شنت صحف عالمية هجوماً واسعاً على اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، الذي هاجمت قواته العاصمة طرابلس محاوِلةً بسط سيطرته عليها، وإسقاط حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً.
واعترفت قوات خليفة حفتر بمقتل 14 عسكرياً خلال المواجهات الدائرة في ضواحي مدينة طرابلس، ضد قوات حكومة الوفاق الوطني بليبيا المعترف بها دولياً.
وحذَّر وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الكبرى قائد الجيش الوطني الليبي من مواصلة هجومه على العاصمة طرابلس، وتهديد الحكومة المعترف بها دولياً هناك. ودعا الوزراء حفتر إلى وقف الهجوم وإلا فسيواجه تحركاً دولياً.
أسواق النفط في خطر
حذرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية من “زعزعة” يمكن أن تحدث بأسواق النفط العالمية؛ نتيجة تجدد الصراع في ليبيا.
وقالت إن ذلك يأتي في وقت تزداد فيه أسعار النفط ارتفاعاً؛ وهو ما يفتح الباب واسعاً أمام احتمالات أن تلجأ الولايات المتحدة إلى إعفاء بعض المشترين للنفط الإيراني من العقوبات.
الصحيفة ذكرت أنَّ “شن الجنرال الليبي المارق، خليفة حفتر، هجوماً للسيطرة على العاصمة طرابلس قد يعرّض انتعاش إنتاج النفط في البلاد للخطر بعد توقف دامَ فترة طويلة”.
وأضافت: إن “الاضطراب المحتمل في ليبيا يقوض أيضاً خطط الولايات المتحدة لخفض شحنات النفط من إيران وفنزويلا إلى الصفر، حيث شهدت أسعار النفط ارتفاعاً مستمراً منذ بداية العام، عندما بدأت أوبك وتحالف الدول التي تقودها روسيا خفض الإنتاج، من أجل خفض العرض المفرط بأسواق النفط الخام؛ فكانت النتيجة ارتفاعاً بنسبة 27% في سعر خام برنت منذ الأول من يناير”.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول أمريكي يشرف على نظام العقوبات المفروضة على إيران، قوله إن ليبيا في خطر مرة أخرى، مبيناً: “لا يمكننا تحمُّل وقوع حادث جديد في سوق النفط”.
وكانت ليبيا ضاعفت إنتاجها من النفط إلى ثلاثة أمثاله، ليصل إلى 1.3 مليون برميل يومياً العام الماضي، خاصة بعد فتح حقل الشرارة، وهو أكبر حقل نفطي بالبلاد.
تقول الصحيفة الأمريكية: إن “مليشيات خليفة حفتر تحاول الاستيلاء على العاصمة طرابلس بعد سيطرته على معظم المنشآت النفطية، حيث سعى العام الماضي، إلى منع تصدير النفط”.
وترى الصحيفة أن “البيت الأبيض في وضع صعب، وهو يحاول أن يوازن بين مجموعتين من العقوبات على دول رئيسة في إنتاج النفط، حيث فرض عقوبات على إنتاج النفط الإيراني ابتداءً من شهر نوفمبر، مع منح إعفاءات لثماني دول سُمح لها بمواصلة شراء النفط الإيراني”.
واستطردت قائلة: “في يناير الماضي، حظرت الولايات المتحدة شراء النفط من فنزويلا، بسبب العقوبات المفروضة على نظام نيكولاس مادورو. وفي حال اضطرت الولايات المتحدة إلى منح إعفاءات جديدة وتمديد الإعفاءات الحالية لشراء النفط الإيراني، في وقت تصعّد حملتها ضد الحرس الثوري الإيراني؛ فإن ذلك يعني تبدُّد النتيجة المرجوَّة من العقوبات”.
وتابعت: “بينما تسعى إدارة ترامب إلى كبح جماح طهران في الشرق الأوسط، فإنها تسعى أيضاً إلى تجنُّب ارتفاع أسعار النفط؛ وهو ما قد يضر بالمستهلكين الأمريكيين، فحتى قبل اندلاع الصراع بليبيا كان البيت الأبيض يفكر في تمديد الإعفاءات التي ستبدأ في مايو المقبل”.
المسؤول الأمريكي بيَّن -بحسب الصحيفة- أن “الإعفاءات الجديدة سوف تستبعد كلاً من إيطاليا وتايوان واليونان، لأنها توقفت عن شراء النفط الإيراني أصلاً”، مضيفاً: إن “أي تنازل عن المجموعة المتبقية، الصين والهند وتركيا وكوريا الجنوبية واليابان، سيسمح لها بشراء النفط ولكن بكميات منخفضة، مقارنة مع الإعفاءات الماضية”.
“وول ستريت جورنال” تنقل عن جوزيف مكمونيج، محلل شؤون الطاقة، قوله إن الإعفاءات الجديدة المخفضة لشراء النفط الإيراني ستخفض، على الأرجح، من صادرات إيران من النفط بمقدار 200 ألف برميل من مجموع مليون برميل تصدّرها إيران حالياً.
وذكر أن واشنطن لم تكن تتوقع أن تعاني أسواق النفط شحَّة في المعروض، عقب تطبيق العقوبات على إيران؛ وذلك بفضل زيادة تصدير النفط من العراق والولايات المتحدة الأمريكية.
حفتر “جنرال مارق”
ونشرت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية تقريراً كتبه ماثيو كمبل، يقول فيه: إن “الجنرال المارق يغتنم فرصة حصار طرابلس”.
ويقول ماثيو إن أمير الحرب الذي درَّبته الولايات المتحدة وتدعمه روسيا كانت عينه، منذ زمن طويل، على السلطة، وقد تحرك أخيراً لتحقيق هدفه.
ويذكر الكاتب أن هجوم قوات حفتر على طرابلس تزامن مع زيارة أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في خطوة تدل على ازدراء حفتر لخطة تقاسم السلطة التي تقترحها الأمم المتحدة في ليبيا.
ويقول ماثيو إن حفتر، البالغ من العمر 75 عاماً، مواطن أمريكي، وضابط سابق في جيش معمر القذافي يحب لقب المشير. ويعتقد أن قواته تعرضت لغارات جوية قرب غريان، وهي بلدة تقع على بُعد أكثر من 50 كيلومتراً جنوبي طرابلس.
ويضيف الكاتب أن حفتر بقي في بنغازي، بعدما أمر قواته بالزحف نحو طرابلس.
وكانت الأمم المتحدة اقترحت في خطتها لتقاسم السلطة أن يتولى حفتر قيادة الجيش والأجهزة الأمنية، في الحكومة التي يرأسها فايز السراج بدعم من الأمم المتحدة.
ولكنه قدَّر أن خصومه في حالة ضعف كبير؛ ومن ثم فهو ليس ملزَماً تقاسم السلطة معهم، بل يمكنه أخذ الحكم كاملاً وحده.
وكان حفتر ضابطاً شاباً في جيش القذافي قبل أن يختلف معه بالثمانينيات ويشارك في محاولة انقلاب عليه، وقد وافق الرئيس الأمريكي السابق، رونالد ريغان، الذي كان يصف القذافي بـ”الكلب المسعور في الشرق الأوسط”، على خطة لدعم معارضي القذافي مثل حفتر.
وبعد فشل محاولة الانقلاب، أنقذت الولايات المتحدة المخطِّطين لها، واستقر حفتر في ضواحي فرجينيا 20 عاماً، كان خلالها يتلقى التدريبات العسكرية تحضيراً للانقلاب التالي.
الفشل في ليبيا
ونشرت صحيفة “صنداي تلغراف” مقالاً افتتاحياً بعنوان “المهمات الفاشلة في ليبيا”.
وتقول الصحيفة إن الفوضى تسود ليبيا، وتجعلها مرتعاً سياسياً واقتصادياً للتطرف، والعاصمة طرابلس أصبحت الآن مهدَّدة برجل قوي جديد هو الجنرال خليفة حفتر.
وتضيف “صنداي تلغراف” أن الوضع في ليبيا اليوم، هو نتيجة التدخل الغربي الفاشل في البلاد.
فمن جهة، ساعدت الدول الغربية في إسقاط الديكتاتور القذافي، الذي واجه انتفاضة شعبية حقيقية ضد حكمه. ومن جهة أخرى، لا تريد هذه الدول أن تلتزم المشاركة في بناء الدولة مثلما حدث بالعراق، بسبب تكلفتها المالية والبشرية.
وترى الصحيفة أن ما فعلته الدول الغربية في ليبيا هو ما وصفه الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، بأنه ثورة زهيدة، فقد كلفت العمليات العسكرية فيها مليار دولار وعدداً قليلاً من الضحايا.
ولكن المخابرات الغربية غاب عنها حجم الانقسام بين القبائل، كما عاب أوباما على فرنسا وبريطانيا عدم الاستثمار في إعادة بناء ليبيا.
وتضيف “صنداي تلغراف” أن التدخل لا معنى له إذا لم يصحبه التزام يقضي بأن ترافقه عملية إعادة البناء، فالاضطرابات في ليبيا تزيد متاعب أوروبا من خلال أزمة اللاجئين.
*الخليج اونلاين