30 نوفمبر: اليمنيون يحتفون بذكرى الإستقلال في زمن الاحتلال والوصاية (تقرير)

30 نوفمبر 2020
30 نوفمبر: اليمنيون يحتفون بذكرى الإستقلال في زمن الاحتلال والوصاية (تقرير)

تحتفي اليمن من أقصى شمالها إلى جنوبها هذه الليلة بالذكرى الثالثة والخمسين لعيد الجلاء الوطني – يوم الثلاثين من نوفمبر المجيد – والذي خلّد تاريخ رحيل آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن، وذلك في العام 1967م. وتأتي هذه الاحتفالات الشعبية العارمة في زمن احتلال جديد ترزح فيه عدد من مدن الجنوب اليمني، أبرزها العاصمة المؤقتة عدن، وتئن منذ أعوام تحت وطأة احتلال إماراتي خبيث، يدير المدينة عبر ذراعه المليشياوي المجلس الإنتقالي الجنوبي.

وتحمل ذكرى نوفمبر طابعاً فريداً لليمنيين عموماً باعتبارها مناسبة مجيدة للتحرر من المستعمر وأذنابه، كما يحتفل بها الشعب في جنوب اليمن بوجه خاص لأنها مناسبة تحمل في مضامينها احداث وتحولات غاية في الاهمية والتأثير على مسار التحولات التي شهدتها المنطقة منذ ذلك التاريخ.

وبغض النظر عن الظروف التي يفرضها الواقع الحديث وقوى “الاحتلال الجديد” على اتباعها، ومساعيها لتوسيع فجوة الانقسام بين اليمنيين بمختلف انتماءاتهم المذهبية والمناطقية أو حتى القوى السياسية المثخنة بالفساد والارتزاق، يبقى احياء  الذكرى في هذا التوقيت العصيب بحد ذاته  انتصار على الاحتلال حتى في عقر داره نظرا لارتباطها بأحداث وتضحيات لا تزال مرسومة في اذهان اليمنيين شمالا وجنوبا مهما حاول الاحتلال بمختلف مسمياته  الاحتيال عليها أو طمس معالمها.

نوفمبر وترسيخ الهوية اليمنية

لطالما شكل تاريخ 30 نوفمبر المجيد منطلقاً لتأسيس الهوية الوطنية الجامعة (هوية اليمن الواحد والشعب الواحد ذو المواطنة المتساوية والتطلعات المشتركة)، وعلى رأس تلك التطلعات كانت الوحدة اليمنية، وهو ما كان في مايو 1990م.

ولهذا فكان من الطبيعي أن يحاول أعداء الماضي وأعداء الحاضر تحريف المعاني الوطنية لهذه المناسبة اليمنية وتفريغها من مضمونها اليمني، واستجلاب مصطلحات تفريقية ومناطقية، وكما حضرت تسمية الجنوب العربي في عهد المستعمر البريطاني يحاول أذناب الإمارات استجلاب هذه التسمية العنصرية خلال السنوات الماضية وتأسيس هوية مشوهة قائمة على أساس التقسيم والتفريق ين أبناء الوطن الواحد.

ويقول الباحث زيد المحبشي في مقال موسع عن الهوية اليمنية أن التشابه الفريد بين سياسات الإمارات في الوقت الحالي على مدن اليمن الجنوبية وبين سياسات المستعمر البريطاني في القرن الماضي سببه الهدف المشترك لكلا القوتين الإستعماريتين والمتمثل في السيطرة على هذه البقعة الجغرافية ذات الأهمية الجيوسياسية الفائقة. ويرى أنه كما فرخت بريطانيا السلطنات في الجنوب لإذكاء الاحتراب، تفرّخ الإمارات المليشيات بوجه الدولة شمالاً وجنوباً لإبقاء حالة الحرب وضمان بقائها حاكمة على الشريط الساحلي للبلد الممزق.

ولهذا فإن الاحتفاء بنوفمبر هو بمثابة إعادة بعث جديد للهوية اليمنية الجامعة التي تشكل أعظم تهديد على الإمارات. وهو ما يفسر هذا الاحتشاد الرسمي والجماهيري لإحياء هذه المناسبة.

برع يا استعمار..

شكّلت الأغنية الوطنية التي رافقت النضال اليمني في جنوب الوطن عاملاً محفزاً على إذكاء جذوة الثورة في قلوب المقاتلين، واستطاعت شحذ هممهم ليقارعوا الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس ويخرجوها من عدن ذليلة صاغرة تجر أذيال الخيبة.

وما كانت أغنية برّع يا استعمار للفنان اليمني الكبير محمد محسن عطروش، إلا رمزاً للصيحة اليمنية الواحدة – جنوباً وشمالاً – في وجه المحتل الجاثم، معلنة انطلاق مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة.

ويتحدث الفنان الكبير عن هذه الأغنية وعن نوفمبر العظيم مؤكداً أن الدعوات المناطقية التي أطلقها قيادة الإنفصال، والتي تزعم بأن الاحتلال الأجنبي لليمن أفضل من حكم من وصفوهم بالشماليين على عدن، مجرد دعوات مريضة تخرج من نفسيات مأزومة.

وتابع في مقابلة تلفزيونية رصدها عدن نيوز: بالله عليك كيف أقول على المستعمر البريطاني أنه أفضل من أخي اليمني.. نحن شعب واحد ذو هوية واحدة شاء من شاء وأبى من أبى.

الإستقلال وبناء الدولة الوطنية:

من جهته يرى السياسي اليمني الكبير وسفير بلادنا لدى المملكة المتحدة، الدكتور ياسين سعيد نعمان أن الاستقلال الحقيقي هو الاستقلال الذي يبني الدولة الوطنية ويحمي الهوية الجامعة، وهو عكس ما يحدث حالياً في عدن، حيث تعرضت الدولة للهدم من قبل مليشيات تستهدف ضرب هوية اليمن.

وأضاف: إقترن الاستقلال ببناء الدولة الوطنية في الجنوب ، وتجاوز عهود التجزئة والتشرذم ، وكانت عدن حاضرته التي التقت فيها روافد الحركة الوطنية وطلائع التحرير لتحقيق ذلك المنجز العظيم . ولا ننسى تعز التي كانت في طليعة غيرها من حواضر اليمن الداعمة لهذه العملية التاريخية .

وتابع: من التاريخ يجب أن نتعلم كيف نتجاوز الأخطاء التي فتحت ثغرات تسللت منها المصاعب التي أربكت المسارات ، وجعلت النهوض عملية شاقة ، وكان في مقدمة تلك الأخطاء عدم تمكن أطراف الحركة الوطنية من الحوار وخلق تفاهمات تترجم نبالة التضحيات الضخمة التي قدمتها من أجل الاستقلال .

واختتم قائلا: لا يجب أن نضع التجارب التاريخية جانباً حينما يتعين علينا أن نضع خطواتنا على المسار الصحيح ، لا بد أن نستدل منها على حقيقة من حقائق الحياة وهي أن التوافق على قواعد واضحة للعيش المشترك ، وليس القوة ، هو الانتصار الحقيقي الذي يؤمن بناء الأوطان بدون هزات أو انكسارات أو مؤامرات.

 

 

 

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق