فرضت الإمارات العربية المتحدة نفسها واحدة من أبرز دول التحالف العربي في اليمن، وطرفا فاعلا على الأرض، ولها نفوذ سياسي لا سيما في الجنوب اليمني، الأمر الذي يثير جدلا واسعا حول الأمر، لا سيما بعد تصريحات للرئيس عبد ربه منصور هادي وصف فيها دور الإمارات بـ”الاستعمار الغبي”، وفق ما نقله مصدر لـ”عربي21″، طلب عدم الكشف عن هويته.
وبين هذا الوصف والدور الذي تقوم به الإمارات في اليمن، تظهر تساؤلات عن الأهداف التي تسعى أبو ظبي إلى تحقيقها، من خلال تواجدها العسكري ونفوذها السياسي عبر المبعوث الإماراتي في البلاد علي الأحبابي، وقائد القوات الإماراتية ناصر مشبب العتيبي.
وتحتوي المدن في الجنوب اليمني على الثروات الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن والثروة السمكية، بالإضافة إلى أن عدن تعد إحدى أهم المدن اليمنية الساحلية التي تحوي موانئ مهمة بالنسبة للإمارات، التي تسعى أيضا إلى بسط نفوذ على مضيق باب المندب الاستراتيجي.
وللوقوف على الأهداف الإماراتية، فلا بد من استعراض الوجود العسكري لها في اليمن وجهودها في الجنوب اليمني. وتأتي جهود الإمارات وفقا لخبراء تحدثت معهم “عربي21” كما يأتي:
– تعد ثاني أكبر جهة تشارك في التحالف العربي.
– 30 طائرة حربية تشارك بالعمليات.
– تواجد لمستشارين إماراتيين وضباط.
– تواجد لقوات برية لا يعرف تقدير أعدادها.
– دور بارز في استعادة مدينة عدن.
– دور في استعادة مدينة مأرب التاريخية وسد مأرب.
– خسرت 80 قتيلا في اليمن بحسب تقديرات.
– تمدد لقواتها صوب حضرموت وسقطرى في البحر العربي.
– تولي زمام معركة الساحل الغربي اليمني.
– تقدم طفيف في الشريط المطل على البحر الأحمر (ذوباب وكهبوب والمخا).
– امتلاك معظم الدور العسكري واللوجستي، في أهم المدن اليمنية تأثيرا على الأحداث حاليا.
– السيطرة على ميناء البريقة، الذي يعد المورد الرئيس لجميع الإمدادات اللوجستية، بما يشمل السلاح والمواد الإغاثية.
من جانبه، وافق دكتور العلوم السياسية اليمني، فيصل الحذيفي، ما ذهب إليه الرئيس اليمني بوصفه دور الإمارات بأنه “استعمار”، مؤكدا أن “السلوك الإماراتي اليوم أشبه بالسلوك الاستعماري، وهذا أمر لا يقبل الشك فيه، رغم أننا كنا نسفه أي جنوح نحو اتهام الإمارات دون دليل مسبقا”.
وأوضح لـ”عربي21″، أن هذا السلوك ظهر أولا من خلال منع الإمارات (في شباط/ فبراير الماضي) طائرة الرئيس عبده ربه من الهبوط في مطار عدن، مستذكرا منع قائد ألوية الحرس الرئاسي مهران القباطي من دخول عدن أيضا.
بالإضافة إلى استقدام بعض القيادات الإماراتية أثناء زيارتها إلى جزيرة سقطرى بعض المرافقين ممن لا يمتلكون موافقة السلطات اليمنية بالدخول.
وأضاف إلى ذلك “اعتراض الإمارات على قرارات الرئيس هادي بما يتصل بالتعيينات، مثل تغيير رئيس الحكومة خالد بحاح سابقا، وتعيين علي محسن نائبا للرئيس، وتغيير عيدروس الزبيدي محافظ عدن يالمفلحي”.
وعلق على الأمر بالقول: “كأن القرارات السيادية ينبغي أن تحظى بموافقة الإمارات سلفا، وكأنه ينبغي أن يكون القرار اليمني مرهونا للإمارات”.
وبحسب الحذيفي، فقد كانت الإمارات أبدت امتعاضا من الرئيس هادي حين زار عاصمة أبو ظبي، ولم يجد استقبالا لائقا، ما اضطره إلى المغادرة الفورية، إلى جانب تناوله بالنقد والسخرية من شخصيات رسمية في وسائل الإعلام في الإمارات”.
وما زاد من التوتر بين هادي والإمارات، إعلان شخصيات محسوبة على أبو ظبي ما يسمى “المجلس الانتقالي” في عدن، المثير للجدل، لا سيما بعد اعتراض الإمارات على إقالة الرئيس اليمني شخصيات من مناصبها، هي ذاتها التي أسست هذا المجلس.
ويرتبط هذا النفوذ الكبير للإمارات في اليمن منذ بدء عمليات التحالف العربي في اليمن ضد جماعة الحوثي والقوات الموالية لها بمجموعة من الأهداف السياسية الإماراتية.
من جهته، أجمل الكاتب والمحلل السياسي اليمني، خالد عقلان، الأهداف السياسية الإماراتية في اليمن بما يأتي:
– ضمان أي سلطة في الجنوب اليمني
– دعم الانفصاليين لأهداف اقتصادية
– تسلم المسؤولية الكاملة في عدن
– إدارة الموانئ في مدينة عدن
– تحقيق نفوذ على مضيق باب المندب
– تعزيز تواجدها في جزيرتي سقطرى وميون اليمنيتين
– عدم وجود أي دور في المستقبل للتجمع اليمني للإصلاح
مصالح استراتيجية للإمارات
وتعد مجموعة “موانئ دبي العالمية” خامس أكبر مشغل للموانئ في العالم، ويقع تحت إدارتها 18 ميناء دوليا، تتوزع في مناطق مختلفة من العالم.
واستلمت هذه المجموعة ميناء المعلا في عدن الذي يفترض أن يكون منافسا لميناء دبي، من خلال صفقة أبرمت عامي 2007 و2008 أفضت إلى تأسيس شركة لتطوير محطة الحاويات في عدن وتشغيلها، مناصفة لكل طرف.
وتم منحها إدارة التشغيل بامتياز دون أي منافس وحق التصرف في المحطتين “كالتكس والمعلا”.
ويرى محللون أن الإمارات ترى في عدن تهديدا صريحا لها في مجال المدن اللوجستية، نظرا للموقع الاستراتيجي لمينائها، ما يمثل تهديدا كبيرا لميناء دبي الاستراتيجي في حال إعادة إحيائه.
وسلط عقلان الضوء في حديثه لـ”عربي21″، على نفوذ الإمارات في عدن، وقال إن للإمارات “دورا مشبوها” يصب في تقويض مهمة التحالف العربي في استعادة الدولة.
وأكد أن هذه الجهود الإماراتية تقدم خدمة جليلة للمشروع الإيراني في المنطقة، ويتم ذلك، من خلال المليشيات التي يتم تزويدها بمختلف أنواع الأسلحة في عدن، وغيرها من المحافظات الجنوبية والشرقية.
وقال إن “اليمنيين بمرور الوقت سيتشكل لديهم إجماع بضرورة مواجهة هذا النوع من الاستعمار المتلبس ثوب المحرر”.
دعم جماعات مسلحة
وأشار عقلان إلى أن ما يثير الخوف في الجنوب اليمني أيضا، “الدعم الإمارتي الذي يقدم لجماعات تكفيرية تشكل خطرا كبيرا على السلم الاجتماعي والأهلي في اليمن، وهذا لا يقل خطورة عن مليشيات الحوثي، إن لم يكن أشد خطرا منها”، وفق قوله.
وأوضح الحذيفي أن الإمارات قامت بتمويل “أطراف هي عبارة عن مليشيات، بالمال والسلاح، مثل جماعة السلفي بن بربك في عدن، وجماعة السلفي أبي العباس في تعز، بشكل مباشر خارج الأطر الرسمية، متجاوزين الرئاسة والحكومة وهيئة الأركان، وقادة المناطق، وقادة المحاور، وقادة الألوية”، وفق قوله.
وحذر عقلان من خطورة هذا الأمر، متوقعا أن يطول دور الإمارات في اليمن، رغم تصريحات لوزير الخارجية الإماراتية قال فيها: “الحرب انتهت عمليا لجنودنا”.
وأشار إلى أن هذا الدور بالإضافة إلى ما تعانيه اليمن على جميع الأصعدة، يزيد من معاناة ملايين من اليمنيين الذين يتعرضون لخطر المجاعة والأمراض الفتاكة التي تنتشر بشدة.
وحول دعم الانفصاليين في الجنوب اليمني، رأى أن “خطر التقسيم لن يستثني أحدا، ونظرية الحديقة الخلفية لم تعد مجدية لحفظ الأمن القومي للخليج”.
واعتبر أن “اليمن القوي والموحد هو الرافد الحقيقي للسلم والأمن لكل الجزيرة العربية، والمنطقة عموما”.
ما هو الحل؟
أما الحذيفي فذهب إلى أن الحل القانوني لحل هذه الإشكالات مع “المستعمر الإماراتي” -وفق وصفه- يتمثل “في طلب هادي رسميا من دول التحالف ودول مجلس الأمن إعفاء الإمارات من المشاركة العسكرية في اليمن”.
وقدم حلا آخر من خلال “تقديم التزام كتابي من الإمارات بالتعامل باحترام مع السلطة الشرعية، وعدم تجاوز أطرها الرسمية إلى ما دونها دون إذن مسبق من الحكومة اليمنية”.
واعتبر أن “الكرة الآن في ملعب هادي، من خلال تغيير مدير أمن عدن، وحل مليشيات الحزام الأمني، أو دمجها في القوات العسكرية والأمنية، وسحب أسلحة أبي العباس وتسليمها إلى قيادة المحور، وتوزيعها إلى الألوية بحسب الحاجة”.
في حين عبر عقلان عن أمله بأن تقوم السعودية بالإسراع في حسم التباينات داخل التحالف، حتى لا يتحول الأمر إلى مصدر خطر لعملية استعادة الدولة، بالتالي يفشل التحالف في مهمته في اليمن.