أكد خبراء ومتابعون للشأن المصري أن هناك شخصيات معينة هي التي حركت الأحداث الأخيرة في مصر، والتي كان أبرزها اعتقالات سامي عنان وهشام جنينة وعبد المنعم أبو الفتوح، وأن هذه الجهات هي التي تمسك بخيوط المشهد المصري في الوقت الراهن في إعادة لسياسة صلاح نصر مرة أخرى.
المتابعون أكدوا أن أكثر الكارهين للسيسي لم يكن يتخيل اتخاذه الإجراءات التي شهدتها مصر خلال الشهر والنصف الماضيين، منذ انطلقت فعاليات الانتخابات الرئاسية، مبررين في الوقت نفسه أن كل ما جرى ارتبط بإقالة اللواء خالد فوزي رئيس المخابرات العامة وتكليف اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي وكاتم أسراره قائما بمسؤولية الجهاز الأخطر في مصر.
وهو ما عبر عنه الحقوقي والناشط السياسي هيثم أبو خليل في تعليق له بصفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بأن بصمات عباس كامل مدير مكتب رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي ورئيس المخابرات العامة واضحة على
الأحداث في مصر، واعتبره أبو خليل بأنه الشخص الذي يدير مصر الآن، منتقدا طريقته الاستئصالية واستغلال الحرب علي الإرهاب بسيناء في تصفية المعارضة وإرهاب عموم المصريين.
ولعل هذا ما ذهب إليه كذلك القيادي الإخواني وعضو البرلمان المصري السابق محمد جمال حشمت، والذي أشار إلى أن الصراع الذي كانت تشهده مصر بين الأجهزة الأمنية وخاصة بين المخابرات العامة والحربية انتصرت فيها الأخيرة بعد الإطاحة بخالد فوزي وتكليف عباس كامل بمهامه.
وأشار حشمت لـ “عربي21“ إلى أن كامل عمل لفترة طويلة مديرا لمكتب السيسي عندما كان الأخير رئيسا للمخابرات الحربية وانتقل معه مديرا لمكتبه بوزارة الدفاع ثم رئاسة الجمهورية بعد الانقلاب، ويبدو أنه استطاع أن ينفرد بكل الأجهزة الأمنية الخطرة في مصر، ويتعامل معها كما تعامل مع ملف السيطرة على الإعلام.
وأضاف حشمت أن عباس كامل واحد من المجموعة المحدودة جدا التي استمرت مع السيسي بعد الانقلاب، ويبدو من الأحداث أنه كان سببا في إقالة محمود حجازي رئيس اركان حرب القوات المسلحة وشريك السيسي في الانقلاب، وكذلك إبعاد اللواء محمد العصار مساعد وزير الدفاع للاتصال السياسي من المؤسسة العسكرية، وأخيرا إقالة رئيس المخابرات العامة، مما جعل عقل الأجهزة الأمنية واحد وتدار بيد واحدة.
ويرى حشمت أن ما يحدث الآن من شأنه توسيع دائرة المعارضين لنظام الانقلاب حتى ولو كانوا في الماضي من المؤيدين له كما هو الحال مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وهشام جنينة، وهو ما يترجم أن سياسة الإقصاء واليد الغليظة لم تعد تفرق بين الإخوان وغيرهم وإن كانت حتى الان في دائرة الإسلاميين إلا أنها بلا شك سوف تتوسع لغيرهم لطبيعة النظام الدموية.
واستدل حشمت بالاتهامات الموجهة لأبو الفتوح والتي أقل ما توصف بأنها بلهاء وتعبر عن حالة التردي التي وصلت إليها الأجهزة الأمنية والتي تعيد للأذهان العهد الناصري وتحكم جهاز المخابرات العامة في المشهد وهي حالة من الغرور سوف تأتي بنتائج عكسية علي نظام السيسي.
من جانبه أكد الباحث المختص في الشؤون والتنظيمات السياسية أسامة أمجد “ أن الفترة الأولى من إدارة السيسي شهدت صراعا بين الأجهزة، حذر من خطورته مقربون من النظام مثل الكاتبين الصحفيين عبد الله السناوي وعماد الدين حسين في عدة مقالات.
موضحا أن ترشيح عنان لم يكن مفاجأة بالنسبة للسيسي ولذلك فهو استعد له بعدة إجراءات قمعية داخل وخارج القوات المسلحة، ربما كان من أخطرها إقالة خالد فوزي وتعيين عباس كامل كاتم أسراره وأحد أهم المقربين منه على رأس الجهاز الذي مثل صداعا للسيسي في أكثر من ملف.
ويضيف “أمجد” أن عدم وجود رد فعل على ما جرى مع عنان شجع السيسي على مزيد من الإجراءات القمعية التي حولت حالة الرعب والقلق لديه إلى ما يمكن أن نعتبره “جنون العظمة”، وهو التحول الذي ساندته الولايات المتحدة بزيارتين هامتين خلال 48 ساعة، الأولى لوزير خارجيتها والثانية لقائد القيادة المركزية الأمريكية، ولاشك أنه بعد هاتين الزيارتين واللتين كان لهما ارتباط بما يحدث في سيناء، فإن السيسي حصل على قوة دفع دموية جديدة.
ويرى “أمجد” أن عباس كامل ليس وحده العقل المفكر الذي يحرك السيسي فهناك كذلك شخصية أمنية أشد إجراما منه، وهو أحمد جمال الدين وزير الداخلية الذي أقاله الرئيس محمد مرسي، إضافة للاعب الجوكر محمود عبد الفتاح السيسي الذي يستعيد دور جمال مبارك ولكن بشكل مختلف، وهو ما يمكن أن يمثل نقاط ضعف للسيسي في المستقبل القريب.