قدّم مركز المخا للدراسات الاستراتيجية ورقة بحثية جديدة تناولت مستقبل العلاقة بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء، وذلك على ضوء حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت قيادات بارزة في الحزب.
وطرحت الورقة ثلاثة سيناريوهات محتملة للتعامل الحوثي مع المؤتمر. السيناريو الأول يتمثل في حل الحزب بعد أن تستنفد الجماعة منه ما تريده، بينما السيناريو الثاني – الذي رجّحته الورقة – يقوم على الإبقاء على المؤتمر كواجهة شكلية خاضعة بالكامل لسيطرة الحوثيين، من خلال إقصاء الأصوات المعارضة وتعيين قيادات موالية. أما السيناريو الثالث، وهو الأقل احتمالًا، فيتعلق باندلاع تحرك شعبي مساند للمؤتمر، وهو ما استبعدته الورقة بسبب ضعف البنية التنظيمية وتراجع الشعبية الجماهيرية للحزب.
وأشارت الورقة إلى أن الخلاف بين الطرفين ليس وليد اللحظة، بل تعود جذوره إلى سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014، حين بدأوا بتهميش المؤتمر الشعبي وإقصائه، وصولًا إلى أحداث ديسمبر 2017 التي انتهت بمقتل رئيس الحزب علي عبدالله صالح.
وأوضحت أن التصعيد الأخير اكتسب بعدًا رمزيًا، لتزامنه مع ذكرى تأسيس المؤتمر في 24 أغسطس، والذكرى الوطنية لـ ثورة 26 سبتمبر، في وقت تسعى فيه جماعة الحوثي إلى فرض انقلاب 21 سبتمبر باعتباره “لحظة تأسيس بديلة” لإعادة صياغة الهوية الوطنية والتاريخ السياسي لليمن.
كما وثقت الورقة الإجراءات الحوثية ضد الحزب، ومنها اقتحام اجتماع للجنة الدائمة، ومصادرة أموال مخصصة لإحياء ذكرى التأسيس، واعتقال قيادات بارزة بينهم غازي الأحول، وفرض الإقامة الجبرية على آخرين، إضافة إلى مداهمة منازل قيادات ومصادرة ممتلكات وأصول الحزب من أراضٍ وعقارات ومقرات رئيسية.
وتطرقت الورقة كذلك إلى الضغوط التي يمارسها الحوثيون لفك ارتباط الحزب بأسرة الرئيس السابق، من بينها إصدار حكم بالإعدام بحق أحمد علي عبدالله صالح بتهمة “الخيانة”، في محاولة لقطع أي فرصة لإعادة توظيفه سياسيًا على المستويين المحلي والإقليمي.
واختتمت الورقة بأن ما يحدث يعكس توجّهًا حوثيًا ثابتًا نحو تفكيك القوى السياسية المنافسة واحتكار المجال العام، مؤكدة أن مستقبل المؤتمر مرهون بقدرته على الصمود أمام هذه الضغوط أو خضوعه التام للجماعة، وهو ما سيحدد طبيعة المشهد السياسي في صنعاء خلال المرحلة المقبلة.