كشف فيلم “إمارات الخوف” أنتجته وبثته “الجزيرة” ضمن برنامج للقصة بقية، عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في دولة الإمارات، التي تبدو صورتها كمصدر للسعادة وناطحات سحاب لامعة ومراكز تسوق فاخرة، لكنها تخفي تحت الأرض سجونا سرية تتمدد إلى الخارج، ولا تسمح للمنظمات الحقوقية بزيارتها لمعرفة ما يجري خلف الأسوار. فضلا عن الاحتجاز في أماكن غير معلومة لشهورٍ وربما تمتد لسنوات، واستخدام التعذيب النفسي والبدني لانتزاع اعترافات، ومحاكمات غير قانونية تنتقدها المنظمات الدولية.
انتهاكات جسيمة
كشفت الجزيرة من خلال إفادات المعارض الإماراتي جاسم الشامسي المقيم في اسطنبول، وخبراء قانون دولي، وشهادات موثقة لمعتقلين، الصورة الحقيقية لدولة الإمارات التي تبدو كواحة للانفتاح والسعادة، ومن أبرز الانتهاكات الموثقة التعذيب الجسدي والنفسي للمعتقلين في السجون السرية وغيرها، والتي تشكل الإعتداءات الجنسية والخازوق والضرب المبرح والتعليق بسلاسل حديدية، والتهديد بإحضار الزوجات وتلفيق تهم أخلاقية بحقهن، وهدر الحقوق القانونية، والتوقيع على محاضر تحقيق دون قراءتها، وعدم تقديم المتهمين إلى النيابة، فضلا عن الاعتقال الإداري الذي تمارسه إسرائيل، وإسقاط الجنسية وتجميد معاملاتهم في البنوك،
وقمع المعارضين، من خلال قوانين تعسفية تصادر حق التعبير والتجمع السلمي، وتكوين الجمعيات وتجريم فكرة المعارضة، وتحتوي على مواد بالسجن المؤبد والإعدام والحق في المشاركة السياسية وأبرز الانتهاكات حينما تقدم 94 مواطنا بعريضة تطالب بإصلاحات، وحقوق دستورية وانتخابات حرة، حيث تم الحكم بسجن 61 من الموقعين، فضلا عن التجسس على المواطنين والمقيمين ومراقبتهم بالاستعانة بتقنيات تحدد أماكن تواجدهم وفرتها شركات إسرائيلية.
وتعرض نشطاء ومدونون لاعتقالات ومضايقات لإبداء آرائهم وتعاطفهم مع قطر، وأبرزهم عبدالله غانم الذي تعاطف مع قطر ويواجه السجن، وأيضا محمود الجيدة وأسامة النجار وأحمد منصور المدافع عن حقوق الإنسان، والذي جذب الانتباه للانتهاكات في الإمارات وأيضا محمد الركن الأكاديمي البارز ورئيس جمعية الحقوقيين،الذي حكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهمة التآمر على نظام الحكم.
المعارض الشامسي
كشف المعارض جاسم الشامسي، المقيم في اسطنبول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الإمارات، والقوانين القمعية التي تكرس الاستبداد، وتصادر الحريات، ومنها قانون الجرائم الإلكترونية 2015 والقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2016، والذي يضم 20 مادة تشمل الإعدام، وأيضا قانون الكيانات الإرهابية 2017، معتبرا أن الإمارات لم تعد منارة للسعادة، وإنما مصدرا للعار والشنار وانتهاك حقوق الإنسان، منذ 1992 بوصول محمد بن زايد إلى ولاية العهد وتأسيس معهد الإمارات للدراسات السياسية والإستراتجية، لقمع الحريات ومصادرتها، والانحطاط في ظل الاستبداد، وتجريم المعارضين، ورفض أي توجه نحو الإصلاح والمطالبة بالمشاركة السياسية وانتخابات حرة للمجلس الوطني. مشيرا إلى أن الإمارات تحولت إلى سجن كبير، وهناك عملية منهجية للغاية لسحق حرية التعبير وحرية التجمع وانتهاك حقوق الإنسان.
وقال إنه تم إجراء استفتاء على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” حول “الإمارات .. بيت واحد”، ولكن النتيجة جاءت صادمة، حيث الآراء بنسبة 86% أكدت وجود احتقان وغياب المشاركة والحريات.
خبراء ومنظمات
شدد رودي ديكسون، خبير القانون الدولي، في حديثه لـ”الجزيرة” على أن الانتهاكات في الإمارات تحتاج إلى تدخل دولي وإجراء تحقيق وتقديم تقارير إلى مجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة، كما أن هذه الانتهاكات تتعدى حدود الدولة، ولابد من حلول دولية، كما يجب مواجهة سحب الجنسية من المواطنين بكل جدية، ومتابعتها وإجراء مساءلة،
وأيضا القوانين الفضفاضة، ولابد أن تتواءم مع المعايير الدولية والمبادئ الأساسية لنظام قانوني يراعي حقوق الإنسان، ولابد للمتهم أن يعرف التهمة الموجهة إليه، ونوع العقوبة، فلابد من تعديل القوانين، كما أن هذه الانتهاكات لابد أن ترفع إلى المجتمع الدولي، وفي جانب آخر، اعتبر ديكسون أن الحصار المفروض على قطر، يؤثر على المنطقة، وأيضا انتهاك الإمارات لحظر السلاح في ليبيا واليمن.
وفي السياق، أوردت الجزيرة آراء خبراء قانونيين ومنظمات حقوقية، حيث اعتبرت سو ديلمان قانون الإعدام بعيدا عن قيم الديمقراطية، فيما قال أنس التكريتي أن الإمارات مأزومة وتعيش في أزمة، بينما أكدت المنظمة السويسرية لحقوق الإنسان أن الإمارات تجرم فكرة المعارضة. واستعرضت الجزيرة إفادات وشهادات موثقة لمعتقلين حول ما تعرضوا لها من انتهاكات وتعذيب داخل سجون الإمارات.