ارتهان القرار اليمني في عهد معين عبدالملك.. وقف الجبواني أنموذجاً

28 مارس 2020
ارتهان القرار اليمني في عهد معين عبدالملك.. وقف الجبواني أنموذجاً

فجّر رئيس الوزراء معين عبدالملك عاصفة شعبية بعد قيامه يوم أمس الخميس الماضي بإيقاف وزير النقل، صالح الجبواني، عن مهامه، وتعيين نائب رئيس الوزراء، سالم الخنبشي بمهامه في الفترة المقبلة.

 

وجاء قرار إيقاف الجبواني كترجمة للعلاقات المشحونة بين الطرفين منذ فترة طويلة، والتي بلغت ذروتها بعد أن قام الجبواني بفضح الممارسات والقرارات المخالفة للقانون التي اتخذها معين خلال الفترة الماضي، وخاصة فيما يتعلق بإصدار تصاريح لسفن النفط الواصلة إلى ميناء عدن.

 

وأكد قرار الإيقاف عن العمل، بحسب مراقبين، السياسات الرعناء التي عرف بها رئيس الوزراء، منذ تعيينه خلفاً لرئيس الوزراء السابق، الدكتور أحمد عبيد بن دغر في عام 2018م.

 

ومنذ تعيينه قبل عامين، لم يحضَ معين بأي دعم أو ترحيب شعبي، خاصة بعد أن أعلن تخليه عن المسئولية فيما يتعلق بالملف السياسي الشائك لليمن، وهو ما فهم داخلياً على أنه إعلان إذعان من الرجل للسياسات الإماراتية الساعية إلى تحقيق موطئ قدم لها في المحافظات اليمنية الجنوبية، وفرض هيمنة على القرار السيادي للبلد، مستعلة حالة الاحتراب المشتعلة في البلاد منذ خمسة أعوام، والتي أنهكت معها القوى الوطنية، وفرّخت بالتوازي مجموعة من التشكيلات المليشياوية المناوئة للدولة.

 

وبرغم هذا الجو السياسي الملبّد بالغيوم، إلا أن اليمنيين كانوا قد أحسوا ببعض النشوة بعد أن وقف رئيس الوزراء السابق بن دغر بوجه الأطماع الإماراتية، وأرغم ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، على كبح جماح تحركاتها المتسارعة للسيطرة بالقوة على جزيرة سقطرى، والتي انبثقت في أعقابها حركة تحرر من التحكم الإماراتي، وتصاعدت الأصوات الرافضة للدور الإماراتي في اليمن، الأمر الذي قوبل بحملة تأييد شعبية غير مسبوقة، وضعت معها القيادة في الأمارات في وضع محرج، وتسببت في إحداث ضربة كبرى لصورتها المزعومة على المستوى الدولي باعتبارها دولة تحررية داعمة للخيارات الشعبية.

 

وكان من أبرز أصوات هذه الحركة على مستوى الصف الأول في الحكومة الشرعية إضافة إلى رئيس الوزراء السابق (حالياً يشغل منصب مستشار رئيس الجمهورية) كل من المستشار الاقتصادي لرئيس الجمهورية، الشيخ أحمد صالح العيسي، ونائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري، ووزير النقل صالح الجبواني.

 

إلا ان صعود معين محل بن دغر مثّل انتكاسة في الاصطفاف الوطني ضد الافتئات على السيادة، وارتداداً عن نهج المواجهة الذي كان قد أسس له بن دغر إلى نهج الإذعان والرضوخ والعمالة للخارج، فشهدت المرحلة التي أدراها معين العديد من الانكسارات والهزائم، نتيجة سياسة “الإقصاء” والتهميش المتعمّد لكل القوى الوطنية اليمنيةن كرورة مرحلية لتعبيد الطريق أمام مشروع الإمارات في اليمن.

 

* ارتهان القرار

ويقول مراقبون ضالعون للشأن اليمني إن قرار إقالة الجبواني جاء نتيجة لسياساته ومواقفه الخالدة ضد التوغل الإماراتي في اليمن، والتي كان أبرزها صموده مع عدد قليل من رجالات الدولة ضد الانقلاب العسكري الذي نفذته الجناح المسلح التابع للمجلس الانتقالي الإنفصالي المنقاد إماراتياً.

 

ويمثل هذا القرار، على الرغم من كونه صادر عن رئيس وزراء حكومة الجمهورية اليمنية، ارتهاناً مفضوحاً للخارج (الإمارات تحديداً)، كما يدل على درجة الإنقياد والتبعية من رئيس الوزراء الحالي للنظام الإماراتي.

 

ومن الدلائل على ارتهان القرار خروج نائب رئيس الوزراء (الخنبشي)، وهو أحد أدوات معين، بتصريحات استفزازية لوسائل إعلام إماراتية، محتفياً بالقرار ومدعياً بأن لا صحة لأية أنباء تشير إلى إلغاء رئاسة الجمهورية للقرار الصادر بحق الجبواني.

 

ويأتي القرار متناغماً ما جملة من القرارات المخلة بالسيادة والمصالح الوطنية للدولة اليمنية، والتي اتخذها معين في الفترة الماضية، والتي كان أبرزها المحاولة الآثمة لإضعاف شركة النفط التابعة للشيخ العيسي وتقييد حركتها بمزاعم واهية، كونها أهم مؤسسة وطنية داعمة للحكومة الشرعية في وجه أطماع أبوظبي.

 

وسوّق معين حينها عبر حملات إعلامية ممولة أكذوبة هيمنة الشيخ العيسي واحتكاره لتجارة النفط في البلاد، والتي فنّدتها العشرات من الوثائق الرسمية التي أكدت زيف هذه المزاعم، إذ بيّنت بأن العديد من المناقصات في قطاع الطاقة رست على شركات منافسة للعيسي في مجال تجارة النفط.

 

وكان من اللافت سماح المليشيات الموالية للإمارات لمعين بدخول عدن عقب الانقلاب على الدولة في أغسطس الماضي، وتعيين حراسة له، وتأمين تنقلاته، كمكافأة له على دوره المشبوه في دعم التمرد المسلح الذي أطاح بحكومته.

 

* غضب متصاعد

وكرد على العبث الذي يمارسه معين، اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بردود الفعل الساخطة إزاء قرار وقف وزير النقل، وطالب كثيرون بسرعة إقالة معين كرد على إخلاله بالقسم الجمهوري وبالمصالح الوطنية للدولة اليمنية.

 

وفي مقدمة هؤلاء برز النائب البرلماني المستقل، علي المعمري، والذي قال في منشور تضامني ندد فيه بالقرار، مؤكداُ أن وزير النقل قاتل من أجل تمكين الحكومة من الموانئ والمطارات وفرض سيادة الحكومة عليها حتى اسميا.

 

وكشف المعمري عن الدوافع وراء قرار الإيقاف، قائلاً: تحرك الرجل على اكثر من صعيد حيث نشط لتشغيل الموانئ والمطارات وسعى لتأسيس أخرى كما في شبوة، ووقف الرجل في أشد اللحظات قسوة على الشرعية مدافعا عنها معرضا حياته للخطر في عدن في حين كان وزارء ومسؤولون في الشرعية يدسون رؤوسهم في الرمال ويلتزمون الصمت حيال واحدة من أكثر الأحداث التي قصمت ظهر البلاد عندما حصل انقلاب عدن.

 

واختتم قائلاً: أعلن تضامني مع الوزير الصديق صالح الجبواني، وأطالب بايقاف هذه القرارات العبثية، وكان يتوجب المضي نحو تنفيذ اتفاق الرياض كحزمة متكاملة والضغط بهذا الإتجاه عوض تشتيت انتباه الناس صوب معارك جانبية، بينما البلد يتسرب من بين أيدينا.

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق