يعتبر الناشط الإعلامي صلاح عبدالقوي، أن جرائم الاغتيالات في العاصمة المؤقتة عدن انعكاس مباشر لحالة “التأزيم السياسي” بين الأطراف السياسية في عدن، ويقترح من جانبه الناشط الحقوقي عبد السلام اليافعي خطوات من شأنها أن تردم الطريق إلى الجريمة.
يقول:” لابد من إنهاء المظاهر والأسباب المشجعة على جرائم الاغتيالات، كالعمل على حظر حمل السلاح، ومتابعة السيارات غير المرقمة”.
ويتابع: ” من المهم أيضا، تفعيل دور الأجهزة الأمنية والقضائية، بعيدا عن وصايا السياسة، والسياسين، والتعامل بحزم، وعدالة مع كل من يثبت تورطه في عمليات الاغتيالات”.
ويختم حديثه بالتأكيد على “التنسيق والتعاون بين أجهزة الأمن، وبين دول التحالف العربي، وتشكيل غرفة عمليات مشتركة لمواجهة الظاهرة التي تتفاقم في عدن”.
*المنبر برس