بات مجرمو مليشيا الحوثي، من قيادات الصف الأول عسكرياً وميدانياً، مطلوبون للعدالة، محلياً ودولياً كمجرمي حرب، ارتكبوا وما زالوا أبشع الجرائم بحق الشعب اليمني.
ومثّل انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية انتكاسة كبيرة لليمنيين، بعد أن سيطرت على مؤسسات الدولة، وأدخلت البلاد نفقاً مظلماً، كما أصابت البلاد في شلل تام في كل سلطاتها القضائية والتشريعية والتنفيذية.
لذا يعتبر متابعون بأن محاكمة رموز الانقلاب الحوثي، ليس شيئاً عابراً، إنه خطوة مهمة ضمن مشوار استعادة الدولة، الذي بدأه اليمنيون في مقاومته عسكرياً، وحضور الدولة ومؤسساتها في معركة موازية تخوضها مؤسسة القضاء بشقيها المدني والعسكري.
والمحكمة العسكرية في مأرب منذ السابع من يوليو 2020م، شرعت في إجراءاتها لمحاكمة زعيم المليشيا الحوثي، ومساعديه المدنيين والعسكريين، من المتهمين كما في منطوق الاتهام في القضية رقم (4) بتهم عدة منها تشكيل تنظيم إرهابي مسلح تشرف عليه قيادات أجنبية، كما ثبت عنهم في قرار اشتراكهم مع آخرين في الانقلاب على النظام الجمهوري وسلطاته الدستورية بقوة السلاح والعنف، كما قتلوا وتسببوا في قتل مائتين وثلاثين ألف يمني، مدني وعسكري في جميع المحافظات، والسعي لتقسيم الأرض اليمنية والمساس بالوحدة الوطنية ومحاولة التغيير الفكري والعقائدي لليمنيين، ونشر الفكر الاثنى عشري الصفوي في أوساط اليمنيين.
كما تعمدوا الإضرار بالاقتصاد الوطني ونهب كافة إيرادات الدولة ونهب مرتبات الموظفين منذ 2016م، إضافة لتسليم معسكرات ومخازن الجمهورية اليمنية للمليشيات، وغيرها من التهم المقيدة في قرار الاتهام.
وأمس الأربعاء جاء الحكم الفصل، بعد ما يقارب من 14 جلسة، أعلن سيادة القاضي في المحكمة العسكرية التابعة للمنطقة العسكرية بمدينة مأرب، عقيل تاج الدين حكماً قضائياً بالإعدام حداً وتعزيراً رمياً بالرصاص على المتهم عبدالملك الحوثي و173 آخرين ومصادرة جميع أموالهم بما نسب إليهم في قرار الاتهام، وبراءة اثنين من المتهمين لعدم كفاية الأدلة.
لخص الحكم المبني على الأدلة والوثائق والشهود من الضحايا وغيرهم، ما تمر به اليمن منذ ما يقرب من سبع سنوات من انقلاب دموي عنصري، سعى ويسعى إلى تقويض الحياة، وأن حق هؤلاء المجرمين هو سلب الحياة منهم، وفق ميزان العدالة لارتكابهم آلاف الجرائم الجسيمة، وهو ما يؤكد ضرورة إنصاف الضحايا حتى ممن ساند مجرمي الحرب وعمل على دعمهم، كدولة إيران التي أرسلت الضابط في الحرس الثوري الإيراني “حسن إدريس إيرلو (إيراني الجنسية) المتهم بالدخول متنكراً الى أراضي الجمهورية اليمنية والتجسس، والاشتراك في الجرائم مع العدو الحوثي وارتكاب جرائم عسكرية وجرائم حرب، كما في منطوق الحكم.
كما قررت المحكمة اعتبار المليشيا جماعة إرهابية تحظر جميع أنشطتها، ويجرم كل من يتعامل معها، وهو قرار سيكون له انعكاسه على كثير من المستويات سواء السياسية أو الأمنية والعسكرية، حتى الاقتصادية، إذ سينحصر المتعاملين معها لتصنيفهم إرهابيين ويمارسون الإجرام بحق الشعب اليمني.
وفي الحكم دلالة أخرى في نزع سلاح المليشيا الحوثية، وكل ما انهبته من عتادي عسكري، يجب تسليمه إلى وزارة الدفاع، مع عدم الاكتفاء بذلك، بل إلزام النيابة العامة على مواصلة أعمالها، بالتحقيق مع الهيكل القيادي للجماعة ومع الأشخاص الذي ثبت اشتراكهم في الجرائم محل الدعوى ولم تتضمنهم الدعوى، فيما قضت بإحالة الدعاوى المدنية إلى القضاء المدني للفصل فيها.
فتح الحكم القضائي بحق زعيم المليشيا الحوثية وزبانيته الباب لمحاكمة داعمته إيران أمام القضاء الجنائي الدولي، وذلك لاشتراكها مع المليشيا في الجرائم التي ارتكبت ضد اليمنيين، وهي خطوة أخرى يجب أن تبدأ أجهزة الدولة المباشرة فيها لملاحقة المجرمين عبر الانتربول الدولي، ممن توفر لهم طهران كل سبل التنقل والسفر بين البلدان من قيادات مليشيا الحوثي.
وفي جزئية أخرى عالج الحكم جذور المشكلة الحوثية، التي تسببت بكل هذا الخراب، من خلال طائفيتها وقيامها على فكرة التميير بين اليمنيين، حيث ألزمت المحكمة في قرارها بإلزام الحكومة بوضع “استراتيجية وطنية شاملة للقضاء على التمييز بين اليمنيين بسبب العرق أو اللون أو الأصل أو المذهب”.