اليوم تحل على اليمنيين الذين يخوضون حربا ضروساً ضد مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة إيرانيا لاستعادة الدولة الذكرى الـ7 لانتخاب الشعب اليمني عبدربه منصور هادي رئيساً توافقياً للجمهورية اليمنية ليقود يمن اتحادي حلم به اليمنيون يسود فيه الرخاء والحقوق والمساواة والعدل يمثل جسر عبور إلى المستقبل المنشود للشعب اليمني.
في الـ21 من فبراير/شباط وبناء على اتفاق المبادرة الخليجية أُجريت انتخابات رئاسية غير تنافسية أقرب إلى استفتاء أختار خلالها ما يقارب ستة ملايين يمني عبد ربه منصور هادي رئيساً توافقياً للشعب بدعم من مختلف القوى الموقعة على اتفاق التسوية تسلم خلالها السلطة من الرئيس السابق علي صالح بحفل رمزي في مقر الرئاسة اليمنية.
تحديات سيخلدها التأريخ:
سبع سنوات مضت على تولي الرئيس هادي زمام الحكم في البلاد مرت فيها البلاد بكثير من الأحداث والتحديات الكبيرة التي سيخلدها التأريخ والتي رغم خطورتها الدامية لم تجبر الرئيس هادي للاستسلام والخضوع، بل أثبتت أنه فعلا رجل المرحلة الذي احتاجه ولا يزال يحتاجه الشعب اليمني.
مهام:
وتركزت أمام الرئيس هادي بعد توليه زمام الأمور والسلطة العديد من المهام تماشياً مع اتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي كانت أهمها إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية ومعالجة مسائل العدالة الانتقالية وإجراء حوار وطني شامل إضافة إلى تمهيد الطريق لصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات عامة عام 2014م.
بعد 23 نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2011م الذي وقعت فيه الأطراف اليمنية المعنيّة على مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآليتها التنفيذية وبمقتضاها نقل صالح صلاحياته إلى نائبه آنذاك (هادي) الذي أصبح رئيساً للجمهورية اليمنية بعد ذلك تمثلت أمامه العديد من التحديات كانت أولاها تتجسّد في تفكيك مراكز القوى وإبعاد أقارب صالح.
تفكيك مراكز القوى:
بعد أن تسلم السلطة رسميا في الـ27 من الشهر نفسه كانت أولى المحطات والتحديات الماثلة أمام الرئيس هادي تتجسّد في تفكيك مراكز القوى وإبعاد أقارب صالح من على رأس أبرز الأجهزة الأمنية والعسكرية في البلاد.
هذه الخطوات التي قام بها الرئيس جاءت بالترافق مع ترتيبات نفذها لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية ألغيت بموجبها مسميات “الحرس الجمهوري” وغيرها من الوحدات العسكرية لتصبح بمسميات عسكرية مهنية.
وعمد الرئيس هادي إلى عملية هيكلة الجيش والأمن بإقالة العشرات من القادة العسكريين الذين كانوا من الموالين لصالح وإعادة تنظيم وتوزيع الوحدات العسكرية والأمنية على أسس وطنية يكفل حياديتها وعدم دخولها كطرف في الصراعات السياسية.
الحوار الوطني:
وفي إطار أهم المحطات التي قام بها الرئيس هادي كانت المحطة الثانية والأهم في المرحلة الانتقالية انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي بدأ أعماله في العاصمة صنعاء في الـ18 من مارس/آذار 2013م بمشاركة 565 عضواً ليناقش مختلف قضايا البلاد المصيرية بما فيها إطلاق دستور جديد في البلاد.
مؤتمر الحوار الوطني الذي يعتبر من أهم الخطوات التي قام بها الرئيس هادي بعد توليه الحكم اختتم أعماله في 25 يناير/كانون الثاني من العام 2014م بأكثر من ألفي بند توزعت ما بين مخرجات ومقررات وتوصيات أبرزها إقرار تحويل البلاد من نظام الدولة البسيطة إلى النظام الاتحادي (الفيدرالي) لتصبح دولة اتحادية مؤلفة من ستة أقاليم والتمديد لهادي إلى حين إنجاز مسودة الدستور الجديد.
مؤتمر الحوار الوطني الذي استمر قرابة تسعة أشهر خرج بالعديد من المقررات على أن يتم استيعابها في دستور جديد وتجري الانتخابات التي تنهي المرحلة الانتقالية بعد الانتهاء من إعداده.
ويعتبر مؤتمر الحوار الوطني الذي شمل كافة مكونات المجتمع اليمني السياسية والمجتمعية والمستقلة أهم إجراء في اتفاق نقل السلطة المتمثل في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وعلى الرغم من الصعوبات والمعوقات التي اعترضته خرج بمخرجات جاءت متوازنة بشكل عام وإقرار الدولة اليمنية الاتحادية تم التوافق عليها من قبل كل المكونات السياسية بمختلف مشاربها وتوجهاتها.
توسع المليشيا:
العام 2014م، مر أيضا بالعديد من المحطات الفارقة، أبرزها، حين توسعت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، نحو العاصمة صنعاء، حيث انطلقوا من محافظة صعدة (معقلهم الرئيسي) وسيطروا على عمران (شمالي العاصمة صنعاء) في يوليو/تموز من العام نفسه.
من خلال سلسلة تظاهرات استغلالية قامت بها مليشيا الانقلاب الحوثية تمكنت من إسقاط صنعاء، عبر تظاهراتها التي حشدت لها أتباعها لإسقاط الدولة وتحقيق هدفها الأساسي بالانقلاب على الدولة وفرض أفكارها على المجتمع.
وفي الـ21 من سبتمبر/أيلول من العام نفسه، بدأ الحدث الذي انهارت تقريباً معه العملية الانتقالية ومهد للحرب الشاملة، إذا اجتاحت المليشيا الحوثية، بالتحالف مع مليشيا علي صالح، العاصمة، وسيطروا على أبرز مؤسسات الدولة فيها.
منتصف يناير/كانون الثاني من العام 2015م، تصاعدت الخلافات بين مليشيا الحوثي الانقلابية قوات والحرس الجمهوري الموالية لصالح من جهة، والرئيس هادي من جهة أخرى، نتيجتها فرضت المليشيا حصاراً على منزل الرئيس هادي ووضعه تحت الإقامة الجبرية.
في يناير/ كانون الثاني مطلع العام 2015م وبموازاة توسع المليشيا الحوثية، اقتحمت مقر الرئاسة ومحاصرة منزل الرئيس، ما اضطره لإعلان استقالته، في الـ22 من يناير، ومعه خالد بحاح، رئيس ما سمي بـ”حكومة الكفاءات” التي تشكلت في نوفمبر/تشرين الثاني 2014م.
إفلات بذكاء:
وفي الـ21 من فبراير (الذكرى الثالثة لانتخابه)، فوجئ اليمنيون، بأن الرئيس الذي استقال في يناير/كانون الثاني تمكن من الإفلات من الإقامة الجبرية، وغادر صنعاء إلى عدن، ليعلن التراجع عن الاستقالة، ويصف صنعاء بالعاصمة المحتلة من قبل مليشيا الانقلاب الحوثية.
بعد قرابة شهر كامل من الاقامة الجبرية فرضتها المليشيا الحوثية على الرئيس هادي، علاوة على وضعها حراسات مشددة على منزله، تمكن الرئيس من الإفلات في حادثة مثلت حدثاً تاريخيا مهماً في مسيرته، ومنعطفاً حاداً في المشهد السياسي المتأزم في اليمن، فقدت خلالها المليشيا واحدة من أهم أوراق الضغط التي عملت عليها خلال شهر كامل.
الرئيس هادي، بعد ان تمكن من الإفلات من قبضة المليشيا الحوثية ووصل إلى العاصمة عدن، أعلن العدول عن الاستقالة، في خطوة لاقت ترحيباً إقليمياً ودولياً، خصوصاً من قبل مجلس التعاون الخليجي، كما أن عودة زمام الأمور إلى يد الرئيس هادي خلق حالة كبيرة من الإرباك الشديد لدى مليشيا الانقلاب التي غلب على تحركاتها التخبط والعشوائية ومحاولة التقدم والسيطرة على عديد من المحافظات، لم تلبث محاولتها ان فشلت.
إفلات الرئيس هادي من قبضة المليشيا المدعومة من إيران، وخروجه من صنعاء، إلى عدن، مده بعوامل قوة لم تتوفر له مسبقا – يجمع سياسيون – أن أهم هذه العوامل حررته ليس فقط من قبضة مليشيا الحوثي القسرية، بل ومن ضغوط قوى النفوذ السياسي والعسكري والقبلي في شمالي البلاد.
ويرى سياسيون أن الرئيس هادي بخروجه من قبضة المليشيا الحوثية وانتقاله إلى عدن، استطاع أن يوجه المعادلة السياسية في إتجاه مغاير لما ارادته المليشيا التي تعتمد على غلبة القوة في محاولة تمرير مشروعها الانقلابي ذات الصبغة الطائفية التي تخدم السياسة الإيرانية، بعد أن توقف امتدادها الميداني في حدود المحافظات الشمالية.
خروج الرئيس هادي – يرى السياسيون – أنه خلط الأوراق، الأمر الذي اقتضى أن يقف الجميع أمام الوضع المتغير الحاصل في المرحلة السياسية.
من عدن، العاصمة المؤقتة التي أعلنها الرئيس هادي، عاصمة مؤقتة للدولة بعد وصوله إليها، أعلن في خطاب في الـ21 من مارس/ شباط من العام 2015م أن انقلاب مليشيا الحوثي غير شرعي، قائلا في خطاب وقتها: أن جميع القرارات التي اتخذت من 21 سبتمبر/أيلول 2014م (تأريخ احتلال المليشيا الحوثية العاصمة صنعاء) باطلة وغير شرعية.
وأكد الرئيس هادي، في خطابه إنه لا يزال الرئيس الشرعي لليمن، وأنه سيرفع العلم اليمني في جبال مران، بمحافظة صعدة (معقل مليشيا الحوثي الانقلابية شمالي البلاد) بدلاً من العلم الإيراني، متعهدا باستعادة العاصمة صنعاء، من السيطرة الحوثية.
عدول عن الاستقالة:
عدول الرئيس هادي عن الاستقالة، في ظل وجود سلطة انقلابية نصبتها المليشيا الحوثية في صنعاء غير شرعية، خطوات اتجهت معها الأوضاع نحو مرحلة اللاعودة.. وكان أمرا صعبا على المليشيا الحوثية فاتجهت مع حليفها صالح نحو عدن، واجتاحتها بمساعدة خلاياها النائمة التي كانت في العاصمة عدن، تمكن إثرها الرئيس هادي ومسؤول الحكومة الشرعية، من مغادرتها والتوجه إلى المملكة العربية السعودية.
تدخل لإنقاذ البلد:
وبطلب من الرئيس هادي تدخلت السعودية عسكرياً لحماية الشرعية، بإعلان “عاصفة الحزم”، من التحالف العربي الذي ضم 10 دول، بقيادة السعودية، وتمكن عقب ذلك الرئيس هادي من خلال الدعم الإقليمي والدولي الذي حظي به، أن يحبط مشروع الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران بالسيطرة على البلاد.
رجل المرحلة:
لم تكن المرحلة التي مرت بها البلاد سهلة جدا على الرئيس هادي، بل كانت مرحلة في غاية الصعوبة، استطاع خلالها الرئيس من بناء دولة وجيش من الصفر، استطاع خلال أربع سنوات من الحرب استعادة أكثر من 80% من البلاد كانت تحت سيطرة المليشيا الحوثية، ليثبت بذلك أنه رجل المرحلة سياسيا وعسكريا.
وبحنكة القائد السياسي والعسكري، وبعزيمة جيش وطني بنيت قواعده من الصفر، استطاع الرئيس هادي، ان يقود البلاد من نصر إلى نصر، انحسرت معه سيطرة الانقلابيين المدعومين من إيران، وتكبدوا خسائر كبيرة، لتصبح قوات الشرعية اليوم، على بعد عشرات الكيلومترات من العاصمة صنعاء.
وفي ظل هذه المرحلة الصعبة، عمل الرئيس هادي، ولا زال يعمل على تحطيم كل المشاريع والمؤامرات الصغيرة التي تعمل على تدمير البلاد، مثبتا بذلك انه القائد الفعلي لمشروع بناء اليمن الجديد، وقائد معركة استعادة الدولة.
ويدرك الرئيس هادي، مع كل هذا إن الدولة الاتحادية اليمنية الجديدة التي تم الاتفاق عليها في مخرجات الحوار الوطني تُمثل خياراً لا حياد عنه، دولة ديمقراطية مستقلة ذات سيادة تقوم على الإرادة الشعبية لكل اليمنيين دون استثناء، والمواطنة المتساوية وسيادة القانون، دولة حلم بها اليمنيون وناضلوا من اجلها طويلاً، تضمن التوزيع العادل للسلطة والثروة في ظل حكم رشيد، علاوة على حرصه وعمله الدائم والدؤوب على تطبيق مشروع اليمن الاتحادي الجديد على أرض الواقع.
على مدى السنوات السبع الماضية -فترة هادي الرئاسية- أبدى الرئيس هادي في كل مواقفه حرصه الدائم على السلام الذي يؤسس لبناء اليمن الاتحادي الجديد، ويقضي على كل مظاهر الانقلاب واحتكار الدولة لكل ادوات القوة.
كما تبين كافة مواقف الرئيس هادي حرصه الكبير والدائم على إحلال السلام في البلاد، وفق المرجعيات المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرارات الأممية ذات الصلة وفي مقدمتها القرار الأممي (2216).