يعمل مليونان من اليمنيين بالسعودية، بينهم مئات الأكاديميين وفي مجال الصحة مهددون بفقدان وظائفهم بعد قرارات قيل إن الحكومة السعودية أصدرتها بحقهم. قرارات مكتوبة لم يكشف عنها لكن مواقع يمنية تتحدث عن “تسريبات” غير معلنة.
حالة من الذهول والصدمة انتابت الطبيب اليمني عبد الرحمن الطيب عندما أبلغه المستشفى الذي يعمل به في جنوب السعودية بأنه لن يتم تجديد عقده، ليجد نفسه أمام خيار صعب إما العودة إلى بلده الذي يعاني ويلات الحرب أو محاولة العثور على عمل في بلد آخر.
وقال الطيب (40 عاما) الذي ينحدر من منطقة إب في اليمن ويعيش في السعودية مع زوجته وطفليه إن “جميع الأطباء اليمنيين العاملين في المستشفيات الحكومية (بجنوب المملكة) أُبلغنا أن عقودنا لن تجدد”.
وأضاف الطبيب الذي رفض ذكر اسم المستشفى الذي يعمل به منذ ست سنوات أن المستشفى أبلغه أمس الاثنين (16 أغسطس/ آب) بأن مكتب العمل أمرهم بوقف تجديد العقود وتقديم إشعار لمدة شهرين، علما بأن عقده ينتهي في ديسمبر/ كانون الأول القادم.
حالة الطبيب اليمني ليست فردية، فقد قال يمنيون لرويترز إن مئات من العاملين في المجال الطبي وأكاديميين وآخرين في المنطقة الجنوبية بالمملكة المتاخمة لليمن تم إبلاغهم في الأسابيع القليلة الماضية بأنه تقرر الاستغناء عنهم.
وقال عدد من الأساتذة اليمنيين الذين تحدثوا مع زملائهم في جامعات الجنوب لرويترز إن جامعة نجران أنهت عقود 100 يمني. وقال البعض إنه تمّ تسريح نحو 200 من العاملين في جامعات أخرى في الجنوب.
وأشارت وثيقة أصدرتها جامعة نجران بتاريخ الثامن من أغسطس/ آب، أطلعت عليها رويترز، إلى “مقتضيات المصلحة العامة” في إخطار بإنهاء عقود العمل.
ولا يُعرف على وجه التحديد عدد الموقوفين. وقال مسؤولون في هذه المؤسسات إنهم لم يتلقوا أي مبرر للأوامر الحكومية بعدم تجديد عقود اليمنيين.
ولم يصدر أي تفسير رسمي ولم ترد السلطات السعودية واليمنية على طلبات رويترز للتعليق. وذكرت مصادر يمنية لرويترز أنها لا تعرف سبب حدوث ذلك وأنها غير مستعدة لتقديم أي فرضيات.
في المقابل أفادت مواقع صحفية يمنية، بأن القرار السعودي لم يخرج عن إطار “تسريبات” غير مُعلَن عنها بترحيل العمالة اليمنيّة من مناطق جنوب المملكة في مدى أقصاه أربعة أشهُر. وقد خلّف القرار استياء شعبيا كبيرا داخل اليمن، بينما أطلق الاتحاد العالمي للجاليات اليمنية، حملة مقاضاة دولية ضد قرار السلطات السعودية، وحسب البيان فإنّ المرحلة الأولى من القرار تهدف إلى “طرد جماعي لقرابة 800 ألف من العاملين بعقود عمل رسمية وإقامات نظامية”.
وحول الأسباب التي دفعت السعودية إلى اتخاذ هذا القرار، نقلت وكالة رويترز عن محلل سعودي لم تذكر اسمه، أن الخطوة تهدف إلى توفير فرص عمل للمواطنين في الجنوب في إطار جهود لمعالجة مشكلة البطالة في السعودية والتي بلغت 11.7 بالمئة، كما أن الخطوة مدفوعة أيضا باعتبارات أمنية في المناطق القريبة من الحرب، حيث يخوض تحالف بقيادة السعودية قتالا ضد جماعة الحوثي اليمنية.
وقال مصدر بالحكومة اليمنية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب الحساسيات السياسية، إن التوجيهات الجديدة قد تؤثر على “عشرات الآلاف” من اليمنيين بمن فيهم العمال. ولا يعرف المصدر السبب وراء صدور هذه الأوامر.
وقال المصدر بالحكومة اليمنية المدعومة من السعودية إن الرئيس عبد ربه منصور هادي أثار الموضوع في الأيام الماضية مع نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان وإن وزيري خارجية البلدين سيجرون مزيدا من المناقشات
تشير إحصائيات مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية إلى أن مليوني يمني يعملون في السعودية. وليس من الواضح عددهم في المنطقة الجنوبية.
ويحول معظمهم أموالا إلى ذويهم في اليمن حيث الأوضاع قاتمة بسبب الحرب. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن واحدا من كل عشرة أشخاص في اليمن يعتمد على تحويل الأموال لتلبية الاحتياجات الأساسية.
وتعتبر التحويلات أيضا مصدرا مهما للعملة الأجنبية لليمن الذي تواجه حكومته صعوبات لدفع رواتب العاملين في القطاع العام.