تكريساً لمسار الانخفاض التاريخي في التضخم، قررت الحكومة المصرية إلغاء أي زيادة مقررة في تعريفة الكهرباء خلال العام الجاري، لتبدأ المراوحة عند الأسعار الحالية حتى مطلع 2026.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، إن «المنظومة الحالية مستقرة، ونمتنع عن أي خطوة تؤثر سلباً في معدل التضخم أو تضيف أعباء جديدة على الأسر»، مؤكداً أن «الأولوية اليوم لحماية القدرة الشرائية، وليس تعظيم الإيرادات».
وأضاف، خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الأربعاء، أن «الأصعب بالفعل خلفنا»، مشيراً إلى أن استمرار هبوط الأسعار العالمية للطاقة وتحسن سعر صرف الجنيه وفّرا «نقاط تمرّد» تسمح بتأجيل رفع الأسعار دون إخلال بالاتزان المالي.
وأرجع مدبولي التريث إلى رغبة الدولة في «تثبيت المؤشرات الكلية»، لافتاً إلى أن الدعم الفعلي للكهرباء قفز إلى نحو 10 مليارات جنيه بنهاية 2024/2025، مقابل 2.5 مليار فقط كانت مقدّرة في الموازنة.
وكشف مصدر حكومي لـ«العين الإخبارية» أن مجلس الوزراء أبلغ وزارة الكهرباء تأجيل تطبيق الزيادة التي كانت معدّة لشهر سبتمبر الجاري، «لتُدرس من جديد في يناير 2026»، موضحاً أن «الحسم النهائي مرهون بمسار التضخم ومستوى التكلفة الفعلية حينها».
وأرجع المصدر سبب التأجيل إلى «نجاح البنك المركزي في تثبيط التضخم لأدنى مستوى له منذ مارس 2022»، إذ سجّل 11.2% في أغسطس الماضي، مقارنة بـ14.9% في يونيو، ما مكّن لجنة السياسة النقدية من خفض الفائدة 2% الشهر الماضي.
وأكد أن «الغاز الطبيعي المتدفق بأسعار مخفّضة عبر اتفاقيات قصيرة الأجل، وتراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، خفّفا عبء تكلفة الإنتاج»، مشيراً إلى أن «الدولة تتعامل مع ملف الطاقة بمرونة دون الإخلال ببرنامج صندوق النقد الذي ينص على وصول التعريفة إلى التكلفة الكاملة قبل ديسمبر 2025».
وكانت وزارة الكهرباء رفعت الأسعار بنسب تراوحت بين 14 و40% في أغسطس وسبتمبر 2024، عقب تعويم الجنيه، ما زاد الضغوط على الأسر ودفع الحكومة لضخ دعم إضافي تجاوز التقديرات بأربعة أضعاف.
وتشير توقعات صندوق النقد إلى أن إجمالي دعم الطاقة في مصر سيصل إلى 180 مليار جنيه في 2027-2028، قبل أن يتصاعد إلى 190 ملياراً في العام التالي، ثم يتراجع إلى 166 ملياراً في 2029-2030.
وأكد مدبولي أن «أي قرار مستقبلي سيراعي أولاً القدرة الشرائية للمواطن، وثانتاً متطلبات الاستدامة المالية»، مشدداً على أن «الحماية الاجتماعية خط أحمر لن تتجاوزه الحكومة».