سليل الأماجد.. كيف خط الشيخ أحمد العيسي سِفره الخالد في كتاب عظماء اليمنيين (الحلقة الثالثة)

Editor22 يوليو 2019
سليل الأماجد.. كيف خط الشيخ أحمد العيسي سِفره الخالد في كتاب عظماء اليمنيين (الحلقة الثالثة)

لم يكن الحديث الذي تطرقت له في الحلقة السابقة عن استهداف دولة الإمارات للشيخ أحمد صالح العيسي خلال تناولي لتاريخه السياسي الحافل إلا ومضة سريعة ونزراً يسيراً مما جرى ويجري على أرض الواقع، ولهذا وجب عليّ تخصيص هذه الحلقة لاستقراء هذا الاستهداف الذي شنته ضده دولة هي الأغنى والأقوى بين جميع الدول العربية، وليس هذا الوصف غريباً أو مبالغاً فيه بل هو توصيف واقعي لطبيعة هذا الاستهداف.

الاستهداف الذي بدأ مذ سال لعاب القيادة الإماراتية طمعاً في السيطرة على اليمن عقب الانقلاب الحوثي برهن أن الشيخ أحمد صالح العيسي، نائب مدير مكتب رئيس الجمهورية ، رئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم، كان “دولة” في غياب الدولة. وقف في لحظة زمنية فارقة كسد مارب الشامخ أمام كل الطامعين.

تاريخ حافل بالمؤامرات والمكائد التي حاكتها أبوظبي طوال الأربع سنوات الماضية، هدفت فيها لتجاوز الرجل القوي الأمين في حكومة الرئيس هادي، بشتى الوسائل والطرق، لكنها في كل مرة لا تجني من هذه المحاولات سوى الهزائم والخيبات المتواصلة.

ولعل الإمارات التي أحالت كل بلدان الوطن العربي خرائب وأشعلت فيها الحرائق والحروب الأهلية ظنت أن اللقمة اليمنية ستكون “سائغة” لها وأنها لن تلقى كثيراً من العنت في سعيها لإخضاع هذا البلد العربي الرافل بالتاريخ، وتحقيق مخططاتها التوسعية، يساعدها في ذلك حفنة من المرتزقة المحليين.

لكنها لم تضع في حسبانها أنها ستواجه يمنياً قحطانياً تشرب الإباء ورضع المجد منذ طفولته، وساقته الأقدار فكان سيفاً يمانياً سلته أماني الشعب الأبي بوجه كل الغزاة الطامعين، فأحال أحلامهم هباءاً منثورا.

ولطالما استماتت دولة الإمارات للنيل من الشيخ أحمد العيسي، باعتباره أهم وأقوى أركان السلطة الشرعية اليمنية، بشتى الطرق والأساليب التي نوجزها كما يلي:

  • تمويل حملات “مدفوعة الأجر” لتشويه صورة الشيخ العيسي

ابتدأت الإمارات حملتها الشعواء ضد الشيخ العيسي عبر تمويل حملات صحفية محلية وغربية بغرض تشويه سمعته. كانت الفكرة تتلخص في تحطيم العيسي معنوياً قبل البدء بالتحرك الفعلي لإقصائه من المشهد، بعد أن أحدثت تحركاته وشبكة علاقاته الواسعة حركة ممانعة منظمة أمام التوغل الإماراتي جنوب اليمن.

ولتحقيق هذا الهدف دفعت الإمارات ملايين الدولارات للعديد من الكتاب وشبكات الصحافة الصفراء وشنت عبرهم حملات موجهة استهدفت في الأساس تجارة النفط التي يقف الشيخ العيسي على رأسها، والتي رفدت الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة وحالت دون انهيار اقتصادي شامل.

غير أن الحملات التي ابتدأت بوتيرة عالية لم تلق أي رواجٍ يذكر في الأوساط الشعبية، كما يحسب للشيخ العيسي تصديه لتلك الحملات عبر العديد من البيانات الرصينة التي دحضت زيف تلك الادعاءات الواهنة. حتى وصلت القيادة الإماراتية ليقين راسخ مفاده أن لا طائل يذكر من تلك الحملات.

  • تمويل وتشكيل “الانتقالي”

في مايو 2017م أعلن اللواء عيدروس الزبيدي خلال بث تلفزيوني تشكيل ما يسمى بـ “المجلس الانتقالي الجنوبي”. شكل هذا الإعلان لحظة فارقة في الصراع بين الشرعية التي تحمل مشروع اليمن الاتحادي، وبين الإمارات التي تقود مشروع التشظي والدمار.

كان الهدف من تشكيل “الانتقالي” الوصاية على القضية الجنوبية العادلة، واستخدامها كيافطة لتمرير مشروع إنفصال اليمن، والذي سيمكن أبوظبي من إحكام سطوتها على المحافظات اليمنية الجنوبية، وهو هدف استراتيجي سيحول الإمارات الى قوة إقليمية ثقيلة.

بالإضافة الى هدف ثان، وهو كسب تأييد الشارع الجنوبي، والذي يعد أول حائط صد أمام هذا المخطط الخبيث.

غير أن الشيخ العيسي الذي أدرك بحنكته الفذة خطورة هذه المؤامرة تحرك وحرك معه شبكة الممانعة الوطنية الجنوبية التي بدأت تتشكل وتتوسع لمجابهة الإمارات.

وكانت لحظة الانتصار الكبير مع إعلان تشكيل الائتلاف الوطني الجنوبي في 27 ابريل الماضي ككيان سياسي واسع ضم مختلف ألوان الطيف السياسي والمكونات المتعددة. وكاعتراف بالفضل لصاحب الفضل انتخبت هيئة رئاسة الائتلاف الشيخ أحمد العيسي رئيساً له.

كانت تلك الخطوة بمثابة “الضربة القاضية” لمشاريع التشظي الممولة إماراتياً. أما الأخيرة فأصبحت تدرك الآن أنها باتت في مهب العاصفة، وأن التدثر بجلباب القضية الجنوبية أصبح معركة خاسرة.

  • تمويل حملات “الذباب الإلكتروني”

لأشهر وسنوات عدة موّلت الإمارات – ولازالت- حملات تحريضية تقودها كتائب من الذباب الإلكتروني المدفوع أجره، ضد الشيخ العيسي، لكنها عادت كل مرة بـ “خفي حنين”، مكسورة ومنهزمة.

وليس من الغرابة في شيء أن تبوء كل الحملات الإماراتية بالفشل، فالباطل زاهق، والإنسان الشريف العفيف (العيسي) قد وهب كل ماله ونفسه في سبيل عودة الدولة اليمنية الاتحادية، ووقف بشجاعة المحاربين الجسورين أمام شبق الجار الإماراتي وقطع على أولاد زايد الطريق أمام التفرد بمقدرات اليمن وثرواته الزاخرة.

واليوم، يدرك اليمنيون أكثر من أي يوم مضى، بأن الحملات التحريضية المدفوعة الأجر، لن تنال من رمزية العيسي في قلوبهم بقدر ما هي فاضحة وكاشفة لأصحاب الحملة ومموليهم، وأن مشروع الدولة اليمنية القوية، ذات السيادة الوطنية الكاملة وغير المنقوصة، ماضية بثبات في طريقها، في ظل قيادة حكيمة ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، وبتواجد رجال أوفياء ومخلصين كالشيخ العيسي.

الشيخ / احمد العيسي

 

  • العيسي يتصدى للمليشيات المسلحة الممولة إماراتياً

منذ أن وطأت أقدامها التراب اليمن، عملت الإمارات على تفخيخ العشرات من التشكيلات المسلحة الموالية لها في مختلف المناطق والمدن جنوب اليمن. واستطاعت الإمارات اجتذاب الآلاف من المرتزقة المحليين من أرباب السوابق والمجرمين والقتلة تحت إغراء الدرهم الإماراتي، مستغلة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.

ابتدأت في عدن وأنشأت مليشيات الحزام الأمني كقوة موازية لقوات الأمن النظامية، ودعمتها بالكثير بالآليات العسكرية الحديثة لتتفوق في العتاد على قوات الأمن. ثم بدأت بنشر تلك المليشيات على عدد من المواقع الحساسة في المدينة كميناء عدن ومطار عدن الدولي بالإضافة الى فرض سيطرتها على عدد من مديريات العاصمة المؤقتة، الأمر الذي منحها تفوقاً عسكرياً مؤقتاً.

الإمارات عممت تلك التجربة عبر تفريخ كيانات موازية تحمل ذات الاسم في عدد من المحافظات، كالنخبة الشبوانية والنخبة الحضرمية، ومؤخراً ابتدأت بتدريب وتجنيد العشرات من أبناء جزيرة سقطرى تحت اسم النخبة السقطرية.

الشرعية التي مارست سياسة ضبط النفس ومحاولة حلحلة المشاكل مع أبوظبي بطريقة لا تفضي الى اقتتال داخلي في معسكر الشرعية، سيكون الرابح الوحيد منه هم الحوثيون الذين يتربصون اللحظة المناسبة لإعادة اجتياج المدن اليمنية الجنوبية.

لكنها – الشرعية – أوكلت مهمة توسيع قدرات وقوام الجيش الوطني الى رجل المهمات الصعبة الشيخ أحمد العيسي، بغرض إبقاء جبهة الشرعية قوية وعصية على الانكسار في حال اندلعت الاشتباكات مع الحليف اللدود “الإمارات”.

وقد كان العيسي عند مستوى التحدي، إذ ساهم في إعادة بناء الدولة التي دمرها الانقلاب الكهنوتي الحوثي، وكان دعمه اللامحدود للمقاومة في عدن ولحج والضالع وأبين وشبوة وتعز عاملاً رئيسياً في حسم المعركة ضد مليشيات الكهف.

وبعد النصر المؤزر هب الشيخ العيسي لبناء مداميك الدولة، بدءاً بمؤسستها العسكرية، لإدراكه أن هناك من ينسج في الخفاء مؤامرة خبيثة للانقلاب مرة ثانية على أصوات اليمنيين، فكان هو مهندس ألوية الحماية الرئاسية، حائط الصد الأقوى للشرعية أمام الخصوم والمتربصين.

ولولا تلك الخطوة الجبارة من الشيخ العيسي لكانت الإمارات قد نجحت عبر مرتزقتها في إسقاط الشرعية عبر انقلاب عسكري نفذ مطلع العام 2017م، لكنه باء بالفشل الكبير.

العيسي لم يكتف بلعب تلك الأدوار التاريخية فقط بل فتح أبواب دعمه السخي واللامنقطع لتأسيس جهاز أمني قوي، وترسيخ القوة العسكرية الضاربة بيد الدولة، ومدّ القوات المسلحة ووزارة الداخلية بالغذاء، حتى أن الدولة صارت مدينة له بمبلغ يفوق الـ 170 مليون دولار.

كل تلك الإسهامات الجبارة أعادت بناء وترسيخ مكانة الجيش الوطني وجهاز الأمن في المحافظات المحررة، وضعت معها أطماع وأحلام أولاد زايد للهيمنة على اليمن في مهب الريح.

  • الاغتيال.. سلاح المهزومين للتخلص من الرجل القوي

في أواخر شهر ديسمبر من العام المنصرم فجر القيادي وعضو المجلس العسكري بالمقاومة الجنوبية “عادل الحسني” مفاجأة من العيار الثقيل، مؤكداً إن السلطات الإماراتية طلبت منه تصفية الشيخ أحمد العيسي.

جاء ذلك في شهادته على خفايا الدور الإماراتي في عدن وجنوبِ اليمن، وخفايا الاغتيالات ومن ينفذونها ضمن برنامج “بلا حدود” على قناة “الجزيرة”.

تلك الشهادة التي أدلى بها الحسني وهو معتقل سابق لاقى صنوفاً وحشية من التعذيب في معتقلات الإمارات أكدت المؤكد برغبة الإمارات في التخلص من عقبة وقفت أمام تحقيق أطماعها، بعد أن فشلت كل محاولاتها السابقة في تجاوزه.

غير أن اللافت في الأمر هو تلك الهبة الشعبية الجارفة التي اندلعت عقب صدور تلك الشهادة،  إذ هب اليمنيون من كل حدب وصوب يعلنون التضامن مع الرمز الوطني وحارس أحلام اليمنيين ضد هذا المخطط الخبيث الذي يسعى لإدخال البلاد في دوامة عنف لا تنتهي.

التضامن لم يقتصر على إبداء المواقف الشخصية بل عبرت مختلف الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الرياضية وغيرها عن إدانتها لهذه المؤامرة.

أما الشيخ العيسي فلم تزده تلك الأنباء إلا إصراراً على إزاحة الكابوس الإماراتي الجاثم على صدور اليمنيين، وهو الذي ما يفتأ يؤكد مراراً أنه مستعد للتضحية بدمه الطاهر فداءاً لتراب هذا الوطن من مشاريع الغادرين.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق