يستغل النظام الإماراتي إطلاق شعار التسامح للعام 2019 بغرض الدعاية الكاذبة والتغطية على انتهاكاته المروعة لحقوق الإنسان وجرائمه التي يرتكبها في حربه على اليمن وتدخلاته الإجرامية في عدة دولة.
يبرز النظام الإماراتي في مناسبات عِدة أن الإمارات دولة التسامح، لذلك يقوم بإنشاء “كنيس يهودي” في الدولة التي لم تعرف في تاريخها الحديث أي وجود لليهود بعكس باقي دول المنطقة.
وفي “عام التسامح” المزعوم تقدم الإمارات احتضانها للأديان كعلامة بارزة على ذلك. لكن يعرف الإماراتيون أن ذلك جزء من دفعة من العلاقات العامة التي تفتح محفظتها المالية لهذا النوع من العلاقات العامة لتحسين السمعة.
أما التسامح في ملف حقوق الإنسان فإن ذلك خارج تفكير السلطات في الإمارات، بل إنها تمارس قمعاً وتنكيلاً بمواطنيها لمجرد تعبيرهم عن الرأي، وأولئك المعتقلون في السجون تمارس فيهم انتهاكات خارج القيّم والقانون والاعتبارات الإنسانية.
وترتكب السلطات في “عام التسامح” الانتهاكات بحق المعتقلين أدى إلى إضراب أحمد منصور وناصر بن غيث أكثر من مرة عن الطعام، وفي نفس الوقت يمنع المعتقلون من الزيارة ومنذ عام يُمنع الدكتور محمد المنصوري من الزيارة.
كما أن معتقلي الرأي في الإمارات الذين انتهت أوامر السجن بحقهم لا يفرج عنهم ويستمر اعتقالهم خارج كل قانون وكل قيّم وأخلاق واعتبارات إنسانية وقَبلية ضمن مزاعم الاحتجاز في مراكز المناصحة.
إضافة إلى هذا الملف السيئ تمارس السلطات الإماراتية إرهاباً على مواطنيها، وتمنعهم من ممارسة حقهم في حرية العبادة في المساجد، ففيما يحق لليهودي المتشدد المبيت في الكنيس اليهودي يوم السبت، يمنع المسلم الإماراتي من البقاء في المسجد بعد الصلاة، ويحظر عليه تقديم أي نوع من المواعظ في المسجد بعد الصلاة.
كما تفرض السلطات كاميرات مراقبة على الداخلية والخارجين في المسجد، ومن يبقى في المسجد؛ يمنع لأي تيار فكري إسلامي الحديث أو أن يكون لهم مساجد خاصة فقط يُسمح لدراويش الصوفية في السيطرة والتمدد على حساب باقي المذاهب الإسلامية.
ويدفع النظام الإماراتي مبالغ مالية طائلة بشكل دوري في دعاية رسمية لخطاب “التسامح” المزعوم سعيا لإخفاء انتهاكات حقوق الإنسان والقمع المستمر للمواطنين والمقيمين، بدلاً من معالجة هذا الملف ووقف الانتهاكات والسماح بحرية الرأي والتعبير.
تبذل الدعاية الرسمية جهدها لبث السحر للأجانب، لكن جهاز الأمن يتعامل بوحشية مع الإماراتيين والمقيمين، بل إن هذه الوحشية تم تصديرها إلى دول أخرى مثل اليمن حيث توجد سجون سرية تملكها الدولة.
وفي دبي قامت الدولة بجمع 30 شخصاً منهم مصممون وفنانون من كندا برسم لوحة وضع عليها شعار “عام التسامح” في الدولة، في منتصف المركز التجاري مباشرة، في غضون ثلاث ساعات فقط. وهو ضمن برنامج أكبر للترويج للدولة عبر المصممين والرسامين.
وكُتب على أوراق الشعار كلمات مثل “القبول” و”التسامح” و”الوحدة”- حسب جلف تايمز- وعلى عكس تلك العبارات فإن جهاز أمن الدولة الذي يمثل السلطات في تعاملها مع المجتمع لا يقبل بالأخر ويؤمن بالصوت الواحد التابع له والذي يروج له، ومصيّر المخالفين أو المنتقدين -مهما كان الانتقاد بسيطاً- هو السجن. وتحظر أي تسامح مع المنتقدين المعتقلين كما أن هناك حالة قطيعة مع المجتمع الإماراتي ومناقشه همومه وتطلعاته المستقبلية. وحالة قطيعة دولية مع قطر المجاورة.
كما أن هذا التسامح انعدم تماماً في قضية معتقلة الرأي علياء عبدالنور التي توفيت وهي مقيدة على سرير المستشفى مطلع الشهر الجاري رغم المناشدات بالسماح لها البقاء مع عائلتها الأيام الأخيرة من حياتها. وتعرضت هي والمعتقلات والمعتقلين إلى تعذيب استمر اشهراً قبل المحاكمات السياسية.
والتسامح ينعدم كذلك عند النظر إلى ظروف احتجاز مأساوية لمعتقل الرأي في سجون نظام الإمارات أحمد منصور المعتقل تعسفيا منذ سنوات.
ومنصور محتجز في زنزانة بلا سرير ولا مياه جارية (حتى في المرافق الصحية التي لا تزيد عن ثقب في الأرض)، ولا يمكن الوصول إلى الحمام.
ووصف سجين سابق مرافق لمنصور الظروف في جناح العزل، حيث يعاني العديد من السجناء من المرض ولا يتلقون رعاية طبية، حيث أن بعضهم موجود منذ 20 عاماً. وقال إن الزنزانات هي بعرض 4 × 4 أمتار مع باب يحوي نافذة صغيرة ونافذة صغيرة على ارتفاع ثمانية أمتار في الحائط، مما يسمح بمرور أشعة الشمس لمدة حوالي ثلاث ساعات في اليوم. ويبلغ ارتفاع الجدران 11 متراً والسجناء قادرين على الصراخ لسماع بعضهم البعض من خلية إلى أخرى. كما أن الأنوار شديدة السطوع، لذا يطلب السجناء إطفائها معظم الوقت.
والواقع يبرز أن الإمارات في مرحلة سيئة تخوض حرباً على نفسها ومواطنيها، وفي نفس الوقت تستخدم التسامح للترويج لقيّم “زائفة” لا يتمتع بها حتى المواطنون. وهنا يتساءل الإماراتيون والوافدون إلى الدولة لماذا لا تبدأ السلطات بتصحيح نهجها وعندها لن تكون بحاجة للدفع من أجل تحسين الصورة؟!.