دشنت الميليشيات الحوثية، خلال الأيام القليلة الماضية، حملة تجنيد إجبارية جديدة في معظم مديريات ومناطق محافظة إب الخاضعة لسيطرتها، بالتزامن مع اشتداد المعارك في عدة جبهات، وتساقط عناصر الجماعة ما بين قتلى وحرجى.
وأفادت مصادر قبلية في إب لـ«الشرق الأوسط» بأن قيادة الميليشيات في المحافظة وجهت، منتصف الأسبوع الماضي، جميع مشرفيها والموالين لها بعدد من المديريات التي تتبع المحافظة بضرورة الجاهزية العالية، والبدء بحملة تحشيد جديدة في صفوف السكان للقتال في جبهاتها.
وأكدت المصادر أن التوجيهات الحوثية الأخيرة رافقها أيضاً على أرض الواقع تشكيل لجان ميدانية، بهدف فرض التجنيد الإجباري والقسري على سكان المحافظة.
وألزمت الميليشيات عدداً من الوجاهات القبلية الموالية لها في مديريتي يريم والقفر، بتجنيد عنصرين على الأقل عن كل قرية صغيرة، ودفعهما على وجه السرعة للالتحاق بالجبهات، فيما فرضت في ذات الوقت إتاوات مالية على رافضي التجنيد.
وعلى الصعيد ذاته، كشف مواطنون بمديرية القفر بإب لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام القيادي الحوثي المدعو عبد الفتاح غلاب المعيَّن من قبل الحوثيين وكيلاً لمحافظة إب، وأحد أبناء مديرية القفر، وبصحبة مشرفين بفرض إتاوات مالية على الأهالي في عدد من قرى وعزل المديرية، الذين لا يزالون يرفضون الالتحاق في جبهات الميليشيات الحوثية.
وقال المواطنون إن الجماعة فرضت على كل أسرة، امتنعت عن الدفع بمقاتلين من أبنائها، دفع مبلغ 50 ألف ريال عن كل شاب لم يتوجه إلى الجبهات، دعماً لما يسمونه المجهود الحربي (الدولار نحو 600 ريال).
وفي سياق متصل، لجأت الميليشيات الانقلابية في المحافظة ذاتها، ونتيجة الهزائم التي تلقتها وما زالت بمعظم جبهات القتال، إلى حيلة قديمة جديدة، تمثلت بإعادة استخدام أئمة المساجد والخطباء وإلزامهم عبر توجيهات طائفية بحشد مقاتلين جدد للقتال بصفوفها، وفق ما رواه سكان محليون بعدد من مديريات المحافظة.
وفي مديرية العدين، جنوب غربي محافظة إب، كثف خطباء الميليشيات بعدد من مساجد المدينة وبناء على تعليمات حوثية، من خطابات التعبئة القتالية والتحريض والطائفية في خطبة الجمعة الماضية.
وقال عدد من السكان المحليون بمدينة العدين لـ«الشرق الأوسط»، إن خطب الجمعة، في ستة مساجد بالمدينة ركزت على الترويج لأفكار وأهداف وبرامج الميليشيات الطائفية، وشملت الدعوة من قبل خطباء الانقلابيين الحوثيين لتجنيد الشباب وتحفيزهم على القتال. وفي الجامع الكبير، وسط المدينة، قال أحد المصلين لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يسمى بالمشرف الثقافي للميليشيات بالعدين وجّه خطيب المسجد، قبيل صلاة الجمعة، بأهمية وضرورة التطرّق بخطبته لدعوة المصلين، وحثهم على الدفع بأنفسهم وأبنائهم للقتال بجبهات الجماعة.
وتواصلاً لخطى ومساعي الميليشيات الحثيثة للزج بأبناء إب بمحارق الموت، ألزمت الجماعة الإرهابية، مؤخراً، مشايخ مديريتي (السدة وحبيش) بتجنيد فردين من كل قرية، للقتال جانبها في الجبهات.
ومثلما استخدمت الجماعة وسيلة الابتزاز والإتاوات على كل أسرة تخلّفت عن توجهاتها في القفر ومناطق أخرى في إب، فرضت الميليشيات ذاتها، وعبر مشرفيها إتاوات مالية، على عشرات الأسر التي لم تخضع لمطالبها في مركز وقرى المديريتين.
وأفاد بعض الأهالي والمواطنين بحبيش والسدة لـ«الشرق الأوسط»، بأن مشرفي الجماعة أجبروا المشايخ والعقال والشخصيات الاجتماعية في كل قرية على تجهيز فردين وإرسالهم إلى دورات التدريب والتعبئة والشحن الطائفي، ومن ثم إلى جبهات القتال.
وبحسب الأهالي، تستخدم الجماعة، المسنودة من إيران، الوجاهات القبلية والمشايخ في إخضاع الأسر لتجنيد أولادهم قسراً بصفوفها، مقابل وعود بترقيمهم عسكرياً، وامتيازات أخرى.
وتأتي حملات الاستهداف والتجنيد الحوثية الواسعة بحق سكان إب، في وقت لا تزال فيه عدد من مناطق المحافظة تستقبل وبشكل يومي العشرات من مواكب القتلى، الذين غررت بهم الميليشيات، ولقوا حتفهم بجبهات عدة.
وكانت مصادر محلية كشفت خلال الأيام الماضية عن مصرع عدد من عناصر الميليشيات من أبناء إب بنيران الجيش بجبهات الجوف، حيث أكدت مقتل سبعة على الأقل كان قد تم نقلهم إلى جبهات القتال ولقوا حتفهم بنيران قوات الجيش الوطني.
ووفقاً للمصادر، سقط ستة عناصر من مديرية السبرة وحدها، وهم: نواف صادق ملهي، وعبده الجماعي، ومراد أحمد قايد صالح الحريري، وعبد الرحمن يحيى قاسم الجماعي، وسامر قايد عبده الدعاس، وسامي عبده مسعد الجماعي، ومحمد عبد الله ناصر.
ومن بين القتلى (بحسب المصادر) المدعو نسيم علي الحكمي من أبناء مديرية القفر شمال محافظة إب، حيث لقي مصرعه بنيران قوات الجيش الوطني، في حين أصيب القيادي الحوثي البارز حميد ناجي وازع نجاد إصابة بالغة.
وكانت الجماعة الموالية لإيران شيّعت، الأسبوع الماضي، العشرات من عناصرها في محافظات صعدة وذمار وصنعاء.