حذّر خبراء أمريكيون وإسرائيليون من تهديد حروب الأنفاق في الفترة القادمة؛ لأنها باتت تشكل تهديدا حقيقيا على الجيشين في معاركهما التي يخوضانها في عدة مناطق حول العالم.
جاء ذلك خلال يوم دراسي بعنوان “تحديات الحروب التحت أرضية” لتحليل التجربتين الأمريكية والإسرائيلية في الحروب القتالية، لا سيما عبر الأنفاق، وفحص مدى ملاءمة طرقهما في إدارة معارك الطرف الآخر، نظمه المركز متعدد المجالات في هرتسليا بالتعاون مع السفارة الأمريكية في تل أبيب، بمشاركة خبراء في القتال والتكنولوجيا وخبراء وجيولوجيين، نشرت وقائعه صحيفة إسرائيل اليوم، وترجمتها “عربي21”.
الجنرال الأمريكي جون سفينسر، رئيس قطاع القتال الحضري في الأكاديمية العسكرية الأمريكية، قال إن “الجيشين الأمريكي والإسرائيلي مطالبان بالاستعداد للمعركة القادمة؛ لأنها ستكون حضرية، وتشمل كل المدن، ستكون حرباً قذرة، ومن تحت الأرض، بعد أن خضنا حروبا سابقة استطاع العدو فيها الاختباء والتخفي، واستثمرنا أموالا طائلة للوصول إلى وضع يمكننا فيه المس بكل شخص مطلوب، في كل مكان وكل ساعة”.
وأضاف أن “الحروب في السنوات العشر الأخيرة حصلت داخل المدن، ومن المتوقع أن تستمر هذه الحروب في المدن ذاتها في المستقبل المنظور، مع أن أكثر من خمسين بالمئة من سكان العالم يعيشون داخل هذه المدن، ما يتطلب منها إجراء أبحاث حول المعارك الإسرائيلية في قطاع غزة، والتعلم منها الكثير من الدروس والعبر”.
وأشار إلى أنه “فيما تحاول جيوش كثيرة حول العالم الابتعاد عن القتال داخل المدن السكانية، فإن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع تجاهل هذه الطرق القتالية، وليس هناك أفضل من إسرائيل يمكن استلهام الدروس منها في طرق القتال داخل المدن، من أجل معرفة كيف يمكن القتال تحت الأرض من خلال الأنفاق، لأمن إسرائيل تواجه هذا التحدي منذ سنوات طويلة، واليوم آن أوان استخلاص التجربة الإسرائيلية”.
الجنرال الإسرائيلي ميكي أدلشتاين، أحد منظري حروب الأنفاق في غزة، قال إن “القتال تحت الأرض يجب الاستعداد له جيدا، هناك تقدير بنسبة مئة بالمئة لخوض مواجهة هذه الطريقة من القتال في غزة ولبنان، ورغم ما قمنا به من إحباطات لهذه الأنفاق، لكننا لم ننجح بعد في ثني المنظمات الفلسطينية عن التفكير بهذه الطريقة من القتال، صحيح أننا أزلنا نسبة بسيطة من الأنفاق الهجومية، لكن دون الاقتراب من الأنفاق الدفاعية التي تستخدم لإطلاق الصواريخ من خلالها”.
وكشف أن “هناك توجها عسكريا أمريكيا لجلب ضباط الجيش الأمريكي إلى إسرائيل؛ للتعرف عن قرب إلى طبيعة الأنفاق التي تم كشفها، سواء في غزة أو لبنان، ومعرفة أنها مشكلة أكبر مما كانوا يتوقعون أو يعتقدون، إسرائيل تعتقد أن الأنفاق مشكلة جدية، لكن العالم لا يشاركها هذا الاعتقاد، رغم أن الجيش الأمريكي خلال عامي 2013-2015 فجر قرابة 45 نفقا في سوريا والعراق”.
وأضاف أن “تحدي حروب الأنفاق بات أكثر، يجعلني أفكر يوميا بأن أنظر تحت قدمي، لأنه تحول إلى تهديد جوهري للمنظمات الفلسطينية التي تنقل تجاربها في حروب الأنفاق إلى خارج الحدود، ولذلك أصبحنا نرى تزايدا حقيقيا في أعداد الأنفاق في الدول المجاورة”.
ديفنا ريتشيموند-باراك، الخبيرة الإسرائيلية في حروب الأنفاق، وأصدرت مؤخرا كتابا حول هذ الموضوع، قالت إن “الجيش الإسرائيلي لن يكون آمنا في أي من مراحل الحرب القادمة، لأن العدو قد يأتي من أعلاه، أو من أسفل منه، يجب الاستعداد لهذا التهديد الحقيقي والجدي من خلال القدرات التقنية والتكنولوجية، وإلا فإنه سوف يشكل لنا مفاجأة مخيفة، صحيح أنه ليس تهديدا وجوديا، لكنه قائم”.
وأضافت أن “مشكلة الأنفاق أصبحت عالمية، في إسرائيل ومالي وأفغانستان والعراق وسوريا، وربما تصل إلى أوروبا، ولذلك يجب لفت أنظار العالم إلى هذه المشكلة باعتبارها تهديدا عالميا، وهنا يجب على إسرائيل والولايات المتحدة الاستفادة من تجاربهما في حروب الأنفاق، لأن المنظمات المسلحة تخوض حروبها عبر الأنفاق، ما يقلل من التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي”.