قبل سنوات من اليوم أكثر الأشياء التي لم أكن اسمح لخيالي ان يتخيلها ان يمضي عشرة أشخاص في طريق عامة في أي مدينة جنوبية وهم يرفعون علم الجمهورية اليمنية ويهتفون لأجل “اليمن الكبير” اليمن الذي أثبتت الأيام ان لاخيار سواه .
كانت التخيل صعبا ومحال..
كان يمكن لي ان أتخيل أشياء كثيرة إلا هذا.
لاتسلني لماذا ؟
ربما لأننا ظننا ان الأفعال الخاطئة أنهت حضور الوحدة واليمن الكبير في قلوب الملايين من الجنوبيين خلال السنوات الماضية..
اعتقاد أثبتت الأيام عدم صحته.
فالطريق الصعب تُعيدك إليها الطرقات الضالة والأصعب.
ومنزلك القديم تحبه حينما تدرك ان الا منزلا لك سواه.
واهلك ان نالك منهم “غصة” تثبت لك السنين والأيام أنهم اهلك.
وذات الطريق التي سرت عليها صغيرا ستعود إليها ذات يوم لامحالة تتلمس ماتبقى من ذكريات .
شعرت هذا الصباح بالعجز وانا أرى عشرات الآلاف من الناس وهي تتدفق من كل حدب وصوب.
شعارها واحد ..
بالروح بالدم نفديك يايمن..
قالت “أبين” كلمتها مثلما قالت شبوة والمهرة وسقطرى وعدن وحضرموت ولحج وكل مناطق الجنوب.
وسيقول كل عاقل كلمته.
ولن يبيع أحدا ما أرضه ولا وطنه.
لا للمشاريع الصغيرة ..
لا للإقصاء ولا للأستحواذ.
لن نكره أحدا ولن نبيع هذه البلاد .
ولسنا أدوات .
قلناها قبل سنوات من اليوم ..
كنا من الناصحين ..
ياهذا .. إنكم تسيرون في طريق خاطئة.
لاتصادروا حضور الناس.
لاتخونوا.
لاتستقووا على إخوانكم فالأرض باقية مع أهلها والغرباء راحلون .
الصوت الخافت اليوم غدا بركانا ثائرا.
والسائر منفردا في الطريق يغدو غدا “امة”.
وهاهي قيامة الجنوب تنهض..
وهاهو بركان الأحرار يثور .
ويقول:” توقفوا ..
فلهذه البلاد أحرار لايرتضون بيعها.
ولهذه الأرض جباه كوتها الشمس حرية وأنفة وعزة..
ليس لديها ماتبيعه وان واجد لاتبيع..
قلت لأحد منظمي الفعالية مساء أمس .
غدا قد تطوون صفحة كاملة بايايدكم وقد تفشلون ..
قلت له :” ان نجحتم في حشد الناس فأنكم ستهدون جدار الانفصال إلى الأبد .
انتظر الحراك 13 عاما كاملة منذ حرب 1994 حتى حشد الناس لتقول ان “الوحدة” لم تعد مقدسة.
وانتم اليوم إذا نجحتم سيكون لتاريخ 27 يوليو 2020 ليس كما قبله.
اتصل بي ظهرا ..
قال بلهجة فرح :” فعلناها.
وهم فعلوها حقا لكن من قتل حلم الانفصال في قلوب الناس فعلها قبلهم بسنوات .
من طارد الناس ، من خوّن الناس، من أهال التراب على الأمنيات ،من استقوى من باع الأرض أو ظن ذلك فعلها قبلهم .
“اليوم”.
بين الوطن الكبير والقروية الصغيرة اختارت ابين الانتماء إلى الأكبر من الوطن.
ليست ابين وحدها ..
هو الجنوب اجمع.
بين المحبة والكراهية اختاروا ان ينثرون المحبة.
بين العقل وجنونه اختاروا ان يكونون الأكثر عقلا.
لايكرهون احدا.
ولن يصادرون حقا لأحد.
حاضرون على طول اليمن وعرضها
يسود احرار الجنوب طول اليمن وعرضها ومثلما قالوها في المهرة امس بلهجة واضحة وصريحة:”
توقفوا هنا ..
ترجلوا
ترجلوا ..
كرروها مجددا
نحن باقون هنا..
هذه الأرض من الماء إلى الماء.. لنا.
ومن القلب إلى القلب.. لنا..
ومن الآه إلى الآه.. لنا كل دبوس إذا أدمى بلادي.. هو في قلبي أنا.
تحيا الجمهورية اليمنية.
تحيا اليمن..
تحيا اليمن.
تحيا امنا اليمن
فتحي بن لزرق
27 يوليو 2020