“جيوبهم مع الشرعية وقلوبهم مع الإمارات”.. هل تتآكل الشرعية من الداخل؟ (تقرير خاص)

12 ديسمبر 2019
“جيوبهم مع الشرعية وقلوبهم مع الإمارات”.. هل تتآكل الشرعية من الداخل؟ (تقرير خاص)

تمر الحكومة اليمنية الشرعية بتحديات يعدها كثير من المراقبين بأنها من أصعب التحديات التي قد واجهتها منذ بداية تشكّلها مع انقلاب الحوثيين على السلطة في سبتمبر 2014م.

ويمثل الرئيس عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية اليمنية، أعلى هرم السلطة الشرعية في اليمن، وتشكل مكونات الحكومة والبرلمان والمؤسسات المدنية والعسكرية المرتبطة بقية الهرم. وقد حظيت الشرعية على الاعتراف الدولي من خلال القرار الأممي الشهير (2216) والذي يؤكد بالإجماع على أن حكومة الرئيس هادي هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب اليمني.

ويتمسّك الغالبية العظمى من اليمنيين بالسلطة الشرعية باعتبارها الحامل للمشروع الوطني الكبير، ويأتي في المقدمة منه مشروع اليمن الاتحادي، بالإضافة إلى مخرجات الحوار الوطني، والتي حملت مفاهيم ومبادئ تؤسس لدولة مدنية يسودها العدل والقانون.

كان هذا هو الوضع، على الأقل في السنة الأولى من انطلاق عاصفة الحزم، 2015م، ليبدأ بعده مسلسل “قضم” الشرعية وتفخيخها، إما بزرع عملاء وخونة في عدد من مفاصلها الحساسة، أو بتحجيم دورها الخدماتي والإداري والتشريعي والتنفيذي على الأرض، كما حدث في محطات كثيرة، قد يكون أبرزها منع الرئيس هادي من العودة إلى عدن، والانقلاب على الحكومة وطردها منها، بالإضافة إلى منع انعقاد جلسات مجلس النواب في العاصمة المؤقتة.

وتعد الإمارات الدولة المسئولة بشكل مباشر عن استهداف منظومة الشرعية، حيث مارست عملية تدمير ممنهج لهذه السلطة باعتبارها حجر عثرة أمام أجنداتها ومشاريعها التمزيقية في اليمن. فالإمارات تسعى للسيطرة الكاملة على المناطق اليمنية المحررة من سلطة الحوثيين، وخاصة الموانئ والمناطق الساحلية التي تشرف على أحد أهم خطوط الملاحة الدولية في العالم.

وفي سبيل تحقيق أجنداتها وظفت الإمارات الكثير من العملاء وجنّدت الكثر من الخونة وجيشت وسلحت عشرات الآلاف من المرتزقة المحليين وموّلتهم بالسلاح والمال طوال أربعة أعوام من الصراع، وكلّفتهم بتعبيد الطريق أمام بسط نفوذها الكامل على طول البلاد وعرضها.

معين عبدالملك.. كرت إماراتي محروق

وكشفت الأحداث والأيام الكثير من الأقنعة والكثير من معاول الهدم الإماراتي في الداخل، إلا أن رئيس الوزراء الحالي معين عبدالملك، يعد أخطر أداة إماراتية لا تزال مزروعة في قلب السلطة والحكومة اليمنية، وتهدد بنسف المنظومة بالكامل.

وينتظر الكثير من اليمنيين لحظة صدور قرار رئاسي بطرد هذا المسئول الفاسد الذي توغّل ووصل إلى أعلى منصب حكومي حساس، بالرغم من تواطؤه وعلاقاته المباشرة والخفية مع النظام الإمارتي.

ولطالما كان عبدالملك خائناً في نظر الكثيرين منذ الوهلة الأولى لتعيينه، خاصة مع قراره بتجنّب الملف السياسي اليمني والتركيز على الجوانب الخدمية والاقتصادية، معللاّ هذا القرار الكارثة بأنه ضرورة بسبب الأزمة الاقتصادية الغير مسبوقة التي تعيشها البلاد.

الرجل ترك الباب مفتوحاً أمام الإمارات لتعيث بفسادها ولتنشر عبر مرتزقتها المسلحين على الأرض الفوضى والخراب، ثم لما حانت لحظة الحقيقة مع الانقلاب المفضوح الذي موّلته الإمارات ونفذته عبر ذراعها على الأرض (مجلس الإنفصال) ضد الحكومة الشرعية في عدن في أغسطس الماضي، ابتلع عبدالملك لسانه وهرب من المشهد وظل صامتاً بالرغم من أن الانقلاب يستهدف الحكومة التي يفترض أنه رئيسها.

وعقب اتفاق الرياض بأيام كانت عودة معين رفقة عدد محدود من الوزراء مؤشر خطير على خروج التنسيق المفوح بين الطرفين إلى العلن.

ويقول الصحفي سعيد السامعي معلقاً “من كافة البنود التي نص عليها اتفاق الرياض لم تسمح الإمارات سوى بعودة معين.. هل هناك من لا يزال يشك في خيانة هذا الرجل”.

يضيف: “مثل هؤلاء لابد أن تتم إقالتهم على الفور وإحالتهم للتحقيق كي يكونوا عبرة لكل مسئول يفكر بالتواصل مع جهات خارجية.. والذي قام به الرئيس هادي مع بحاح لابد أن يكرره مع الخائن معين”.

عسكر.. وزير الإنسان يكرم قاتل لإنسان

بالرغم من الوضع المتردي الذي وصلت إليه الشرعية وتناقص قدراتها على الردع، لم يكن يتصور أي من اليمنيين أن يقوم أحدالوزراء المحسوبين على هذه السلطة بتكريم أحد أكبر القيادات الإنفصالية المعادية للشرعية، وأحد أكثرها تورطاً في قضايا الانتهاكات والتعذيب الوحشي الذي طال المئات من اليمنيين في عدن وعدد من المدن اليمنية المحررة.

إلا أن بلاد الغرائب يمكن توقع كل شيء فيها – بحسب مراقبين – وهذا ما حدث حين أقدم وزير حقوق الإنسان محمد عسكر بتكريم اللواء شلال شائع، مدير أمن عدن المقال على خلفية التمرد الأخير الذي شارك فيه.

وما زاد الطين بلة هو أن التكريم أريد له أن يكون من مدخل إنساني، حيث كتب في درع التكريم: تتشرف وزارة حقوق الإنسان بتكريم اللواء شلال شائع بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

وثارت على وقع ذلك ضجة كبرى على منصات التواصل حيث طالب كثير من السياسيين والمسئولين والصحفيين والناشطين بإقالة الوزير عسكر ووقف هذا العبث الذي يحدثه هؤلاء المسئولين الفاسدين والمتماهين مع الانقلاب ومع الإمارات.

ويمثّل تواطؤ بعض مسئولي الحكومة مع الإنفصاليين والإماراتيين علامة مقلقة على مدى الاهتراء الكبير الذي أصاب منظومة الشرعية، ويرى كثيرون أن تراخي قيادة الشرعية عن محاسبة أمثال هؤلاء الذين صارت “جيوبهم مع الشرعية وقلوبهم مع الإمارات “، سيكون له عواقب وخيمة، ويشددون على أن ” من ضيع الجد في أوقاته ندما”.

 

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق