اشتدت وتيرة المعارك بين القوات الحكومية والحوثيين في محافظة البيضاء وسط اليمن، وتمكن الجيش من التقدم والسيطرة على مواقع مختلفة بينها جبل لبنان، وسلسلة جبال الشهيد، وسلسلة جبال الغدير التي تربط بين مفرق أعشار ووادي فضحة.
ونفذت قوات الجيش، يوم أمس، عملية عسكرية في مناطق الملاجم وناطق وقانية، وبمشاركة طيران التحالف العربي، وفق تأكيدات مصادر عسكرية لوسائل إعلام مختلفة.
وتتهم جماعة الحوثي التحالف بشن 50 غارة جوية على محافظات (صعدة، عمران، الجوف، البيضاء، مأرب)، وذلك في السادس من أبريل/نيسان الجاري.
تتزامن تلك المعارك مع مواجهات عنيفة مستمرة منذ أسابيع في الجوف ومأرب، التي زحف نحوهما الحوثي منذ مطلع العام الجاري وحقق تقدما في بعض المناطق.
وتعد البيضاء من أبرز المحافظات ذات الموقع الإستراتيجي، فهي تتوسط كلا من (شبوة، مأرب، صنعاء، أبين، لحج، الضالع، إب، ذمار).
معركة حاسمة
في تفسيره لعودة المعارك في هذا التوقيت في البيضاء، يقول المحلل العسكري علي الذهب إن الهدف من العمليات العسكرية فيها يأتي في إطار التضييق والاقتراب من محافظة صنعاء من خلال دائرة وسطى تبدأ بمأرب مرورا بالبيضاء وصولا إلى ذمار ثم صنعاء، أما الدائرة الأخرى فتوقفت في صرواح ونهم ومناطق محاذية للجوف.
وأردف في تصريحه لـ”الموقع بوست”: “هناك عدة مقومات لوجود عمليات عسكرية في البيضاء، على اعتبار أن تلك المحافظة هي الخاصرة الضيقة الضعيفة للعاصمة صنعاء”.
كما أشار إلى انتماء وزير الدفاع وقائد المنطقة العسكرية السابعة لمحافظة ذمار، والحضور القبلي والحزبي لهما داخل تلك المناطق، ما يعني -وفق الذهب- أن أي تقدم عن طريق البيضاء إلى ذمار سوف يحظى بالتأييد والاستقبال والدعم للقوات المتقدمة.
وتابع: “يمكن أن يحقق اختراق ذمار فصلا جغرافيا بين العاصمة صنعاء ومحافظات الوسط، ممثلة بتعز وإب وأجزاء من ريمة”.
إضافة إلى ذلك، فإن البيضاء -وفق المحلل العسكري اليمني- تعمل على تأمين ظهر القوات المتقدمة، فمن خلفها محافظات تقع ضمن مناطق سيطرة قوات الجيش، ومنها أغلب محافظة أبين وشبوة والضالع، وبالسيطرة على الخط الواصل بين رداع وذمار، يتحقق قطع الإمدادات عن الحوثيين المتواجدين في مكيراس والذين يرابطون على عقبة ثرة في محاولة للوصول إلى أبين، وبالتالي فمعارك البيضاء تعمل على تعطيل هدف الحوثيين، بحسب الذهب.
استشعار الخطر
في صعيد متصل، يعتقد الباحث في الشؤون الإيرانية عدنان هاشم أن السعودية بدأت تشعر بخطر تقدم الحوثيين نحو الجوف ومأرب وشبوة، ولذلك تحركت في البيضاء، كون التواجد فيها مهما لمنع توغل الحوثيين ووصولهم إلى المحافظات الجنوبية.
ورأى في حديثه مع “الموقع بوست” أن ما حققه الحوثيون من انتصارات خلال الأسابيع الماضية، جعل الحكومة والسعودية في موقف ضعيف للغاية، خاصة فيما يتعلق بوضع المليشيات جنوبي اليمن.
وأكد هاشم -متفقا مع ما طرحه الذهب- أن “التقدم في البيضاء يفتح ثغرة جديدة نحو صنعاء، ويحمي مواقع الحكومة، فالمحافظة الإستراتيجية بموقعها يجعل تحريرها أو استعادة مديرية قانية بالكامل منها تحولا جديدا في ميزان القوى”.
تواطؤ الانتقالي
بدا لافتا احتجاز مليشيات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيا في منطقة العسكرية بلحج، تعزيزات عسكرية سعودية، كانت في طريقها إلى القوات الحكومية بمحافظة البيضاء.
في ذلك السياق، قال المحلل السياسي ياسين التميمي -في منشور له بصفحته على فيسبوك- إنه من غير المستغرب احتجاز مليشيات الانتقالي تعزيزات كانت متجهة إلى البيضاء، مشيرا إلى منعهم طوال السنوات الماضية وصول أي دعم عسكري لتعز.
ورأى أن الانتقالي بذلك ينفذ لإيران أجندة تمكين الحوثيين، ويواصلون النضال المزعوم للإطاحة بالرئيس الجنوبي لليمن، تنفيذا لأجندة الإمارات، في عمالة لا مثيل لها، وفق تعبيره.
يُذكر أن قوات الجيش بتعز أحبطت هجوما حوثيا شنته الجماعة على مواقع الجيش شرق تعز، في الوقت الذي قصفوا فيه كذلك منازل المدنيين، واستهداف عنبر السجينات في السجن المركزي الذي أودى بحياة وإصابة أكثر من 20 نزيلة.