في خطوة تُعدّ الأولى من نوعها عقب الانقلاب الذي شهدته مدينة عدن جنوبي اليمن ونفذه أتباع الإمارات في “المجلس الانتقالي الجنوبي” الانفصالي، وتواصلاً للمعركة التي تصدّرها أخيراً في مواجهتهم، أطاح نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري، أمس الأربعاء، ثلاثة من المسؤولين الأمنيين الداعمين لانقلاب حلفاء الإمارات في “المجلس الانتقالي”.
واصدر وزير الداخلية اليمني قرارا يطيح بمدير أمن عدن، اللواء شلال علي شايع، من منصبه، وأحاله للتحقيق، على خلفية مشاركته في أحداث الانقلاب ضد مؤسسات الحكومة في عدن، بما في ذلك إصدار أوامر لوحدات أمنية تابعة لإدارة أمن المدينة بالمشاركة في الانقلاب. وكلف الميسري العميد ناصر محمد محسن الشوحطي بإدارة شرطة محافظة عدن في الفترة الراهنة.
ويُعد شايع أبرز مسؤول أمني في عدن، ومن القيادات الفاعلة في ما عُرف بـ”الحراك الجنوبي”، في محافظة الضالع، حتى أواخر عام 2015، وعيّن مديراً لأمن المدينة التي توصف بـ”العاصمة المؤقتة”، وقد انتقل إليها مع القوات التي كان يقودها في الضالع، بالتزامن مع تعيين محافظ عدن الأسبق، عيدروس الزبيدي، غير أن الأخير أقيل في إبريل/ نيسان 2017، ليؤسس “المجلس الانتقالي”، بينما بقي شلال ذراع المجلس الأمني في منصبه في عدن.
ووفقاً لمصادر محلية في عدن، فقد شرع شايع، وعقب ساعات من سقوط معسكرات ومواقع قوات الحماية الرئاسية، بزيارات ميدانية إليها، على سبيل الاحتفاء بـ”الانتصار”، مع الجنود التابعين له ولـ”المجلس الانتقالي”.
وإلى جانب شلال شايع، أطاح الميسري، الذي كان المسؤول الأمني من الجانب الحكومي في عدن، قائد قوات الأمن الخاصة في محافظات عدن، لحج، أبين، والضالع، اللواء فضل باعش، وكلّف العميد سليمان الزامكي خلفاً له، بالإضافة إلى إطاحة مدير أمن محافظ لحج صالح السيد، وتكليف العميد حسن شكري خلفاً له، والأخيران اللذان أطيح بهما (باعش والسيد) أعلنا خلال مواجهات عدن تأييد “الانتقالي”.
هذا ولم يصدر أي تعليق رسمي من الشخصيات الثلاث بعد إقالتها، فيما تم الاكتفاء بنشر أخبار وصورة عن الحملة الأمنية المشتركة بين قوات أمن عدن التي يقودها شايع بالاشتراك مع “الحزام الأمني”، بذريعة “القبض على العناصر المسلحة الخارجة عن النظام والقانون في مديرية دار سعد والشيخ عثمان وبعض مديرات العاصمة عدن والتي تستهدف منع حمل السلاح في العاصمة عدن وتثبيت الأمن والاستقرار”، ما عُدّ رسالة واضحة برفض الاعتراف بالقرار.
وبصرف النظر عن إمكانية تنفيذ القرارات الصادرة عن وزير الداخلية، في ظل وجود أغلب مسؤولي الشرعية ممن تبقوا في عدن تحت ما يشبه الإقامة الجبرية، فإنها تعد أول خطوة عملية تتخذها قيادات “الحكومة الشرعية”، منذ إتمام “المجلس الانتقالي” السيطرة على عدن بدعم مباشر من الإمارات، ومن شأنها أن ترفع الغطاء القانوني عن هذه القيادات بالاستمرار في مناصبها، وتمثّل إحراجاً للمجلس الذي ما يزال يزعم “تأييد الشرعية” (كخطاب تكتيكي يتطلبه التحالف السعودي الإماراتي)، فضلاً عن أن آثار مثل هذه القرارات يمكن أن تمتد إلى جوانب أخرى مادية، إذا ما أخذت الأزمة مدىً أطول، وتوقفت الحكومة عن تمويل الأجهزة الأمنية المعنية في عدن ومحيطها.
وقالت مصادر إعلامية مقربة من الحكومة اليمنية أن القرارات في إطار رغبة الحكومة في سحب شرعية هؤلاء من إدارة المؤسسات الحكومية وإظهارهم كانقلابيين بعدما رفضوا الالتزام بقرارات الحكومة المعترف بها دولياً والتي لها الحق منفردة في إدارة مؤسسات الدولة والبلد.
وبحسب المصادر، فإن الحكومة أرادت استغلال التطورات التي حصلت في عدن لإقالة شايع والسيد وهي الخطوة التي كانت ترغب بها منذ فترة من دون أن تكون قادرة على القيام بها.
ومن وجهة نظر الحكومة فإن التوقيت الحالي هو الأمثل، خصوصاً في ما لو أفضت التدخّلات السعودية إلى تفاهمات جديدة بشأن الوضع في عدن تضمّنت عودة الشرعية بصورة أو بأخرى وتضبط “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم إماراتياً.
هذا وقد أثارت قرارات الميسري جدلاً بشأن ما إذا كان الأخير بصفته نائباً لرئيس الحكومة ووزيراً للداخلية، هو المفوّض بإصدارها، أم أن ذلك من اختصاصات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي عيّن شلال شايع في السابع من ديسمبر/ كانون الأول 2015، بقرار جمهوري، مع أن اللوائح القانونية تقتضي صدور القرار من رئاسة الوزراء وليس “رئيس الجمهورية”، وهي اللوائح التي استند إليها الميسري بإصدار قراراته.
في السياق، تُسلّط توجيهات الميسري الضوء على وضع الحكومة اليمنية، عقب الانقلاب الإماراتي ضدها في عدن، ومصير قرار هادي، الذي بدا مغيباً ومثيراً للتساؤلات. وكان الميسري نفسه، وفي التسجيل المصوّر الذي حمّل فيه الإمارات المسؤولية، قد وجّه شيئاً من العتب إلى “الرئاسة” التي لم تكن تحركاتها ترقى إلى مستوى التحولات في عدن.
*المشهداليمني